الثبات - إسلاميات
إنّ الحمد لله، نحمده تعالى ونشكره، ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد ألا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، بيده الخير وإليه المصير، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وأشهد أنّ سيدنا وحبيبنا وقائدنا وقرة أعيننا محمداً رسول الله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله ومن سار على طريقه واتبع هداه إلى يوم الدين، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} سورة آل عمران-الآية 102.
أما بعد عباد الله: نعيش اليوم ببركة النبوة وتحت مظلة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، وليس لنا درب إلا درب الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، وليس لنا بركة إلا بركة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، نحن لا نعرف حقيقة الحياة ولا طعمها بدون خط الأنبياء والنبوة، فمن أراد أن يعيش بدون ذلك فعيشه كعيش البهائم، قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۖ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ} سورة محمد-الآية 12، لذلك بركتنا في هذه الحياة النبي صلى الله عليه وسلم. قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ} سورة الجمعة-الآية 2: لا يشترط في الأمية ألا يحسن القراءة والكتابة فقط، قد يكون الأمي من لا يعرف حقائق الأشياء، وقد يكون لا يعرف كهن الذوات، لذلك عرفنا النبي صلى الله عليه وسلم حقيقتها، ودلنا على حسنها، وحذرنا من قبيحها، كي لا نقع في التهلكة، وهذه بركة النبوة التي كان الصحابة يدركونها جيداً، لهذا خرجوا جميعاً إلى أطراف المدينة لاستقبال النبي صلى الله عليه وسلم مرددين: "طلع البدر علينا من ثنيات الوداع...وجب الشكر علينا ما دعا لله داع"، جاؤوا مقدمين بيوتهم وأراضيهم وطعامهم وشرابهم وكل ما يملكون للنبي صلى الله عليه وسلم، إلا أنه صلى الله عليه وسلم كان لا يأخذ شيئاً إلا بحقه.
جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يارسول الله إني امرأة أرملة وليس لي من مال ولا أرض إلا هذا الطفل واسمه"أنس" فخذه خويدماً لك، قبله النبي صلى الله عليه وسلم جبراً لخاطرها، يقول سيدنا أنس بن مالك رضي الله عنه: خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنوات، ولم يقل لي لشيء لم أفعله: افعله، ولم يقل لي لشيء فعلته: لمَ فعلته؟ لم يستعمله النبي صلى الله عليه وسلم للخدمة، بل استعمله في طلب العلم، فكان أنس رضي الله عنه من كبار علماء الصحابة رضوان الله عليهم، دعا له النبي صلى الله عليه وسلم بطول العمر فكان آخر من توفي من الصحابة بعام 92هــ، ورأى من أبنائه مائة وعشرين ولداً من بين ابن وحفيد ببركة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم له، وكان له بستان يحمل مرتين، مرة في الصيف ومرة في الشتاء ببركة دعاء الني صلى الله عليه وسلم.
امرأة قدمت للإسلام، فماذا قدمنا نحن للإسلام؟ أم أننا نأخذ ولا نعطي؟