من أسقط الطائرة في غوسطا؟ ـ عدنان الساحلي

الجمعة 09 تموز , 2021 09:43 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

لولا بعض الإهتمام الخجول، لمر مرور الكرام خبر سقوط طائرة مدنية صغيرة في أحراج بلدة غوسطا الكسروانية، على الرغم من مقتل سائقها وإثنان من الركاب كانا معه. وهذا بحد ذاته سبب يدعو للإهتمام بالحادث المؤلم. في حين أن ذلك الإهتمام المحدود، كان مضطرباً ومتناقض المعلومات.
الطائرة قيل أنها للتدريب وتتبع لشركة  Open sky Aviation. وأنها إصطدمت بجبل بسبب الضباب الكثيف، الذي كان يلف المنطقة، فيما كانت على ارتفاع 2500 قدم. وتُستخدم مثل هذه الطائرة عادة للتدريب، أو للقيام بجولات سياحية، أو لاحتفالات خاصة لقاء بدل مالي.
ونقلت وسائل إعلام عن رئيس بلدية غوسطا، قوله عن ملابسات الحادث، إنّ "المعلومات الأولية تشير إلى أنّ عطلاً طرأ على الطائرة، فاصطدمت بشكل خفيف بأسطح أحد المنازل قبل أن ترتطم بالحرش".
وفي وقت لاحق، أشارت المديرية العامة للطيران المدني، إلى أنّ (شركة الأجواء المفتوحة "Sky Open Aviation")، "وهي شركة تدريب على قيادة الطائرات، تقدّمت بطلب إلى رئاسة مطار رفيق الحريري الدولي- بيروت، لإصدار بطاقات دخول يومية إلى حرم مبنى الطيران العام وحظيرة الطائرات لشخصين؛ وذلك بهدف السياحة على متن إحدى طائراتها من نوع Cessna 172S ذات التسجيل  OD-AAB".
وأكّدت المديرية في بيانها، أنّ الطائرة المذكورة "أقلعت اليوم (أمس) عنـد الساعة 1:30 بالتوقيت المحلي، باتجاه جونية – جبيل ساحلياً، استناداً إلى خطة طيران تمت الموافقة عليها مسبقاً من قبل مصلحة الملاحة الجوية التابعة للمديرية العامة للطيران المدني".
وتابعت: "نحو الساعة 1:50 بالتوقيت المحلي، سقطت الطائرة في منطقة غوسطا- قضاء كسروان، بعد انحرافها عن مسار خطة الطيران؛ وعلى متنها ثلاثة أشخاص بمن فيهم قائد الطائرة".
 وأكدت "أن وزير الأشغال العامة والنقل شكّل على الفور، لجنة تحقيق تضمّ خبراء مختصين للتحقيق بالحادث. وأعطى توجيهاته للجنة بإنجاز التحقيق بأسرع وقت ممكن". 
في السياق، نقل الإعلام عن مصدر في شركة" Open sky aviation " التي كانت تسيّر الرحلة، أن اجراءات السلامة تطبّق كالمعتاد، كما أن "الطائرات المستخدمة في الرحلات السياحية تخضع لصيانة دورية"، لكنه فضّل التريّث حتى انتهاء التحقيق في الحادث.
وتولت عناصر من الدفاع المدني، بمؤازرة وحدات من الجيش المنتشرة في المنطقة، سحب القتلى الثلاثة من الطائرة، إلى المستشفيات القريبة.
وبين الإصطدام بجبل، أو بسطح أحد المنازل. وبين حصول عطل، أو إنحراف الطائرة عن مسار خطة طيران تمت الموافقة عليها مسبقا، أو ضياعها في الغيوم الصيفية الكثيفة، أو إنطفاء المحرك، أو حصول تشويش، تبدأ مسيرة تضييع الحقيقة التي إعتاد اللبنانيون على حصولها، كلما وقع حادث يطال بتفاصيله جهات لبنانية معينة. 
وكيف سيصدق اللبنانيون ما سيعلن عن السبب الذي أدى إلى سقوط الطائرة، بينما هم ما زالوا ينتظرون منذ عام تقريباً، معرفة السبب الحقيقي لكارثة "الإنفجار النووي" في مرفأ بيروت، وسط تعتيم وتضليل وتراشق إتهامات ومعلومات متناقضة، لم يحسم المعنيون في الجهات الرسمية صحتها من فبركتها.
ولذلك بدأت الأسئلة تتوارد: هل أن لسقوط الطائرة في غوسطا، القريبة جداً من معراب،  ؟ أم أن الطيار إرتكب خطأ قاتلاً وانحرف عن مساره أم لا؟
وهل هناك علاقة للمكان حيث سقطت الطائرة، في الجبل المطل على عوكر والساحل ومباني السفارة الأميركية، التي تشبه قاعدة عسكرية مدججة، أكثر مما تشبه سفارة دبلوماسية مدنية؟ وهل هناك شيء ما يحصل في تلك المنطقة، حتى يقوى فيها التشويش إلى حد إيقاع "عمى الطيران" بالطيارين؟ 
والأهم، أن البعض بدأ يقول بأن السبب الفعلي للحادث، كان تعرض الطائرة لإطلاق نار، لأنها عبرت أجواءً خطرة، مما أخاف الكابتن الذي يقودها، فاضطر إلى الإنخفاض بها وعرضها للإصطدام بسطح منزل، أو بحافة جبل. كما أن موقع الحادث القريب من عوكر، حيث التشويش الراداري شديد جداً، يمكن أن يكون السبب. وقيل أن الطيار دخل بين الغيوم. ولماذا يقوم بالإنخفاض بالطائرة إذا دخل بين الغيوم؟ 
هنا يجدر السؤال عن دور برج المراقبة في مطار بيروت، ليوجه الطيار بالرادار إلى طريق العودة. ومثل هذه الطائرات مزود بجهاز "جي. بي. إس" (garmen ). وكيف يمكن لبرج المراقبة ألا يشاهد الطائرة وهي تقترب من اليابسة؟
كل ذلك يستدعي من المسؤولين القيام بتحقيق شفاف، يوصل إلى حقيقة ما جرى، خصوصاً أن البعض سارع إلى حرف التحقيق نحو متاهات شخصانية، مثل القول أن الطيار لا يملك رخصة طيران، في تناقض مع قول المصدر ذاته، بأن الطيار خريج جديد ومجاز وليس هاو. وكيف يكون "كابتن" ولا يحمل إجازة ويقود طائرة؟ وما دخل مدربه في ما حصل حتى يتم حشر إسمه في الخبر؟
هذه التساؤلات المشروعة نتيجة عدم ثقة اللبنانيين بالتحقيقات التي طالت أكثر من قضية مؤخراً، تتطلب من جهات التحقيق إستدعاء كل الطيارين الذين يعملون في الشركات الخاصة ويطيرون فوق منطقة الحادث، لسؤالهم هل أن جهاز (garmen) يغطي كامل إحداثيات خط الطيران أم لا. أم أن التشويش على هذا الجهاز في هذه المنطقة يضيّع الطيار ويعطيه معلومات غير دقيقة، أو مضللة؟    
وبديهي السؤال: لو أن هذه الطائرة سقطت في خلدة، على سبيل المثال، أو في البقاع، هل كنّا سنشهد شبه الصمت الحاصل، أم أن أصوات التشكيك والإتهام كانت ستعلوا في سماء الإعلام الموجه وغيره.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل