إنسحاب أميركا من أفغانستان أقسى من نكسة فيتنام ـ أمين أبوراشد

الأربعاء 07 تموز , 2021 12:19 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

عشرون عاماً من التدخُّل اليائس في أفغانستان لتطويع جماعة طالبان المُتشدِّدة، استلزمت سنوات من الحوار الأميركي في الدوحة لتأمين الخروج الآمن للقوات الأميركية خالية الوفاض، والأهداف التي وضعتها واشنطن عند دخولها الى ذلك البلد بعد أحداث 11 أيلول 2001، لم يتحقق منها سوى المزيد من تعزيز الكراهية للغرب، في مجتمعٍ عشائري مُنغلق على عادات وتقاليد وأعراف قد تكون الأكثر رفضاً للدخلاء الخارجيين كائناً من كانوا، وربما كان على أميركا قراءة تجربة الإتحاد السوفياتي خلال إحتلاله أفغانستان لعقدٍ من الزمن بين عامي 1979 و 1989، لتتأكد أن قمع المجتمعات المُتجانسة فكرياً ودينياً واجتماعياً لا يُفضي لأية نتائج.
يقول جوليان بورغر محرر الشؤون العالمية في صحيفة "الغارديان": "كان الدرس العسكري المُستفاد من فيتنام، أن الولايات المتحدة لا تستطيع القيام بمكافحة تمرُّد على بُعد آلاف الأميال من الوطن، ضد عدوٍّ مدفوع إيديولوجياً ومتجذِّر في مجتمع يرى القوات الأميركية في نهاية المطاف قوة احتلال، لقد كانت فيتنام درساً تمّ نسيانه في الحماسة التي أعقبت هجمات الحادي عشر من سبتمبر".
وفي كتابها "خيارات صعبة"، نزفت هيلاري كلينتون أسرار الإدارة الأميركية وفضحت ما يحصل خلف أبواب البيت الأبيض المُغلقة على غُرف القرار السوداء، وكما اعترفت بالوعد الأميركي إنشاء دولة للأخوان المسلمين في سيناء، واعترفت بالقول: نحن مَن صنعنا "داعش"، فإن محاولات هذا التنظيم نقل أنشطته الى أفغانستان، كان محاولة أميركية أخيرة للقضاء على جماعة طالبان من خلال خلق صدام بين أكثر تنظيمين مُتشدِّدين في العالم الإسلامي، لكن الإنتماء القومي لطالبان حال دون إمكانية الخرق من أي تنظيم آخر لا تجمعه به سوى الكراهية للغرب.
ويُشير كاتب "الغارديان"، الى أن ما لا يقلّ عن 50 منطقة من أصل 400 من أفغانستان قد سقطت بأيدي طالبان، ومع بدء رحيل القوات الأميركية، يحاول المدنيون الأفغان تنظيم ميليشيات جديدة للدفاع عن انفسهم ضدّ القوات المُنتظِرة في المناطق المحيطة بهم، مع شعور البعض منهم بخيانة الأميركيين لهم.
النتائج التي حققتها أميركا في أفغانستان بعد  أطول حربٍ خاضتها في تاريخها تُقارب الصفر في الحرب التي تدَّعيها على الإرهاب، والشعب الأفغاني الذي كان مُنقسماً بين موالٍ للحكومة الديموقراطية ومؤيِّد لِحُكم الشريعة وفق نظرة طالبان، بات الآن مُنقسماً ما بين مُجاهد لإزالة الإحتلال الأميركي وبين عميلٍ تعاون مع الأميركيين وينتظر التنكيل به على أيدي طالبان والقبائل المناوئة لأي وجود غربي على الأرض الأفغانية.
وكما حاولت أميركا تحويل العراق الى ساحة صراع مذاهب، وكرَّست "لبننة" ذلك البلد في توزيع الرئاسات، وعمِلت على تحريض الأكراد في الشمال لإعلان كردستان دولة مستقلة لتمزيق وحدة العراق، فعلت في سوريا الشرّ نفسه، من الغوطة الشرقية الى أقاصي حلب ووصولاً الى المناطق التي تُسيطر عليها "قسد" في الشمال ذا الغالبية الكردية، تدمير وتهجير وقتل، مرتديةً "الكفوف البيضاء" تطبيقاً لشعار الرئيس الأسبق باراك أوباما لخوض الحروب في بلدان الآخرين عبر المُغفَّلين من شعوب تلك الدول، وها هي أميركا تنسحب من أفغانستان تاركة شعباً بعضه راهن عليها و بدأ مع بدء إنسحابها يتقاتل من أجلها وبسببها، وترحل الى حيث تنتظرها ساحات أخرى لإشعال حروب جديدة وضرب الشعوب بالشعوب بأيادٍ أميركية مُجرمة تكسوها "الكفوف البيضاء" ..


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل