المسرح اللبناني ... بين كوابيس الشكل وكواليس المضمون ـ أمين أبوراشد

الأربعاء 14 تموز , 2021 09:40 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

نعجز عن توصيف شعور المواطن اللبناني الواقف في طابور سفارة أو محطة محروقات، عندما يسمع على سبيل المثال ردّ فؤاد السنيورة على تصريح البطريرك الراعي، أن الطائف لم يحدِّد مُهلةً للرئيس المُكلَّف في تقديم التشكيلة الحكومية. ويغرق المواطن في تحليل السيناريو الشكلي لهذه المعضلة على مسرح التكاذب، فيما كواليس المضمون تؤكد، أن السنيورة والراعي في جبهةٍ واحدة بمواجهة بعبدا، وأن السنيورة ينطق بإسم الراحل رفيق الحريري كأحد صُنَّاع ذلك الطائف "لقصقصة" جناح رئيس الجمهورية، والراعي ينطق بإسم كرسي الصرح، الذي رعى وبارك في يومٍ مشؤوم بشخص البطريرك صفير ذلك الإتفاق الملعون.
ومهما اختلفت الآراء الشكلية بين "خصوم" العهد، فإن الصُلح بينهم يتمّ عبر تبويس اللحى، على غرار تلك المشهدية التي تُظهر البطريرك الراعي فاتحاً يديه للسنيورة للتعبير عن رغبة المُعانقة في زمن الكورونا، واضعاً الوصايا العشر على رفوف النسيان، تلك الوصايا التي ارتكب السنيورة الخطايا المميتة بحقِّ معظمها، وباتت مغفورة له ولفريقه كل خطاياهم منذ زمن "السامسونايت" حتى زمن الحوالات الى الخارج.
أخطر ما يتمّ تقديمه على المسرح حالياً، أن المُتابِع اللبناني بات جائعاً، وهو بالكاد لديه القدرة على متابعة المهازل، والتي كان آخرها رغبة سعد الحريري بالسفر الى مصر وشرح وجهة نظره الى الرئيس السيسي قبل إعلان الإعتذار عن التشكيل.
هكذا بكل بساطة، بات مصير عهد الرئيس ميشال عون مُعلقاً بإطارات طائرة سعد الحريري عند الإقلاع وعند الهبوط، والشكل "الطائفي" نسبةً لإتفاق الطائف، يخفي المضمون الطائفي نسبةً للطائفية وراء كواليس تعطيل هذا العهد، الذي لم ينجح لغاية الآن في دكِّ أساسات المزرعة الناشئة منذ التسعينات، لأن الرئيس عون يخوض حرباً لا يمتلك أسلحتها، وكل متاريس خصوم المقاومة مطلوبٌ منها توجيه كثافة نيران على جبهة بعبدا المُمتدة من بيت الوسط الى بكركي مع فتح جبهات إضافية عند الإقتضاء، شبيهة بتلك التي فُتِحَت من مجلس النواب منذ أيام، كدفوع شكلية عن طلب رفع الحصانة الذي رفعه القاضي بيطار في إطار التحقيق بجريمة المرفاً، بينما المضمون هو محاولة تعتيم نيابية على كل ارتكابات الطبقة السياسية وجرائمها المُتمادية منذ العام 90.     
ووسط كوابيس سيناريو العار والتمثيل السخيف على المسرح اللبناني، التي كان آخرها الإعلان من معراب عن تفاهم "قواتي" – سعودي، على إعادة تفعيل آلية تصدير المنتجات اللبنانية الى المملكة السعودية، نقف بذهول أمام الإرتكابات الحاصلة بحق العهد والحلفاء، عندما تنحدر العلاقات من مستوى دولة مع دولة الى دولة مع حزب أو ميليشيا، وتغدو الكهرباء من سورية ممنوعة، والنفط من إيران اعتداء على السيادة اللبنانية فيما تصريف الإنتاج اللبناني ينتظر "جمركته" من معراب!
تأخر كثيراً التيار الوطني الحر ومعه كل الحلفاء، في إدراك حقيقة كواليس مسرحية "الحُكم الممنوع من الحُكم"، التي تُرتكب منذ بداية عهد الرئيس عون، وعسى يتحرَّك دُعاة دعم العهد خلال الفترة الباقية من عمره، وتستقيل الحلقة الإستشارية المحيطة بالرئيس عون قبل فوات الأوان، كي لا تبقى أكاذيب الشكل التي يبتكرها خصوم العهد ستارة المسرحية على  مضمون ما يحصل خلف الكواليس من تدمير بقايا دولة...   


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل