أقلام الثبات
لم يعد هناك اثنان يختلفان حول ما حققته ملحمة” سيف القدس” من نتائج هامة ومهمة في سياق الصراع وإدامته مع الكيان الصهيوني، على غير صعيد ومستوى، إلاّ الذين يتعمدون التقليل مما جرى، ولا يريدون رؤية تلك النتائج، التي يتحدث عنها قادة الكيان أنفسهم. وهذا لا يعني بأي حال من الأحوال، أنّه لم تسجل ملاحظات خلال وبعد انتهاء المواجهة - الملحمة، كجولة من جولات المواجهة المفتوحة مع العدو وكيانه المحتل.
ومن الملاحظات التي تمّ تسجيلها:-
1. غياب غرفة العمليات المشتركة، وكأنّ دورها قد انتهى مع بدء المواجهة العسكرية، وهذا ما ظهر بوضوح من خلال بيانات الكتائب المسلحة للمقاومة، كل باسمها وناطقها وبيانها العسكري. وما العروضات العسكرية التي نظمتها العديد من الكتائب المسلحة، كل على حدا، إلاّ الدلالة على إدارة الظهر لغرفة العمليات، وانتهاء دورها.
2. ما كان من المفترض، أن تتضمن بيانات الناطقين العسكريين، أعداد الصواريخ التي ستطلقها المقاومة، والمناطق المنوي قصفها.
3. رئيس حركة حماس في قطاع غزة يحيى السنوار، وخلال إطلالته بعد وقف إطلاق النار، تحدث عن الأنفاق وطولها، وما تضرر منها. صحيح هي رسالة لقادة الكيان أنكم فشلتم بما عملتم عليه خلال عدوانكم على القطاع. ولكن هناك معلومات يجب أن تبقى طي الكتمان، وعدم الإفصاح عنها.
4. أيضاً وخلال إطلالة السنوار، تحدث عن القبول بدولة في حدود العام 1967، وعاصمتها القدس. الأمر الذي اعتبره البعض على أنه رسالة لمن يعنيهم الأمر في الواقع الدولي والإقليمي بما فيهم الكيان، عن استعداد "حماس" الانخراط في مسار سياسي تفاوضي حول ذلك، وإن بطريقة عن مباشرة.
5. كذلك قول رئيس الحركة في قطاع غزة، إذا ما أراد الكيان إطالة عمره، عليه عدم المساس بالقدس والمسجد الأقصى
6. غياب السلطة وحركة فتح، خلال أيام المواجهة، وتحديداً الأيام الثمانية الأولى من معركة "سيف القدس". وهذا ما أظهرها ضعيفة، وكأنها غير معنية، مما سبب لهما الحرج الكبير أمام ما تتعرض له القدس وغزة وأهلنا في أراضينا المحتلة عام 1948.
7. السلطة وسعيها وراء أن تكون هي مرجعية إعادة ما دمره الاحتلال الصهيوني خلال العدوان على قطاع غزة. وكأن الهدف فقط هو الاستحواذ على أموال الاعمار. وهذا ما نُسب إعلامياً لكل من عضوي اللجنة لمركزية لحركة فتح، عزام الأحمد وجمال محيسن. الأحمد قال :- أرسلنا نائب رئيس الوزراء زياد أبو عمرو بمذكرة احتجاج موجهة للقيادة المصرية، بعد تهميش السلطة ومحاولة تجاوزها في موضوع الإعمار، واستلام التبرعات. وأضاف الأحمد، طالبنا المصريين بضرورة حصول السلطة على جزء من المساعدات، لوجود ضائقة مالية لديها. أما محيسن فقال :- القيادة المصرية تعمل بشكل انتهازي ومتفرد في موضوع إعمار قطاع غزة، ومن دون الرجوع للسلطة الفلسطينية. مضيفاً أنّ مصر تريد أن تحقق مكاسب اقتصادية وسياسية تخدم مصالحها. ونحن لن نكون أداة بيد أي من كان، وعليه أبلغنا المصريين اعتذارنا عن حضور أي لقاء فصائلي. وختم محيسن كلامه، بالدعوة إلى تصحيح المسار عن طريق إيداع جميع المبالغ المقدمة لإعمار القطاع في خزينة السلطة الفلسطينية.
8. الفصائل الفلسطينية المنخرطة في الحوارات إلى جانب حماس وفتح، لا زالت تعاني من فصام عدم القدرة على اتخاذ مواقف عملية، والإرتقاء إلى وضع آليات عمل تجعل منها نداً سياسياً حقيقياً إلى جانب الحركتين، لما تمتلكه من إرث نضالي كفاحي عمدته دماء الآلاف من شهدائها وجرحاها، والآلاف من الأسرى على مدار ما يزيد من نصف قرن من الزمن وحتى يومنا الراهن. وتأجيل أو إلغاء جولة الحوارات الأخيرة خلال شهر حزيران الجاري، من دون الأخذ برأيها، إنما دللّ على أنّ تلك الفصائل، وعلى الرغم من مواقفها التي يعتد بها، إلاّ أنّ دورها هو مباركة ما تتوصل إليه حركتي حماس وفتح من تفاهمات أو توافقات، فقط ليس إلاّ.
9. وأخيراً، لا يمكن أن تستقيم العلاقات الوطنية بين الفصائل، إذا ما استمرت عملية الاستحواذ والاستفراد، التي يشتم منها، التعاطي بالاستعلاء وبطريقة الأستذة.