2006 حوار البرلمان وسياسيو "باب أول"
أقلام الثبات
ثمة أسئلة كثيرة يطرحها اللبنانيون، كلما سمعوا عن حوار مزمع، أو التحضير لحوار، ومن هذه الأسئلة:
ماذا يمكن أن ينتج، وماذا ينتظرنا بعده وهل نحن أمام هدوء واستقرار أم أمام مرحلة جديدة من مخاض صعب لا يعرف متى ينتهي؟
واللبنانييون كما كانت حواراتهم تنتج أحياناً أزمات أو مدخلاً لأزمات كبرى، وحروب، كانت أيضاً مدخلاً لحلول، وفي كل الحالات، فإن التشديد والعمل من أجل الحوار له معنى واحد أن هناك أزمة ولابد من حل لها.
أمام المأزق الذي اخذت تدخل به البلاد منذ اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري في 14 شباط 2005، واتساع شقة الخلاف بين اللبنانيين، بحيث باءت كل المبادرات لرأب الصدع الآخذ بالتوسع بالفشل، في وقت لم تتمكن المحادثات الثنائية من الوصول الى أي حد من التفاهمات التي يمكنها ان تلجم التدهور السياسي الخطير، كان واضحا ان الانقسام العربي الحاد ينعكس بثقله على النزاعات اللبنانية، وإن كانت تحت شعار وحماية ومساعدة لبنان، فيما التدخلات الدولية وخصوصا الأميركية والفرنسية تزيد الانقسامات حدة وتهدد بأوخم العواقب، وبدا ان البلد يتجه بسرعة نحو الفتنة، هنا ابتدع الرئيس نبيه بري في 2 آذار الحوار الوطني الذي ضم 14 طرفا سياسيا برئاسة 14 قطبا لبنانيا، واعتبار أن كل كتلة نيابية مؤلفة من أربعة نواب، يحق لها المشاركة، وقد أطلق عليهم الرئيس بري أثناء الدعوة الى الحوار «باب اول»، وكل قطب جاء بالطبع بمعاونين ومستشارين فبلغ عدد الحضور على طاولة الحوار 42 شخصا في الطبقة الثالثة من المجلس النيابي، وكان لافتا انه مع اليوم الأول للحوار الوطني، غادر رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط إلى واشنطن في زيارة طويلة، بعد أن حضر جلسة الافتتاح للمؤتمر، حيث شن من العاصمة الأميركية حملة واسعة طالت الجميع، مؤكدا بعد كل لقاء مع مسؤول أميركي موقفه من ضرورة تنفيذ القرار 1559، واستقالة رئيس الجمهورية العماد اميل لحود وإنهاء دور المقاومة، وهو ما كان له صداه داخل المؤتمر.
يذكر أن رئيس المجلس النيابي كان قد حدد اعمال المؤتمر على النحو الاتي:
موضوع التحقيق في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ومتفرعاته أي:
- لجنة التحقيق الدولية
- المحكمة الدولية
- توسيع صلاحيات لجنة التحقيق.
موضوع القرار 1559 ومتفرعاته:
موضوع العلاقات اللبنانية - السورية ومتفرعاته.
وبعد أسبوع من الحوار تخلله عطلة ليوم واحد اتضح ان الحوار لا يسير على النحو الذي يأمله اللبنانيون، بالرغم من التصريحات المتفائلة التي صدرت عن الأطراف، فأعلن الرئيس نبيه بري عن تأجيل الحوار أسبوعا، وفي الواقع فإن التشنج سيطر على اجواء المؤتمر، خصوصا أمام تصويب النائب وليد جنبلاط من واشنطن على البنود المطروحة للحوار في المؤتمر الوطني، وتحديدا لجهة سلاح المقاومة ومزارع شبعا والقرار 1559.
وفي المؤتمر الصحافي الذي عقده الرئيس بري في خلاصة هذه الجولة، حاول ان يرطب الأجواء ويوحي أن الأجواء كانت إيجابية من اجل أن يواصل المؤتمر اعماله التي تقرر استئنافها في 14 آذار.
وفي نهاية جولة الحوار في 14 آذار أعلن الرئيس بري تأجيل جلسات الحوار إلى 22 آذار وحدد ما توصل إليه المؤتمرون على النحو الآتي: «تعلمون انه في الثاني من آذار في بداية الحوار انتهى ذلك اليوم بإعلان أن المتحاورين أجمعوا على موضوع الحقيقة ومتفرعاتها في ما يخص الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وبالتالي أقرّ موضوع لجنة التحقيق الدولية، وموضوع المحكمة الدولية، وموضوع توسيع مهمات لجنة التحقيق. بعد ذلك، وعلى مدى أيام عديدة بينها أمس واليوم، توصل المتحاورون إلى إجماع وتوافق تامّ على مواضيع عدة لا تقل أهمية في ما يتعلق بالموضوع الوطني عما سبق أن أقرّ».
في الموضوع الفلسطيني، انطلاقاً من وثيقة الوفاق الوطني وما نصّت عليه تحت عنوان بسط سيادة الدولة اللبنانية على كل الأراضي اللبنانية، والتزاما بمضمونها، وبعد تأكيد ضرورة احترام الفلسطينيين لسلطة الدولة والتزام قوانينها ورفض التوطين ودعم حق العودة للإخوة الفلسطينيين، اتفق المجتمعون على ما يأتي:
أولاً: حثّ الحكومة اللبنانية على متابعة جهودها في معالجة المسائل الحياتية والاجتماعية والإنسانية بالنسبة الى الفلسطينيين داخل المخيمات والفلسطينيين المقيمين خارجها في لبنان، مع ما يقتضيه ذلك من تسهيلات قانونية ومن متابعة جادة لدى المجتمع الدولي وتحمّل مسؤولياته لتأمين العيش اللائق الكريم للفلسطينيين الى حين عودتهم الى ديارهم.
ثانياً: بناء على قرار مجلس الوزراء في موضوع معالجة قضايا اللاجئين الفلسطينيين في لبنان والتزامه لجهة إنهاء وجود السلاح الفلسطيني خارج المخيمات في مهلة قدّرها ستة أشهر، ومعالجة قضية السلاح داخل المخيمات مع تأكيد مسؤولية الدولة اللبنانية والتزامها حماية المخيمات الفلسطينية من أي اعتداء، التزم المجتمعون العمل الجدي لتنفيذ ما ورد أعلاه ودعم جهود الحكومة للتوصل الى ذلك من طريق الحوار.
ثالثا: اعتبار الفقرة الواردة في مقدمة الدستور لجهة ان لا تجزئة ولا تقسيم ولا توطين، جزءاً من ميثاق العيش المشترك، وقد نصت الفقرة «ي» من الدستور على ان لا شرعية لأي سلطة تناقضها».
أضاف الرئيس بري: «أما في موضوع العلاقات اللبنانية السورية، انطلاقا مما ورد في مقدمة الدستور، لجهة ان لبنان الوطن السيد الحر المستقل عربي الهوية والانتماء وما تكرس في وثيقة الوفاق الوطني في الطائف لجهة العلاقات المميزة التي تقوم بينه وبين سوريا والتي تستمد قوتها من جذور القربى والتاريخ والمصالح الأخوية المشتركة، وبعد تأكيد ضرورة التنسيق والتعاون بين البلدين في شتى المجالات بما يحقق مصلحتهما في إطار سيادة كل منهما واستقلاله، اتفق المجتمعون على ان تنمية هذه الروابط تقتضي إرساءها على قواعد ثابتة وواضحة تؤدي الى تصحيح ما شاب هذه العلاقات من خلل، وذلك عبر:
أولاً: عدم جعل سوريا مصدر تهديد لأمن لبنان أو جعل لبنان مصدر تهديد لأمن سوريا وسلامة مواطنيهما في أي حال من الأحوال، ومن أجل ذلك يقتضي ضبط الحدود بينهما من الجانبين ودعوة الحكومة اللبنانية الى اتخاذ الإجراءات اللازمة لذلك من جهتها.
ثانياً: تكريس قاعدة عدم تدخل أي من الدولتين في شؤون الدولة الأخرى الداخلية.
ثالثاً: إقامة علاقات ندية بين الدولتين مبنية على الثقة والاحترام المتبادلين تتجسد في أقرب وقت ممكن بإنشاء علاقات ديبلوماسية بين سوريا ولبنان وعلى مستوى السفارات.
رابعاً: تفعيل ودعم اللجنة المشتركة بين البلدين لمتابعة إنهاء ملف المفقودين والمعتقلين في البلدين بالسرعة الممكنة.
أما على صعيد ما يتعلّق بمزارع شبعا، فقد أجمع المتحاورون على لبنانية المزارع، وأكدوا دعمهم للحكومة في جميع اتصالاتها لتثبيت لبنانية مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وتحديدها وفق الإجراءات والأصول المعتمدة المقبولة لدى للامم المتحدة.
ويبقى أيضاً انه جرى نقاش ولكن لا يزال أيضاً في حاجة الى متابعة، في موضوع رئاسة الجمهورية، وقد أجمع المتحاورون على وجوب مناقشة الموضوع لمعالجة أزمة الحكم القائمة في البلد.
كذلك في ما يتعلق بسلاح المقاومة لا يزال هذا الأمر قيد النقاش. ومن أجل ذلك ومن اجل أمور أخرى أيضاً لا تزال في حاجة الى علاج، أرجئت الجلسة الى الاربعاء في 22 الجاري».
وفي الموعد المحدد عقدت الجلسة الحوارية الجديدة، وكان واضحا منذ بدايتها أن الأجواء ليست على ما يرام بالرغم من محاولات إظهار الأمور على عكس ذلك، وهنا كان تأجيل جديد لمتابعة الحوار إلى الاثنين 27 آذار، حيث كانت هناك جلسة قصيرة لم تتجاوز الساعتين ونصف الساعة، أعلن في ختامها الرئيس بري تأجيل الحوار إلى الثالث من نيسان لمتابعة البحث في الملف الرئاسي، لكن مؤتمر القمة العربية الذي عقد انئذ في الخرطوم، اظهر مدى الانقسام اللبناني، لأن الرئيس فؤاد السنيورة لم يجلس في عداد الوفد اللبناني، وبعدها كان دخل الحوار اللبناني في الممرات الضيقة التي لم تجعله يسير على ما يرام.
يتبع ...
(حلقة جديدة كل ثلاثاء وخميس)