"اسرائيل".. أي حرب على لبنان‎‎ ـ يونس عودة

الثلاثاء 13 تموز , 2021 08:57 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

ليس من الغرابة، ان تعمد القيادات الصهيونية واعلامها، على وضع لبنان على رأس اولوياتها، من خلال نثر السموم، عبر إعلان تل ابيب استعدادها لمساعدة لبنان في ضائقته الاقتصادية، وصولا الى إعلان نيتها، لا بل قرارها بالتدخل المباشر في لبنان والتلويح بحرب قادمة.
من الطبيعي ان يكون وجع الرأس المستمر والمقلق لدى قيادات الكيان الغاصب، مصدره الاقوى من لبنان، فهذا اللبنان، البلد المعدوم الامكانيات المالية، تمكن وحده، ومن خلال مقاومته الشريفة من الحاق الهزيمة الامر في تاريخ الكيان الذي تعلم قياداته ان وجود ما يسمى بدولة اسرائيل " آيل حتما الى الزوال"، وهو فعلا ما تناقشه مراكز الدراسات والتحليلات الاسرائيلية.
لقد روجت وسائل الاعلام الصهيونية والدولية، وبعض اللبنانية، لما تعمد وزير الحرب الاسرائيلي بيني غانتس ان يغزو به الوجدان الشعبي اللبناني بأن "إسرائيل مستعدة لمد يد العون للبنان  عبر قوات "اليونيفيل "،علما بانها قد عرضت عليه ذلك في الماضي"، وتابع: "مستعدون حاليا أيضا للعمل لدى دول وجهات دولية لكي نساعد لبنان في الخروج من الازمة الحالية نحو النمو والازدهار". 
لم يعط الخطاب الاسرائيلي، الذي يذكِّر اللبنانيين بأسوأ مرحلة من تاريخ لبنان الحديث مع بداية الحرب الاهلية، اي عندما اقدم الكيان الغاصب لفلسطين على مد خيوطه المسمومة الى جنوب لبنان عبر ما اسمته "الجدار الطيب"- بوابة فاطمة- بهدف نسج علاقات مع اللبنانيين في الجنوب بذريعة تقديم خدمات انسانية، لتحول اولئك المتعاونين معها الى اكياس رمل للدفاع عن مستوطناتها مقابل حفنة مساعدات اعتبرت انها ستكون، كفيلة بمنع نقل الحرب الى أرض العدو.
لقد اوجدت المخابرات الاسرائيلية قبل إعلانها عن افتتاح ذلك الجدار الذي فر عبره الاف العملاء في أيار عام 2000 عند اندحار القوات المحتلة، مجموعات تجسسية كانت راس الجسر للتدخل العسكري اللاحق برئاسة العميل سعد حداد، ومن بعده انطوان لحد، وسامي الشدياق وعقل هاشم والاخير قتل بعبوة زرعتها المقاومة، وصورت العملية الدقيقة بكل تفاصيلها، الخ.. 
لقد خلفت قوات الاحتلال بقايا العملاء الذين بقيوا أحياء وراءها، وكل من عمل لمصلحتها من اللبنانين دون إبلاغهم بانهاغير قادرة على البقاء، بفعل تصاعد عمليات المقاومة، وحتى على الاستمرار في تقديم الرعاية "الانسانية "لهم، لتلملم جنودها تحت جنح الظلام وتندحر، تاركة اولئك  ليلاقي كل منهم قدره، بعد ان اقفلت بوابات الجدار بوجوههم التي علاها الهلع، بعد ان استنفذت مآربها منهم.
بعد كل تلك السنوات ال"21" لم تتمكن اسرائيل من هضم هزيمتها، ولا تزال تبحث عن الانتقام، علها تستطيع استعادة صورة رسمتها  لجيشها، بانه دوما  المتفوق، ولا يقهر، بعد ان اذل على يد المقاومة في تلك الحرب، والحرب التي تلتها  بعد ست سنوات.والواضح انها لم تجد سبيلا، او فكرة يمكن ان تحقق حلمها الممنوع.
لقد احاطت قوات الاحتلال، الحدود غير النهائية- خط الانسحاب - من جنوب لبنان بالجدران المرتفعة، وصرفت المليارات على الانشاءات والتدريع، وعلى التجهيزات الالكترونية التجسسية فائقة الدقة، لا بل ان ذلك يعني تغييرا في المفهوم الامني، بمعنى أنه تحول الى دفاعي من خلال التحصينات، وهذا لم يكن موجودا في العقيدة العسكرية والأمنية الإسرائيلية، اي بمعنى اخر ايضا، فان الهدف محاولة منع المقاومة في اي معركة من الدخول الى المستوطنات والسيطرة عليها. 
من الواضح ان لدى الكيان الصهيوني خطة جديدة لاعادة انعاش خلاياه السرية، مسنودة بعديد من بقايا الميليشيات الذين تطوع عدداً منهم في جيش الاحتلال، وجهازاً اعلامياً بعضه داخلي، لم يتعظ من دروس لا تزال حية، ولم يكن اقامة نصب قبل أيام كرمز للعلاقة بين اسرائيل وعملائها، الا خطوة في مسار لاستعادة الفتنة، واستعادة ثقة العملاء  عبر وعد وزير الحرب، بيني غانتس، بألا يقتصر عمل الحكومة الاسرائيلية على الشؤون الرمزية، بل أن يحل بقية "المشاكل الإنسانية "التي تعانيها عائلات قتلى الميليشيات والعناصر الموجودة داخل الكيان "من جراء التقصير والإهمال الإسرائيلي".
ان توقيت اقامة النصب، ومن ثم الاعلان عن استعداد الكيان لمساعدة لبنان، ومن ثم التسريب على لسان مصدر امني اسرائيلي عن انهيار الوضع في لبنان، واستعداد اسرائيلي للتدخل، وكذلك التصريح العلني لرئيس وزراء العدو نفتالي بينيت في جلسة مجلس الوزراء بان "الدولة اللبنانية على حافة الانهيار مثلها مثل جميع الدول التي تستولي عليها إيران، وهذه المرة المواطنون اللبنانيون يدفعون الثمن، وهو يعني أن اللبنانيين يدفعون ثمنا باهظا بسبب استيلاء إيران على دولتهم"،  وأنه ووزيري الخارجية يائير لابيد والدفاع بيني غانتس يتابعون الوضع في لبنان عن كثب،وأن إسرائيل "ستبقى على أهبة الاستعداد".كل ذلك مؤشرات خطيرة عما يبيته العدو.
ربما لدى العدو اعتقاد بان الظروف نضجت للثأر، وان الساحة اللبنانية بمشكلاتها باتت مساعدة مثلما حصل عشية الاجتياح عام 1982، لكن من الواضح انه لم يفهم ايضا، ان القوى التي تقاتل المشروع الصهيوني هي غير ما كانت عليه انئذ، وهي استفادت من التجارب السالفة، لن يكون هذه المرة على ذاك النسق، ومن لا يتعلم من التجارب ولا سيما الذين انخرطوا مع عدو لبنان، لن يكون لهم مستقبل، بل ستكون نهاية اذل من نهاية اسلافهم.  


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل