إبريق زيت الحوار اللبناني 1697 - 2021 وما بعدها (16/8) ـ أحمد زين الدين

الخميس 03 حزيران , 2021 07:59 توقيت بيروت أقلام الثبات

حكومتان .. وعواصف وقمة عربية

أقلام الثبات

ثمة أسئلة كثيرة يطرحها اللبنانيون، كلما سمعوا عن حوار مزمع، أو التحضير لحوار، ومن هذه الأسئلة:
ماذا يمكن أن ينتج، وماذا ينتظرنا بعده وهل نحن أمام هدوء واستقرار أم أمام مرحلة جديدة من مخاض صعب لا يعرف متى ينتهي؟
واللبنانييون كما كانت حواراتهم تنتج أحياناً أزمات أو مدخلاً لأزمات كبرى، وحروب، كانت أيضاً مدخلاً لحلول، وفي كل الحالات، فإن التشديد والعمل من أجل الحوار له معنى واحد أن هناك أزمة ولابد من حل لها.

 

الحوار في لبنان، كان مطلباً دائماً ومستمراً، مرة يطرح تحت شعار "المؤتمر الوطني"، وأخرى تحت عنوان "الوفاق الوطني" وثالثة يحمل عنوان "الانقاذ" وهلم جرا ... مما يعني بكلمة واحدة أن هناك "مشكلة" وأن هناك "خلافاً" قد يكون وطنياً أو طائفياً، أو أي شيء آخر له أربابه ومستغلوه الذين يعرفون كيف يحركون العصبية من أجل تكريس الأدوار أو تكبير الاحجام على حساب البلاد والعباد.
على هذا النحو أطلت البلاد عام 1988 وسط انقسام حاد، وكان موعد انتخابات رئاسة الجمهورية يقترب، لكن كل شيء كان يوحي على أنه ليس هناك نية لانجاز هذا الاستحقاق، ومع اقتراب الموعد الدستوري لانتخاب الرئيس العتيد، حدد رئيس المجلس النيابي حسين الحسيني يوم 8 آب لانتخاب الرئيس الجديد، وكان الوحيد الذي أعلن ترشيحه هو الرئيس الأسبق سليمان فرنجية.
لم يكتمل نصاب تلك الجلسة رغم أن الحضور من النواب إلى قصر منصور فاق نصف عدد النواب المتبقين على قيد الحياة، لأن كل من رئيس الجمهورية أمين الجميل وسمير جعجع وميشال عون عملوا مع اختلاف كل واحد منهم في حساباته على منع عقد هذه الجلسة .. وفشلت كل المحاولات التي جرى ترتيبها علناً أو سراً، لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، إلى أن تم إنجاز اتفاق "الأسد - مورفي" الذي قرر ترشيح النائب مخايل الضاهر لكن هذه المحاولة لم يكتب لها النجاح، رغم التحذير الشهير الذي أطلقه ريتشارد مورفي "مخايل الضاهر أو الفوضى"، وهكذا انتهت المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية في 23 أيلول من دون انتخاب رئيس، ليشكل الرئيس أمين الجميل في الدقيقة الأخيرة من ولايته، حكومة عسكرية برئاسة العماد ميشال عون، تاركاً البلد في ظل حكومتين لنشهد مزيداً من الانقسام والخلافات .. والحروب الداخلية أيضاً .. والتي لم تفلح كل المحاولات لرأبها وبما فيها محاولات توحيد الحكومتين، وكان أبرز هذه المحاولات المحاولة العربية التي دعت رئيسي الحكومتين سليم الحص وميشال عون إلى تونس، لكن بعد طول نقاش وحوار وجدل لم يتم التوصل إلى أي نتيجة عملية، فعاد الحص وعون إلى بيروت وكل إلى حكومته من دون أي حل عملي.
وبعدها أيضاً فشلت كل الاتصالات والمبادرات الحوارية في الوصول إلى أي حل، وكان أبرزها في 17 آذار 1989 حيث عقد لقاء في بكركي برعاية البطريرك الماروني الكاردينال نصر الله بطرس صفير ضم حشداً كبيراً من النواب والسياسيين، لم يصل إلى أي نتيجة.
وأخيراً، كما في كل أزمات اللبنانيين اقترب الترياق العربي، ففي 23 آذار 1989، عقد مؤتمر المقة العربية غير العادية في الدار البيضاء في المغرب، وكان واضحاً من انقعاد هذا المؤتمر أن قرار إنهاء الأزمة قد اتخذ ووجب اقفال ملفها، وعليه جاء في مقررات هذه القمة أنه تقرر إنشاء لجنة عربية ثلاثية من عاهلي المملكة العربية السعودية الملك فهد بن عبد العزيز والمغرب الملك الحسن الثاني والرئيس الجزائري الشاذلي بن جديد، مهمتها مساعدة لبنان على الخروج من أزمته وأنهاء معاناته الطويلة، وإعادة الأوضاع الطبيعية إليه، وتحقيق الوفاق الوطني بين أبنائه ومساعدة الشرعية اللبنانية القائمة على الوفاق وتعزيز جهود الدولة اللبنانية لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وبسط سلطة الدولة اللبنانية كاملة على جميع التراب اللبناني، بهدف حماية أمنها واستقرارها تمهيداً لإعادة إعمار لبنان وتمكينه من استئناف دوره ضمن الأسرة العربية.
وهكذا باشرت اللجنة العربية عملها وأوفدت الأخضر الإبراهيمي لبدء المساعي والاتصالات مع كل أطراف الازمة اللبنانية، فأصدرت في مطلع شهر أيلول 1989 قرارات بدعوة النواب اللبنانيين إلى الاجتماع في المصيف السعودي في الطائف في الثلاثين من شهر أيلول 1989 بعد أن أعلنت في 17 أيلول وصول الأخضر الإبراهيمي إلى بيروت وبدء مساعيه، وكان اتفاق الطائف الذي أنجز وثيقة الوفاق الوطني المعروف باسم اتفاق الطائف الذي انجز في مرحلة التسعينيات من القرن الماضي حتى الآن بسلبياتها وايجابياتها التي لم يعرف سياسيو لبنان كيف يطوروها فكانت هذه التسوية كغيرها من التسويات عبارة عن هدنة أن جاز التعبير، لنعيش الآن تداعيات مرحلة جديدة تخللها المزيد من الانقسام والدم.. والحوار والتشاور.. 

يتبع ... 

(حلقة جديدة كل ثلاثاء وخميس)


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل