إبريق زيت الحوار اللبناني 1697 - 2021 وما بعدها (16) ـ أحمد زين الدين

الثلاثاء 06 تموز , 2021 10:59 توقيت بيروت أقلام الثبات

حوارات عهد سليمان .. لم تغن ولم تسمن

أقلام الثبات

ثمة أسئلة كثيرة يطرحها اللبنانيون، كلما سمعوا عن حوار مزمع، أو التحضير لحوار، ومن هذه الأسئلة:
ماذا يمكن أن ينتج، وماذا ينتظرنا بعده وهل نحن أمام هدوء واستقرار أم أمام مرحلة جديدة من مخاض صعب لا يعرف متى ينتهي؟
واللبنانييون كما كانت حواراتهم تنتج أحياناً أزمات أو مدخلاً لأزمات كبرى، وحروب، كانت أيضاً مدخلاً لحلول، وفي كل الحالات، فإن التشديد والعمل من أجل الحوار له معنى واحد أن هناك أزمة ولابد من حل لها.

بعد انتخاب العماد ميشال سليمان رئيسا للجمهورية، بشكل مخالف للدستور وتحديداً المادة 49 منه التي جاء فيها "كما أنه لا يجوز انتخاب القضاة وموظفي الفئة الأولى، وما يعادلها في جميع الإدارات وسائر الأشخاص المعنويين في القانون العام، مدة قيامهم بوظيفتهم وخلال السنتين اللتين تليان تاريخ استقالتهم وانقطاعهم فعلياً عن وظيفتهم أو تاريخ إحالتهم على التقاعد"، عادت مسيرة الاستقرار فشكلت في عهده اربع حكومات استغرق تشكيلها وصدور مراسيم تأليفها نحو ثلث ولاية العهد، كما شهد العهد 14 جلسة حوار في قصر بعبدا، قامت على نفس الأسس الذي شهدته جلسات الحوار في البرلمان منذ الثاني من آذار 2006، فعقدت الجلسة الأولى في 16 أيلول 2008، وبعد انقطاع عن هذه الجلسات منذ 20 أيلول 2012 كانت الجلسة الأخيرة 31آذار 2014. 
قبل أكثر من عشرة أيام من هذه الجلسة، عُمّم على وزراء حزب الله ونوّابه وقيادييه بعدم إعطاء أي موقف من دعوة الرئيس ميشال سليمان الى طاولة الحوار. الجميع كان في انتظار خطاب الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله في عيناتا في 29 آذار. لم يعط السيد موقفاً نهائياً وحاسماً. أوحى بعدم المشاركة. أغلق الباب، قبل أن يقفله بالمفتاح رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد 30 آذار. أعفى السيد حلفاءه من الإحراج. يدرك أن للعماد ميشال عون حسابات رئاسية، وأن الرئيس نبيه برّي، صاحب "براءة اختراع الحوار"، لا يمكنه التغيّب بحكم موقعه رئيساً لمجلس النوّاب. في خطابه انئذ، دعا السيد نصراه و اللبنانيين الى "أن يهدأوا وأن يأخذوا نفساً". لكنه أعاد، بعد شهر، التذكير بخطاب "الذهب والخشب" السليماني. 
بعد خطاب "الذهب والخشب" السليماني، كان الرئيس برّي يخوض مساعي حثيثة لترتيب الأمر، إذ لا يمكن أحداً، في المطلق، أن يرفض دعوة الى الحوار. أُعطيت هذه المساعي فرصة. لكن رئيس الجمهورية زاد الطين بلّة. "عماها بدل أن يكحّلها" عندما اعتبر أن "الذهاب إلى القتال في سوريا كسر ضلع المقاومة في المعادلة الثلاثية". أثناء "مفاوضات" البيان الوزاري، كان الجميع يسعى الى التهدئة، فيما رفع الرئيس راية "إعلان بعبدا". اكتفى سليمان بتوجيه الدعوة من دون توفير المناخات الملائمة. 
وفي جلسة 31 آذار لم يتم البحث في الاستراتيجية الدفاعية، ولا في "اعلان بعبدا" الذي تم الإعلان عنه في جلسة الحوار التي عقدت بتاريخ 11 حزيران 2010، وجاء فيها: "انعقدت هيئة الحوار الوطني في مقر رئاسة الجمهورية في بعبدا برئاسة الرئيس ميشال سليمان ومشاركة أفرقاء الحوار وقد تغيب منهم: الرئيس سعد الدين الحريري ورئيس "حزب القوات اللبنانية" سمير جعجع، كما تغيب الوزير محمد الصفدي بداعي المرض.
وبنتيجة التداول تم التوافق على المقررات التي اعتبرت بمثابة "إعلان بعبدا" يلتزمه جميع الأطراف وتبلّغ نسخة منه إلى جامعة الدول العربية ومنظمة الأمم المتحدة. خصوصاً البند التالي: تحييد لبنان عن سياسة المحاور والصراعات الإقليمية والدولية وتجنيبه الانعكاسات السلبية للتوترات والأزمات الإقليمية، وذلك حرصاً على مصلحته العليا ووحدته الوطنية وسلمه الأهلي، ما عدا ما يتعلق بواجب التزام قرارات الشرعية الدولية والإجماع العربي والقضية الفلسطينية المحقة، بما في ذلك حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى أرضهم وديارهم وعدم توطينهم".
وفي الخامس من أيار عام 2014 وقبل عشرين يوماً من نهاية ولاية ميشال سليمان، دعا رئيس الجمهورية هيئة الحوار الوطني للاجتماع في قصر بعبدا، فكانت هذه الجلسة باهتة، وغاب عنها كل قيادات ما كان يسمى 8 آذار، ومعه التيار الوطني الحر والعماد ميشال عون، فكان ذلك رسالة سياسية واضحة من هذه القوى بأنه لا إمكانية للتواصل مع سليمان، ولا لتوجيه تحية وداع له قبل رحيله عن القصر الجمهوري في 24 أيار.
كان ميشال سليمان قد انقلب على موافقة المعلنة بشأن المقاومة، والسلاح، إضافة إلى موافقة من انخراط حزب الله في مواجهة القوى الإرهابية والتكفيرية في سورية وعلى الحدود اللبنانية ـ السورية.
وبغياب هذه القوى عن الجلسة السليمانية الأخيرة للحوار، تحولت تلك الجلسة إلى حفلة توجيه التحيات والشكر لميشال سليمان من قبل ما بقي من قوى 14 آذار.
وانتهت ولاية الرئيس سليمان من دون ان يتمكن مجلس النواب من انتخاب خلف له فاستمر الفراغ الرئاسي 888يوما، حفلت بالتطورات والحوارات الجانبية، كان ابرزها الحوار الذي رعاه الرئيس نبيه بري في عين التينة بين "تيار المستقبل" و"حزب الله" حيث عقدت جلسات عديدة أعرب المتحاورون فيها رغبة في عدم التصعيد والعمل على إعادة تفعيل المؤسسات.

يتبع ... 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل