الحريري والسراي .. بين زواج الإكراه والطلاق البائن ـ أمين أبوراشد

الأربعاء 02 حزيران , 2021 08:06 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

خفتت بعض الشيء أصوات دُعاة أهل السُنَّة في حَملِهم راية سعد الحريري دفاعاً عن الموقع السنِّي الأول في الدولة اللبنانية، ربما لأن بعضهم اقتنع بعدم جواز الزواج بالإكراه بين الرئيس الحريري والسراي الحكومي، وبعضهم الآخر إنكفأ عن حمل الراية لقناعة واضحة، أن الحريري ليس مرشحاً لمنصب مُفتي للجمهورية اللبنانية، بل هو مكلَّف بتشكيل حكومة لكل لبنان، ولا يجوز الإستمرار بمذهبة هذا المركز، وأن الطلاق البائن بات مطلوباً بين الحريري والسراي، وبينه وبين شارعه الضيِّق، وهذا أفضل من الإستمرار في مهزلة التمييع وسط تركيع وتجويع الغالبية الساحقة من اللبنانيين، سيما وأن أبناء الطائفة السُنِّية كما سواهم يدفعون من اللحم الحيّ أثمان البقاء على قيد العيش، خصوصاً في طرابلس وعكار والبقاع الأوسط.
وزواج الإكراه هذا، الذي تُدار محركاته أحياناً من عين التينة، في محاولة لكتب كتاب الحريري على خصومه، لا يصطفّ اللبنانيون بالدور لحضوره، لأن الشعب اللبناني لم يعُد يفقه شيئاً من كل الذي يحصل، وإذا كان الحريري يلعب لعبة الإنتخابات الرئاسية القادمة منذ الآن، فإن الكل دخل لعبة الإنتخابات النيابية أيضاً، وكأن اللبنانيين لا هموم لديهم سوى الإستحقاقات الدستورية الملعونة، والحريري يتوهَّم أنه من صُنّاع الرؤساء وأنه كما زمن "الوالد" من مُديريّ الإستحقاقات.
وكي نُرضي المنطق في التحليل، كفانا تحميل المملكة السعودية وِزر التأخير في تشكيل الحكومة، لأن دولة الإمارات وإمارة أبو ظبي تحديداً، باتت قبلة سعد الحريري البديلة عن الرياض، وليس الأمر مستجداً، لأن الحريري عندما استُقيل من الرياض عام 2017، أرسِل "مخفوراً" الى الإمارات للإعتذار من ولي العهد محمد بن زايد لخلاف تجاري استثماري معه، وبذلك يكون الحريري الإبن على غرار المرحوم والده، يدمج السياسة العامة بالصفقات الخاصة، حتى لو اشتغلت طائرته على خط بيروت – أبو ظبي تحت ذريعة الإتصالات الخارجية، وكأن القرار اللبناني بات حصراً في البادية بين السعودية حيناً والإمارات حيناً آخر، وهذا غير صحيح وإستهزاء سخيف من الحريري بعقول اللبنانيين.
ربما سعد الحريري يستقطع بميوعته في التشكيل ما بقي من عهد الرئيس ميشال عون تنفيذاً لأجندة إقليمية دولية واضحة لمنع حليف حزب الله من الحكم ولكن، ماذا عن الإستحقاق الإنتخابي الذي ينتظر الحريري في شارعه المُمزَّق، من طريق الجديدة حيث تشلَّعت القاعدة بينه وبين شقيقه بهاء، الى طرابلس التي تعددت فيها رايات الإنتماء إلا للحريري، ووصولاً الى عكار الموعودة منذ العام 2005 بالإنماء؟ ونُقفِل عائدبن الى البقاع حيث يسعى الحريري للتقارب مع النائب عبد الرحيم مراد لحفظ ماء وجهه، خاصة الآن، بعدما عاد الأسد الى الحكم لولاية رابعة وكان فوزه الساحق صفعة للحريري وكل خصوم سورية في لبنان.
والجديد في وضع "الشارع الحريري"، أن الإبن المدلل الحالي للسعودية في لبنان نهاد المشنوق، سيُطلق خلال أيام كما يقول ومن كل المناطق اللبنانية ما تُسمَّى "حركة الإستقلال الثالث"، التي سوف تُستعاد من خلالها الحريرية الوطنية لرفيق الحريري كبديل عن الحريرية السياسية لنجله سعد، وبات المشنوق ملكياً أكثر من الملِك تماماً كما أشرف ريفي في طرابلس، مع فارقٍ كبير، أن ريفي عرف حدوده التي لا تتخطى "حلويات الحلاب"، بينما المشنوق الذي بالكاد فاز نائباً عن بيروت، يظنُّ نفسه من الصحابة، وأن الأتباع بانتظاره على امتداد الخارطة اللبنانية لمجرَّد أنه يحمل راية إقليمية مذهبية على طريقة انتحار الدواعش من أجل كرسي يحلم به في السراي، هو الذي يحمل لواء تحرير لبنان من "الإحتلال السياسي الإيراني"، وفعلاً قد هزُلَت ...


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل