قمة بوتين ـ بايدن: خيبات ع مد النظر‎ ـ يونس عودة

الثلاثاء 08 حزيران , 2021 07:54 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

لم تنته التحضيرات للقمة الروسية - الاميركية المقررة في 16 حزيران الحالي في جنيف، الا ان كل المؤشرات، وحتى التصريحات العلنية تدعو العالم الى الابتعاد عن رهان يلحظ ايجابيات محتملة في ظل الصراع الذي يتعاظم احتداما بين الجبارين النوويين، والافتك تسلحا على الكرة الارضية، حتى ان الرئيس الروسي نفسه  استبعد أي انفراج في العلاقات الروسية الأميركية، قائلا:"لا أتوقع أي انفراج في العلاقات الروسية الأميركية، ولا شيء يمكن أن يذهلنا بنتائج اللقاء، لكن حقيقة أننا سنلتقي، ونتحدث عن إمكانية إنعاش العلاقات الثنائية، ونتحدث عن القضايا المشتركة التي تهمنا، ومثل هذه القضايا بالمناسبة كثيرة، وهذا في حد ذاته ليس سيئا".
اذا كانت تلك استنتاجات رئيس روسيا، والتي تعكس فعلا عمق الازمة بين موسكو وواشنطن  فان السؤال الذي يطرح  نفسه عن ماهية الأسباب الجوهرية التي تحول دون الوصول الى ايجابيات ؟، وهل العالم أمام مرحلة من الصراع الدموي يكون اكثر بلاءمن  فترة الحرب الباردة، ولماذا؟
 الحقيقة الساطعة، ان العالم يشهد الآن تحديات جديدة وخطيرة تهدد الأمن الجماعي، والولايات المتحدة، وبغض النظر عمن يكون في السلطة والادارة سواء الحزب الجمهوري، او الحزب الديمقراطي، تعمل بشكل منهجي على تدمير نظام العلاقات الدولية والهيكل الأمني ويتم تقليص دور المنظمات الدولية كوسيلة لاتخاذ القرارات في مجال الأمن".لا بل ان اعتماد الابتزاز كسمة أساسية، والقوة القاتلة سمة اخرى، تمارس اتجاه  الحلفاء ايضا بمجرد ان يخالفوا رأي واشنطن، وفي افضل الاحوال يمارسون على الحلفاء سياسة العصا والجزرة، مثلما يحصل حاليا مع السودان ومجلس حكمه الانتقالي بعد الانقلاب على عمر البشير، الى الوصاية الاميركية، اذ ان واشنطن وعدت المجلس المتمسك بالسلطة، ولم يجر انتخابات تنتج سلطة يريدها الشعب، بتقديم دعم عسكري، اذا تخلى عن الاتفاقية مع روسيا التي تتيح لموسكو انشاء قاعدة في بورتسودان، وفي نفس الوقت تحركت المشكلات الحدودية بين السودان واثيوبيا، وسقط فتلى، لتنبري قيادة القوات المسلحة السودانية  الى اعلان عزمها مراجعة الاتفاق مع روسيا بشأن إنشاء قاعدة بحرية مع تبرير اللواء محمد عثمان الحسين إن الاتفاقية وقعت من قبل حكومة السودان السابقة لكن البرلمان لم يصدق عليها. لكن الوهم مع الخوف من عصا واشنطن هو الدافع، اذ ان المبرر امام الشعب السوداني بانه يمكن للبنتاغون أن يقدم للسودان اتفاقية أكثر ربحا مما تقدمه روسيا.بينما الحقيقة  فإن السلطات  الانقلابية تتبع مسارا مؤيدا لأمريكا وقد ترفض إنشاء قاعدة للأسطول الروسي في البلاد.
ليس هذه هو المثال على الصراع الروسي - الاميركي، فالامر يمتد، من التدخل بالشؤون الداخلية، ودعم المعارضين في الدول التي لا توالي واشنطن، وتمويل ثورات  ملونة "حربائية" والاطاحة بانظمة موالية حتى وإعادة تشكيلها من اشخاص أكثر انصياعا، الى خلاف جوهري حول مفهوم الارهاب، ونشر الارهاب والارهابيين بمساعدة الاستخبارات والقوات الاميركية، ومرورا باستفزازات الحلف الاطلسي، بموازاة الانسحاب من المعاهدات الدولية ما يلحق الضرر بالاستقرار الاستراتيجي  وصولا الى  استدعاء روسيا لسفيرها في الولايات المتحدة، بعدما اطاحت واشنطن ببديهيات الأعراف الدبلوماسية، واطلاق اتهامات لا تعتمد على معطيات ولو بالحد الادنى .والأهم والأخطر من كل ذلك، عمل واشنطن الدؤؤب على نسف قوانين دولية كانت تؤمن حماية ولو بالحد الأدنى للمضطهدين دولا وفئات .بينما  موسكو تتبع نهجا تدريجيا وواضحا وتحترم في كل خطواتها القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي.
ان التناقض الصارخ بين روسيا واميركا في عالم شرّعته الولايات المتحدة امام شريعة الغاب، يسير على وقع سريع نحو مواجهات اين منها الحرب الباردة مع التوحش اللامحدود للاستيلاء على الثروات المكتشفة، وتلك المأمول اكتشافها لا سيما في المناطق القطبية، والعمل للسيطرة الكاملة على الدول المحيطة بروسيا، حيث  يستمر حلف شمال الأطلسي في مضاعفة قدراته الدفاعية ونشاطه العسكري في أوروبا الشرقية، بما في ذلك أراضي الاتحاد السوفيتي السابق، وسيعمد الحلف الذي تقوده الولايات المتحدة على كشف جزء من نواياه العدوانية تجاه مناهضيه، ولا سيما روسيا خلال قمته التي ستعقد قبل يومين من قمة بوتين - بايدن في14 حزيران ضمن  "استراتيجية تطوير الناتو لمدة 30 عاما".رغم ان العلاقات بين الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي تتفاعل سلبا، ووصلت الى حد التناقض في بعض الملفات، ومنها الملف النووي الايراني، والتعامل مع روسيا، ولا سيما  بعد فضيحة التجسس الاميركي على الاوروبيين ولا سيما المانيا وفرنسا وهما الشريكان الاطلسيان المفترض انهما  الاكثر نفوذا في اوروبا بعد الولايات المتحدة .
ان الثابت الوحيد في سياسة واشنطن اتجاه العالم هو المصالح الاميركية الخالصة المعجونة بروح وتفاصيل السيطرة الاستعمارية، المغلفة بشعارات الديمقراطية وحقوق الانسان، ولا توفر سبيلا لتحقيق الغايات القذرة بما في ذلك الارهاب وتفكيك المجتمعات المستقرة، والانقلاب على أقرب الحلفاء اذا حاول تكوين راي يخدم جزءاً يسيراً من مصلحته وتكمن  المشكلة الرئيسية في ان الخطوات الأميركية  تتوقف كثيرا على الظروف داخل الولايات المتحدة، والصراع الداخلي وضمن الفريق الواحد اكان جمهوريا او ديمقراطيا، ولذلك فان القمة الروسية الاميركية، انطلاقا من الملفات الخلافية حول العالم ككل، معطوفة على التناقض الداخلي تجاه كيفية التعاطي مع روسيا، لن يمكِّن بايدن من اعتماد رؤية واقعية في القمة التي ستكون مجرد لقاء على هامش قمة الحلف العدواني المسمى "حلف الناتو".


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل