افغانستان من الاحتلال الى الحرب الاهلية ـ يونس عودة

الثلاثاء 06 تموز , 2021 09:45 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

تواصل الولايات المتحدة الاميركية "ضبضبة " قواتها وقوات الاطلسي للخروج الامن من افغانستان ،كتعبير واضح وصارخ عن الهزيمة التي لحقت بها، وبالطبع هي هزيمة ستكون لها تداعيات تلحق هزائم متنوعة بالولايات المتحدة سياسيا وعسكريا، وان حاولت الادارات الاميركية تزيينها بوشاح زهري مزيف، قاصر عن ستر حقيقة الخسارات المتعددة، كنتاج لسياسات الغزو، باستثناء المعاناة التي خلفتها للشعب الافغاني.
لقد غزت القوات الاميركية افغانستان في 7 تشرين اول 2001 بذريعة عدم تسليم حركة طالبان، زعيم تنظيم "القاعدة"اسامة بن لادن، الذي اتهمته واشنطن (ادارة جورج بوش الابن)، بأنه وراء عملية 11ايلول ،التي نالت من هيبة اميركا الامنية والاقتصادية والعسكرية ،جراء تدمير ناطحات السحاب - برج التجارة العالمي -عبر اختراقه بطائرتين، واستهداف البنتاغون - رمز القوة الاميركية المتعجرفة -
لقد بنت الولايات المتحدة عملية الغزو على قواعد بمضامين كاذبة مثل الاسم الذي اطلقته عليها "الحرية الباقية"، في مخاطبة ترويعية للعالم، بأن ما تبقى من "حرية" مهدد بالزوال، وعليه حشدت القوات لتنفيذ الغزو الذي شارك فيه تحالف ضم أكثر من 40 دولة، من ضمنها طبعاً دول حلف شمال الأطلسي "الناتو".
 بدات عملية الغزو بعواصف نارية غير مسبوقة حتى ذلك الحين عبر الصواريخ والغارات الجوية فألقت الطائرات اطنان المتفجرات بسويعات ،لتغطية الغزو المجوقل اميركيا - بريطانيا - كنديا-استراليا في البداية لتلتحق فيما بعد وفق الخطة وانجاز التحضيرات، كل قوات الدول الاطلسية بما فيها تركيا، في ملاحقة قوات طالبان التي لجأت الى الجبال المعقدة التضاريس، ولا سيما جبال "تورا بورا"، حيث استخدم الغزاة مخزونا هائلا من الصواريخ والمتفجرات، واحدث ما انتجته مصانع القتل والتدمير، باستثناء السلاح النووي،وعملت بموازاة ذلك على زرع الشقاق بين القبائل الافغانية، وهذه من اخطر نتائج الغزو.
من المعروف، ومن كل التجارب، ان احد اعمدة السياسةالاميركية ،لجؤ القوات الغازية إلى بذر الفتن، وهذا الامر عبر عنه ببساطة تقرير للاستخبارات الاميركية، خلص إلى أن الحكومة الأفغانية ستسقط بيد طالبان في غضون 6 أشهر، بمجرد اكتمال الانسحاب الأميركي، فيما بدأت طالبان فعليا بالتمدد، وقد سيطرت على منافذ حدودية مع طاجيكستان ،كما نقلت صحيفة"وول ستريت جورنال" عن مسؤولين في الاستخبارات الأميركية لم تسمهم، دحضهم ترجيحات سابقة بأن الحكومة الأفغانية ستبقى على قيد الحياة لمدة عامين بعد خروج الولايات المتحدة.
لم يعد بمستطاع الولايات المتحدة وقواتها حماية العملاء الذين عملوا في خدمة الغزاة ،وقال الجنرال الأميركي أوستن ميلر إن الأمن في أفغانستان يتدهور، مشيرا إلى أن الخسارة السريعة للمناطق في جميع أنحاء البلاد لصالح حركة "طالبان" هو أمر مقلق.وأوضح قائد قوات حلف شمال الأطلسي في أفغانستان أن هناك أسبابا متعددة لانهيار هذه المناطق، بما في ذلك إجهاد القوات والاستسلام والهزيمة النفسية والهزيمة العسكرية، محذرا من أن تصاعد العنف يعرض البلاد لخطر الوقوع في حرب أهلية دامية.
في الوقت نفسه بدأت الادارة الاميركية الضغط على دول مجاورة لروسيا لنقل الذين تعاونوا مع القوات الاميركية -(عملاء)- من افغانستان،وقال مسؤول بارز في الإدارة الأميركية إن إدارة الرئيس جو بايدن تكثف الاستعدادات لبدء نقل عشرات الآلاف من المترجمين الأفغان وغيرهم ممن عملوا مع القوات الأميركية خلال الحرب إلى دول أخرى وقال المسؤول إن وتيرة وضع الخطط تسارعت في الأيام الأخيرة لنقل هؤلاء الأفغان وعائلاتهم وهم الذين ساعدوا الأميركيين خلال الحرب التي استمرت 20 عاما تقريبا إلى دول أخرى أو أراض أميركية خلال النظر في طلباتهم.
عندما اعلنت الولايات المتحدة عام، 2003 ان العمليات الرئيسية ضد طالبان قد انتهت لم يدر في خلد البنتاغون ان الافغان باشروا اعداد انفسهم لجولة جديدة، وهذه المرة ضد المحتل، لتعلن الادارة الاميركية، وبعد 11 سنة من ذلك اي عام  2014 ان عملية "الحرية الباقية"، قد انجزت، اي انها قضت وحلفاءها الاطلسيين على من جاءت عملية الغزو لاجتثاثهم، وانها انتقلت الى عملية "حارس الحرية"، بمعنى انها اخضعت افغانستان لسطوتها، كانت توهم العالم كعادتها بان قواتها حسمت "الانتصار" على الارهاب، تماما كما اعلنت تكرارا عن دورها في سوريا، وغيرها، الا ان ما كانت تعتقده انتهى ،عاد من جديد وبقوة أكبر، لتدخل في عملية مفاوضات طويلة الأمد مع طالبان تكون نهايتها الانسحاب الاميركي .

لقد تحقق بالفعل ما حلم به غالبية الشعب الافغاني، واللافت ان صاحب الباع الطويل في الغزو ان كان لافغانستان او العراق ،دونالد رامسفيلد، وزير الدفاع انذاك، لفظ انفاسه مع تأكيد واشنطن نهاية الحلم الاميركي، وهو الشخصية المعروفة بقسوته، وحقده، اضافة الى انه محب للحروب وهو اب لحربين ذهب ضحيتهما ملايين البشر في افغانستان  والعراق.
عندما اعلنت القوات الأميركية الاسبوع الماضي مغادرتها قاعدة"باغرام"، وهي اكبر قاعدة للغزاة في افغانستان، تيقن الافغانيون ان الخاتمة للقوات الاميركية دنت، وتحققت بصورة نقيضة لما اشتهتها واشنطن التي صرفت 2 تريليون دولار وآلاف القتلى والجرحى من جنوده، لذلك فان الشهوات الاميركية في الحرب، واعادة تفعيل الاعمال الارهابية، سيكون من بين التوقعات الاساسية في امكنة اخرى وقال  قائد القيادة المركزية الأمريكية (CENTCOM) الجنرال فرانك ماكنزي، في هذا المجال: أن تقليص الوجود العسكري الأميركي في الشرق الأوسط قد يسمح لروسيا والصين بملء فراغ القوى، وتوسيع نفوذهما في الشرق الأوسط ومنطقة الخليج.ومن يعرف اميركا من الاشارة يفهم.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل