وظيفة الحريري .."السكافي حافي والخيَّاط عريان" ـ أمين أبوراشد

الأربعاء 30 حزيران , 2021 10:25 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

القريبون من الرئيس سعد الحريري، والذين كانوا على قُربٍ منه وفقدوا لاحقاً هذه النعمة، يعترفون، أن الرجل على غرار المرحوم والده، يُفضِّل العلاقات الخارجية واستقبال السفراء على ما عداها من جزئيات العمل السياسي الداخلي، وأنه يميل الى التفاعل والعمل مع رجال الأعمال وممثليّ القطاع الخاص أكثر من القطاع الحكومي واللجان الوزارية، مع تفوُّق الحريري الإبن على الأب في موضوع "سكن الطائرة"، وأنه كما وصَّفه الرئيس ميشال عون من الرابية يوماً : "يُمضي وقته في الجو ولا يبقى لديه وقت للعمل على الأرض".
وبما أن الحريري مُكلَّف بتشكيل الحكومة منذ تشرين الأول 2020، نجد أنفسنا ملزمين بمتابعة تحركات طائرته و"متى طار ومتى غطّ" وكانت آخر "غطَّة" له في مطار أنقرة قادماً من الإمارات، حيث التقى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وبحث معه العلاقات الثنائية بين البلدين، تماماً كما يبحثها في كل زيارة الى الإمارات أو مصر، ولو أن الإمارات هي مربط خيله هذه الأيام لأنه ممنوع من الدخول الى السعودية!!!
قراءتنا الهادئة تقول، أن الجمع بين المصلحة الخاصة والإستثمارات الشخصية مع العمل الحكومي نجح فيه المرحوم رفيق الحريري في لبنان، ويحاول نجله سعد السير في نفس الطريق مع فارقٍ كبير، أن الحريري الأب أسس سعودي أوجيه وسعد أفلسها، الى جانب الكثير من المؤسسات التي افتتحها الأب وأقفلها الإبن ولكن، السيرة السياسية هي نفسها، العمل بصفة "سفير غير مُقيم" لدولة إقليمية لدى دولة إقليمية أخرى هي أبرز مهمة ورِثها الإبن عن أبيه.
وقبل الدخول بتفاصيل وظيفة سعد الحريري حالياً كسفير غير مُقيم لدولة الإمارات لدى مصر وتركيا ومعهما قطر، نُذكِّر أنه في العام 2007 وكان ما زال يافعاً في السياسة، زار باكستان للدخول في معمعة الخلاف الذي كان حاصلاً بين برويز مشرَّف ونواز شريف المنفي يومذاك الى السعودية، وصرَّح الحريري من باكستان بما يلي: "جئت الى هنا لدعم رئيس الوزراء برويز مشرِّف لأنه كان صديق الوالد"، وصدَّق نفسه وصدَّقه المُطبِّلون من جماعة تيار المستقبل أنه يمتلك وزناً دولياً، لدرجة أنه يستطيع قلب المعادلات في دولةٍ نووية مثل باكستان تعداد سكانها يفوق 200 مليون نسمة.
والآن، ورغم وضع الحريري كرئيس مُكلَّف عاجز لأكثر من سبب داخلي عن تشكيل حكومة، أو لعدم رغبة منه لأكثر من سبب خارجي، فإنه بات في مهامه الإقليمية من مطار الى آخر، أشبه بالإسكافي الحافي والخياط العريان، يحفر بالإبرة لدى الآخرين، ويُمثِّل دولة الإمارات ومصر في رأب الصدع بينهما وبين قطر وتركيا على خلفية العداوة الناشئة بين المحور الإماراتي المصري المُعادي للأخوان المسلمين والمحور الحاضن لهم في قطر وتركيا.
بعد شهرين من تكليف سعد الحريري تشكيل الحكومة اللبنانية، عُقِدت في مدينة "العُلا" السعودية قِمَّة المُصالحة مع قطر في بداية كانون الثاني من العام الجاري، وبدا التمثيل الإماراتي على مستوى الشيخ محمد بن راشد بدلاً من محمد بن زايد، وكأن ولي عهد الإمارات لا يرغب اللقاء بأمير قطر بسبب الخلاف الجوهري مع قطر على علاقتها بالأخوان المسلمين ومعها أيضاً تركيا، وفي هذه الأجواء، بدأت المواقع الإخبارية تتناول الدور الذي تطوَّع من أجله سعد الحريري لنقل الرسائل بين المحورَين، ونحن لسنا نبتدع أخباراً من عندياتنا ولكن، على سعد الحريري تبرئة نفسه من مهام "سفير غير مقيم" لدولة الإمارات ومصر، لتطبيع العلاقات مع دولتيّ قطر وتركيا، لأنه مع أهمية هذه الدول الأربع على المستوى الإقليمي، لكنها ليست معنية بملف تشكيل الحكومة اللبنانية، الذي تمتدّ تشعباته حصراً من واشنطن الى الرياض مروراً بطهران، وكل ما يفعله سعد الحريري حالياً أنه يشتغل وظيفة أخرى غير رئيس حكومة مُكلَّف في لبنان، ويعمل على تعزيز علاقاته حيث لديه أو قد تكون لديه استثمارات خاصة يستخدمها لترقيع حذائه وقميصه في لبنان والولد سرّ أبيه ....


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل