انكفاءات اطلسية ـ أميركية ـ يونس عودة

الثلاثاء 22 حزيران , 2021 08:02 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

محطات كبرى شهدها العالم في الأيام الاخيرة ,من قمة جنيف بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والاميركي جو بايدن , الى الانتخابات الرئاسية الايرانية التي شكلت ارباكا وصفعة للدول التي تعادي الجمهورية الاسلامية , الى تمدد حركة طالبان في افغانستان مع بدء الانسحاب الاطلسي من هذا البلد والذي يفترض ان يخرج اخر فلول القوات الاميركية في ايلول المقبل بذكرى 11 ايلول التي استظلتها واشنطن لاحتلال افغانستان قبل العراق , وكذلك محاولة التمدد التركي الى افغانستان واذربيجان ,وصولا الى ابلاغ واشنطن السعودية التي تشن حربا على اليمن نيتها سحب  8 بطاريات صواريخ باتريوت من دول بينها السعودية والكويت والأردن والعراق.
من المؤكد ان قمة بوتين - بايدن لم تحقق ايجابيات يعتد بها سوى ان اللقاء حصل , وان عودة سفراء البلدين الى أماكن عملهما باتت حقيقة , من ضمن التفاهم على التواصل ليس الا , اما في كل القضايا المقلقة على المستوى العالمي من الامن السيبراني الى الاستقرار الاستراتيجي وما بينهما لم تحصد اي نتيجة، وبالتالي فإن الكثير في الجغرافيا السياسية العالمية يعتمد على الطريقة التي تتصرف بها أميركا اليوم. فقضايا أوكرانيا وبيلاروسيا وسورية لا تغير الجغرافيا السياسية. بينما يمكن لسلوك الصين أن يغير الوضع جذريا على المسرح العالمي , سيما ان واشنطن لم تنجح في اخفاء عدوانيتها اتجاه الصين , ومحاولة ابعاد روسيا عن الحليف "الاصفر, الامر الذي شكل  العقدة الأساسية لصناع القرار في واشنطن مع هذا الفشل ولو ان الرهان العميق كان يتمحور حول  استعادة لرغبة روسيا السابقة في الاندماج مع الغرب. لكن روسيا  تعزز العلاقات مع الصين .
لقد اظهرت القمة ان بوتين ممسك أكثر بالحقائق والوقائع , ولذلك رفض الاميركيون ان يعقد الرئيسان مؤتمرا صحافيا مشتركا أمام العالم كي لا يظهر بايدن ضعيفا كما حصل مع سلفه دونالد ترامب أمام بوتين , وهو ما اقرت به مراكز الدراسات الاميركية ومحلليها المخضرمين .
لقد دخل المشهد العالمي , صورة جديدة , عبر الانتخابات الرئاسية الايرانية التي عقد الفوز بها للسيد ابراهيم رئيسي , الغني عن التعريف بصلابته ,وعدم المراوغة في السياسة كما هو في القضاء , الامر الذي شكل صعقة لا يستهان بها لكل من يعادي ايران , سيما مع فشل كل " البروباغندا" العالمية ولا سيما الاميركية - البريطانية - الاسرائيلية في مسألة الاقبال على الاقتراع ,لا بل جاء الاقتراع وبالنسبة التي فاز بها رئيسي , ليؤكد تمسك الشعب الايراني بالنطام الاسلامي , سيما في ضؤ تقدم ما يسمى بالجناح المحافظ في البرلمان وتحقيق الأغلبية المطلقة , وهذا يعني افشال كل المخططات والرهانات من الغرب على مدى 42 عاما لاسقاط الجمهورية الإسلامية, وبالتالي جاء الفوز لتكامل البرلمان مع الحكومة , خلافا لرغبة واشنطن وملحقاتها في العالم بان تكون الحكومة في مواجهة البرلمان .
لا شك ان ملفات ثقيلة على المستويين الداخلي والخارجي ستكون امام حكومة رئيسي المعروف بانه "ابوالفقراء", فهو رغم المناصب التي تحمل مسؤوليات كبرى فيها لا يملك حتى سيارة , كما انه لم يهادن أي فاسد , وعمل على اصلاح القضاء من موقعه , وهو الموثوق شعبيا كما القيادة الايرانية بأنه قادر على الاصلاح الاقتصادي , ومعالجة التضخم. اما على المستوى الخارجي فالرهان معقود عليه بتسريع تنفيذ الاتفاق الاستراتيجي مع الصين , وتوسيع الشراكة مع روسيا , مما سينعكس حتما على الوضعين الاقتصادي والمالي في الداخل , من دون ان يقفل الباب على اي استثمار دولي , بشرط العودة الى مخرجات الاتفاق النووي بحرفيته وروحه, بعيدا عن الاستفزاز والتهديد , كما انه المتوقع مد اليد لدول الجوار على قاعدة الاحترام المتبادل , مع التشديد على رفض التأمر على ايران وسيكون في هذا السياق بعيدا عن المهادنة , كما انه سيشكل ظهيرا أقوى وأصلب, لمحور المقاومة .
ما حدث في جنيف , وايران , ليسا مفصولين عن القرار الذي اتخذته واشنطن بان البنتاغون "سيسحب ما يقرب من 8 بطاريات باتريوت من دول بينها العراق والكويت والأردن والسعودية، ومنظومة (ثاد) من السعودية، وسيتم تقليص أسراب المقاتلات المخصصة للمنطقة".وقال مسؤولون أميركيون  إن "إدارة الرئيس جو بايدن تقلل بشكل حاد من عدد الأنظمة الأميركية المضادة للصواريخ في الشرق الأوسط، في خطوة لإعادة تنظيم تواجدها العسكري في المنطقة، حيث تركز القوات المسلحة على التحديات من الصين وروسيا".
اذا عطفنا هذه التطورات على الانسحاب الاطلسي ولا سيما الاميركي من افغانستان والمقرر ان ينتهي قي ايلول المقبل , يمكن الاستنتاج بان الفتن والتدخلات الاميركية في المنطقة الى افول, ولذلك تحاول واشنطن ان تبقي على قليل من ماء الوجه أمام من استخدمتهم طوال الاعوام  العشرين المنصرمة , وفي هذا المجال قال مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، وليام بيرنز،  أنه "عندما ينسحب الجيش الأمريكي ستتضاءل قدرة الحكومة على جمع المعلومات والتهديدات". لكنه وعد بأن تحتفظ وكالة الاستخبارات "بقدرات" في أفغانستان."بعضها سيبقى هناك وبعضها سيتم إحداثه".
في ظل ذلك اعلن الرئيس التركي رجب طيب اردوغان استعداده لان تحتفظ تركيا بوحدتها العسكرية في أفغانستان إذا وافقت الولايات المتحدة على تقديم الدعم المالي المناسب, وهذا الموقف المعلن في ختام قمة الناتو في بروكسيل يؤشر الى ان الاطلسيين , وتركيا احدهم , سيدخل افغانستان في دوامة دماء محدثة , رغم ان الاطلسي فشل في تطويع حركة طالبان , فكيف بتركيا التي تحشر انفها في أي بلد لديه مشاكل .


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل