الغرب والإرهاب .. الصورة الجديدة ولبنان ضمنا ـ يونس عودة

الثلاثاء 15 حزيران , 2021 08:03 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

من الواضح لكل المتابعين ،سواء اولئك الذين انخرطوا، او لم ينخرطوا، بالترويج لتغريب المنطقة بعد اغراقها في ويلات الحروب، او الذين وقفوا بصلابة ضد خطة الغرب واتباعه من دول المنطقة، لتدمير البلاد العربية اجتماعيا واقتصاديا انطلاقا من احقاد سياسية وكذلك شخصية، لأن الاطلسيين، يعملون بجد على استمرار الاستفادة من التنظيمات الارهابية ما امكن لتعزيز تدخلاتهم، وعلى رأس اولئك الولايات المتحدة الاميركية.
 في هذا السياق، يجري حاليا، وعلى أعلى المستويات الغربية، محاولة لتبرئة جبهة النصرة وفروعها الارهابية، من دم الابرياء، وتلميع شكلها بطلاء لا يمكن ستر معاصيها، ولا جرائمها بحق الانسانية .وكشف مصدر دبلوماسي متابع للمجريات  عن لقاء بين ابو محمد الجولاني ،زعيم "النصرة" وممثل عن المخابرات البريطانية "MI-6"هو المبعوث الخاص البريطاني الأسبق إلى ليبيا، جوناثان باويل". 
طبعا، هذا اللقاء الذي جرى مؤخرا، ليس الاول من نوعه، بعد الهزائم التي لحقت بالمنظمات الارهابية كافة على الاراضي السورية، وانتقال الغالبية العظمى من هؤلاء الى المناطق الواقعة تحت السيطرة التركية ولا سيما في أدلب حيث تمركز النصرة الأساسي، وتغيير اسمها الى "هيئة تحرير الشام ". ومن هنا يمكن الفهم بوضوح لماذا تراوغ انقرة، ونظام اردوغان في عدم تصنيف الجماعات الارهابية، رغم ان هذه الجماعة الى جانب "داعش" مصنفتين على رأس قائمة الارهاب في الأمم المتحدة .
ان اللقاء بين الجولاني وممثل المخابرات البريطانية حصل في منطقة إدلب لخفض التصعيد بالقرب من معبر باب الهوى على الحدود السورية - التركية، بالتزامن مع معلومات "تفيد  بأن استخبارات بعض الدول الغربية ترتب اتصالات بطريقة مع تنظيمات إرهابية دولية ناشطة في سورية"، يكمن الهدف الرئيسي من تلك اللقاءات، إمكانية شطب اسم "هيئة تحرير الشام" من قائمة التنظيمات الإرهابية، وبهذا ليس غريبا ان يقترح باويل على الجولاني ان يخرج في مقابلة تلفزيونية، يعلن فيها انه وجبهته ليس في حالة عداء مع الغرب، لا بل يسعى دوما الى إقامة تعاون وثيق معها. وانه لم يستهدف اصلا ولا في أي حالة مصالح الغربيين، وذلك حسب نصيحة العميل البريطاني. 
لقد اخذ البريطانيون، بالتنسيق مع الاميركيين الترويج للمقابلة على ان يجري  إشراك عدد من حلفاء بريطانيا، وبالدرجة الأولى الولايات المتحدة، في عملية تغيير صورة جبهة النصرة".
اللافت وبعد انكشاف اللقاء بين المخابرات البريطانية، والجولاني استعادت قناة "عربية" مقابلة اجراها الصحافي الاميركي مارتن سميث مع الجولاني في شباط الماضي لبرنامج وثائقي ،وطوال المقابلة التي نشرت، قبل أيام، كان الجولاني يكرر في إجاباته نقطة واحدة هي أن الهيئة حتى عندما كانت جزءاً من تنظيم "القاعدة" بين العامين 2011 و2016 لم تكن تؤيد أو تريد شن هجمات على الدول الغربية. وقال: "كنا ننتقد بعض السياسات الغربية في المنطقة، أما أن نشن هجمات ضد الدول الغربية، فلا نريد ذلك"، مضيفاً أن الهيئة "لا تشكل أي تهديد أمني او اقتصادي، للولايات المتحدة والدول الغربية، ويجب على هذه الدول مراجعة سياستها اتجاهنا". 
لقد ظهر الجولاني وهو يرتدى بزة رسمية لأول مرة متخلياً عن المظهر الديني أو العسكري اللذين التزم بهما حتى ذلك التاريخ، في محاولة مكشوفة من ضمن سيناريو التقرب من الغرب وتقديم نفسه كشخص متحضر يمكن التعامل معه. وذلك ترجمة لبعض ما اتفق عليه مع باويل، على ان تجري لقاءات اخرى، كما ان  موقع "المونيتور" الأميركي ومن ضمن حملة الطلاء للجرائم أورد مقالة اعتمدت على "ناشطين" في إدلب يبررون ظهور الجولاني بلباس غربي -"بدلة"- ويشيدون بما اعتبروه إنجازاته العسكرية والسياسية ومحاولته الانفتاح والترويج لصورة منفتحة ومعتدلة في الأوساط الدولية، وهو مايؤشر الى الغاية المركزية ل "المونيتور" من هذا الترويج لاحد سفاحي  فرع "القاعدة" في سورية، والتنظيم الإرهابي الذي انفصل عن "داعش" بسبب خلاف على النفوذ  مع أبي بكر البغدادي.
ان الرعاية  التركية ل "جبهة تحرير الشام" بقيادة الجولاني، والخطوات التركية على الارض في محاولة" تتريك"في المناطق المحتلة من جانب تركيا، والمساعي الغربية لنزع صفة الارهاب عن التنظيمات الارهابية، ليست الا ضمن سيناريو تم اعداده للمرحلة المقبلة من الصراع القائم، وكانت طلائع الرد السوري، شن غارة بعد معلومات عالية الدقة على موقع حساس في بلدة إبلين،اثناء اجتماع لما يسمى  "ألوية صقور الشام" و"هيئة تحرير الشام"، نتج عنها مقتل مسؤولين كبار من بينهم  المتحدث الرسمي باسم الجناح العسكري لـ"هيئة تحرير الشام” المدعو أبو خالد الشامي، ومسؤول التنسيق في الإعلام العسكري التابع لـ"الهيئة" المدعو أبو مصعب كما قتل اخرون يجري التكتم الشديد على اسمائهم .
ان المساعي الغربية لتلميع صورة منظمات إرهابية يمكن ان ينال لبنان شظاياها بحيث ان الارهابيين من جبهة النصرة وبعضهم يلوذ في تركيا، مثل شادي المولوي سيكون من ضمن تلك الاعمال القذرة، سيما اذا تمت مراقبة النشاط التركي في الشمال اللبناني، بالتزامن مع الازمة العاصفة التي يعيشها لبنان على كل المستويات ما يجعل البيئة مناسبة للعبث. 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل