أقلام الثبات
خُلطت الأوراق في "اسرائيل" بعد إعلان المعارضة "الاسرائيلية" نجاحها في تشكيل حكومة جديدة، وذلك قبل نحو 30 دقيقة من نهاية المهلة الممنوحة لها للتشكيل.
ولأول مرة منذ 12 عاماً، تنجح المعارضة في أن تشكّل تهديدًا حقيقيًا لسلطة نتنياهو المتربع على عرش السلطة والذي عُرف عهده بتوسيع الاستيطان، حروب غزة، صفقة القرن، والتطبيع، والفساد. ولأول مرة في التاريخ "الاسرائيلي"، يتم توجيه اتهام بالفساد لرئيس وزراء في منصبه. ففي 21 تشرين الثاني/ نوفمبر 2019، وجّه المدعي العام "الإسرائيلي" اتهامات بالفساد وخيانة الأمانة لنتنياهو في 3 قضايا مختلفة، وبدأت محاكمته في أيار/ مايو 2020.
وأمام خطر خروجه من السلطة، وتعرضه للسجن، يبدو أن نتنياهو سيقاتل الى النهاية ولن يستسلم، وكما هو واضح، نجد أنه يحاول دفع الأمور الى الأمام للحفاظ على سلطته، في حال لم يستطع أن يقنع الأحزاب اليمينية بعدم التصويت للحكومة. أما خياراته التصعيدية فنجدها على الشكل الآتي:
- التهديد بحرب مع إيران:
لم تلبث معركة "سيف القدس" أن انتهت بهدنة مذّلة، حتى أعلن نتنياهو أنّه إذا وُضعت "إسرائيل" بين خيار "الحفاظ على علاقتها بالولايات المتحدة" وبين "معالجة تهديد وجودي" كالذي تشكّله إيران، لاختارت الثاني من دون تردّد.
واقعيًا، وبعد عجز الاسرائيليين الواضح عن الدخول في معركة برية في قطاع غزة، وعجز القبة الحديديةعن منع الصواريخ التي أطلقت من قطاع غزة الى الأراضي الفلسطينية المحتلة، لا يمكن لأي مسؤول اسرائيلي عاقل أن يهدد بضرب إيران أو بالذهاب الى حرب إقليمية. وهذا يعني أن نتنياهو، وانطلاقاً من مصلحته الشخصية، مستعد للذهاب الى حرب خارجية للحفاظ على السلطة.
ولا شكّ أن التحذير الأميركي الشديد تجاه أي خطوة تصعيدية في المنطقة، بالإضافة الى أن القرار يعود - بشكل أساسي- للجيش "الاسرائيلي"، ومدى "جهوزيته" للذهاب الى حرب إقليمية، ما يجعل تصريح نتنياهو مجرد تهديد لفظي ولن يتحوّل الى إي إجراء عسكري فعلي، ولو أراده نتيناهو، إلا بموافقة الجهات العسكرية المعنية.
- سفك الدماء داخل "اسرائيل":
منذ شعوره بقرب خسارة السلطة، يمارس نتنياهو وحزبه التحريض ضد أعضاء الائتلاف المعارض الذي يتوجه لتشكيل حكومة.
وحذر رئيس جهاز الأمن العام "الاسرائيلي"- "الشاباك" نداف أرغمان، من أن الأجواء التحريضية داخل اسرائيل ضد الحكومة الجديدة، قد يؤدي الى سفك الدماء، معتبراً أن "مناخ التحريض الحالي قد يؤدي إلى سفك دماء مأساوي في "إسرائيل"، وحذّر من إمكانية حصول حالات "اغتيال سياسي".
وبالرغم من أن هذه التحذيرات عادة ما تكون سرية، إلا أن صحيفة "جيروزاليم بوست" اعتبرت أن هذا التحذير العلني النادر من أرغمان يؤشر الى خطورة الوضع داخل "اسرائيل". وبالفعل، كشفت القناة السابعة "الإسرائيلية"، أن "زعيم حزب "يمينا" الإسرائيلي، ورئيس الوزراء المتوقع في البلاد، نفتالي بينيت، تلقى تهديدات بالقتل" ولفتت إلى أن "الأجهزة الأمنية "الإسرائيلية" رصدت تهديدات واضحة بحق بينيت، وتأخذ هذه التهديدات على محمل الجد".
وهكذا، يكون نتنياهو، والذي صعّد ضد الفلسطينيين وأشعل حرباً بين "الاسرائيليين" والفسطينيين خلال الأسابيع المنصرمة، بهدف الحفاظ على السلطة، انتهت بخسارة له، لم يبقَ أمامه سوى خيارات التصعيد الخارجي أو الداخلي:
وبما أن التصعيد ضد إيران دونه عقبات عدّة، أولها الموقف الأميركي الحاسم بهذا الشأن، ثم الموقف "الاسرائيلي" الداخلي الذي لم يتعافَ بعد من الحرب مع غزة، فيكون التصعيد الداخلي مرجح أكثر، وحتى لو لم يصل الى حدّ ممارسة الاغتيالات وتصفية الخصوم السياسيين.