القدس والحرب الإقليمية ـ رامز مصطفى

الثلاثاء 01 حزيران , 2021 09:49 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

شكلت إطلالات سماحة السيد حسن نصرالله على الدوام وفي الكثير من المناسبات حدثاً بحد ذاتها، لما تحمله من رسائل ومواقف، خصوصاً تلك الموجهة في أغلب الأحيان لقادة كيان العدو الصهيوني، الذي كان يخصص البرامج المتلفزة العبرية لتناول تلك الإطلالات والخطابات وما تحمله من مواقف غاية في الوضوح، حتى بات ما يتحدث به السيد نصر الله يحوز على المصداقية العالية لدى مجتمع المستوطنين في كيان الاحتلال، بل هو في نظرهم أكثر صدقية من قياداتهم . الخطاب الأخير للسيد حسن نصرالله أمين عام حزب الله، في الذكرى أل 21 لعيد التحرير والمقاومة في 25 أيار من العام 2000، وما تضمنه من مواقف ورسائل غاية في الوضوح، يمكننا القول أنها المرة الأولى التي يتحدث بها السيد نصر الله بتحديد دقيق في فرض معادلة إستراتيجية في سياق الصراع مع الكيان "القدس مقابل حرب إقليمية"، عندما قال : "أنّ على الإسرائيليين أن يفهموا أنّ المساس بالمسجد الأقصى في مدينة القدس المحتلة والمقدسات، مختلف عن أي اعتداء آخر يقومون به، فالرد على ذلك لن يقف عن حدود المقاومة في قطاع غزة".
فعندما تصبح المقدسات في خطر "فلا معنى للحدود المصطنعة" . مضيفاً ومؤكداً بلغة الجزم والقطع" من خلال هذه المعادلة سيدرك الإسرائيليون أنّ أية خطوة منهم ستكون نتيجتها زوال كيانهم" . بهذه المعادلة التي حددها السيد نصرالله، الكيان ومجتمع مستوطنيه، بل والمنطقة والعالم بأسره، سيكون أمام مرحلة جديدة من مراحل الصراع، هي الأدق في المحددات التي أرستها تلك المعادلة . وبتقديري أنّ هذه المعادلة وطرحها لم تأتِ في سياق التهويل أو العراضات الإعلامية والخطابية، لأنّ من نطق بها قائد مشهود له من الأعداء قبل الأصدقاء والحلفاء، بأنه رجل القول والفعل . وبالتالي فإنّ السيد نصر الله في إعلانه عن المعادلة إنما يتحدث باسم محور بأكمله . لأنّ حرباً إقليمية إذا ما اندلعت، يُدرك سماحته جيداً أنّ لها شروطها وتحضيراتها وجهوزيتها وتعبئتها، وهذا يتعلق بدول وقوى محور المقاومة، من فلسطين إلى لبنان وسورية والعراق وإيران وصولاً حتى اليمن . 
المواجهة الأخيرة بين المقاومة بصواريخها في قطاع غزة، والشعب الفلسطيني بهبته الشعبية في القدس، ومناطق فلسطين المحتلة عام 48، والضفة الغربية من جهة، والكيان الصهيوني من جهة أخرى، أكدت أنّ التنسيق بين أطراف محور المقاومة، كانت على أعلى مستوى، وصل حد تشكيل غرفة عمليات موحدة ليست لتبادل الخبرات والمعلومات، بل لإدارة المعركة، ومتابعة تطوراتها وتدحرجها . وهذا ما كشفه رئيس حركة حماس في قطاع غزة يحيى السنوار، في لقائه مع الإعلاميين بعد وقف إطلاق النار، في قوله: "أنّ التنسيق مع قيادة المقاومة في لبنان كانت على أعلى مستوى" .
ليست مصادفة، إن ربطت المقاومة الفلسطينية ومواجهتها العسكرية الأخيرة مع الكيان الصهيوني بعنوان القدس والمقدسات، مع كلام سماحة السيد حسن نصر الله، عن معادلة " القدس مقابل مواجهة إقليمية " . مما يعني أنّ قراراً على أعلى المستويات في محور المقاومة قد اتخذ بشأن المواجهة أو المنازلة الكبرى القادمة، وهي بالتأكيد ستكون بنتائجها مختلفة تماماً عن كل نتئج المواجهات السابقة، لأنّ المعركة الإقليمية مع محور متكامل ترابطت جبهاته وإستراتيجيات مواجهاته . وهذا ما ذهب إليه إفيغدور ليبرمان في طرحه لسؤال لربما بأبعاده سؤال إستراتيجي بالمعنى الوجودي بما يخص الكيان ومستوطنيه، حين قال : " إذا لم نستطع هزيمة حركة حماس وحُلفائها، فكيف سيكون الحال إذا شنّت إيران وحزب الله حربًا علينا؟”.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل