أقلام الثبات
أعلن النائب نهاد المشنوق أن "حركة الإستقلال الثالث" التي أعلنها في بداية الشهر الحالي، سوف تنطلق من جميع المناطق اللبنانية قريباً، ومعظم أعضاء هيئتها التأسيسية من رفاق الرئيس الراحل رفيق الحريري، وأنها سوف تعمل على تحرير القرار السياسي اللبناني من الإحتلال السياسي الإيراني!
نعم، هو نفسه نهاد المشنوق الذي كان "يترقوص" على شواطىء اليونان، عندما كان الجيش اللبناني والمقاومة يحرران جرود عرسال من الإرهاب التكفيري، وكان المشنوق يدير أعمال وزارة الداخلية ويضبط الأمن عن بُعد وبالكاد كانت تستره الملابس الداخلية.
"حركة الإستقلال الثالث" وكل حركات المشنوق الحالية تُقرأ من عنوانها، ما دام قد أعلن عن "إنتفاضته" على سعد الحريري من تلفزيون "بلومبرغ – الشرق"، الذي أسسه الأمير محمد بن سلمان حديثاً ضمن سلسلة وسائل إعلامية بالتعاون مع الإعلامي المُقرَّب منه عضوان الأحمري الذي حاور المشنوق.
وبما أن المشنوق يعطي لنفسه حجم كافة "المناطق اللبنانية" – هو الذي بالكاد فاز بمقعده النيابي عن بيروت عام 2018 - وهو الذي حاول تعويم سعد الحريري بعد أن استُقيل من الرياض في أواخر العام 2017 في محاولة من المشنوق لإستبعاد بهاء عن السراي، قد بدأ تكرار إسمه كأفضل مرشَّح سعودي لوراثة عرش آل الحريري في الرئاسة الثالثة لسبب وحيدٍ أوحد أنه سعودي حتى العظم، ويعتقد المشنوق أنه بذلك سوف يستقطب الشارع السني ويكون مع ورثة رفيق الحريري الأبعدين رأس حربة محمد بن سلمان لمواجهة إيران في لبنان !!
ونمشي مع المشنوق مناطقياً كما يرغب، في تعويم "الحريرية الوطنية" على حساب "الحريرية السياسية" التي أخطأ فيها سعد على حدّ قول المشنوق، لكننا قبل أن ننطلق في جولتنا نُذكِّر المشنوق بأن المرحوم رفيق الحريري ليس صاحب مدرسة سياسية، ولا هو جمال عبد الناصر ولا أنطون سعادة، بل كان الرجل مجرَّد ملياردير وعلى أساس العطاءات والمساعدات باتت له جماهير وتيار سياسي، وعندما شحّ العطاء في زمن المحل إنطفأ النور الأزرق من السما الزرقا وبعد:
نترك بيروت التي انقسم الحريريون فيها الى جماعة سعد وجماعة بهاء، والى أنصار السعودية وأنصار تركيا، ونتوجه شمالاً لِنُطلق مع المشنوق حركته، ونصطدم بطليعة قُدامى رفيق الحريري أشرف ريفي، ونعبر تحت علم سعودي من هنا وعلم تركي من هناك ونصل الى عكار حيث ما زال لسعد الحريري مؤيدون فقراء ينتظرون مَن يُمطرهم بالإنماء، والمشنوق ورفاقه ليسوا من بيت الحريري كي يُفرش لهم الحرير.
نعود الى الإتجاه المعاكس صوب الجنوب، فنجد أن أحمد الحريري قد سبق المشنوق والتحف الكوفية الفلسطينية واتجه الى الحدود مع فلسطين المحتلة، للتضامن مع الشعب الفلسطيني خلال العدوان على غزة، وفي طريق المشنوق الى الجنوب أعظم المشقات، ليس في صيدا حيث جبهة بهية الحريري من جهة وأسامة سعد من جهة أخرى، بل لأننا في عيد المقاومة والتحرير، وفي زمن الإنتصارات التي تتوالى تحديداً في أيار من الأرض الجنوبية اللبنانية وصولاً الى قطاع غزة، والى حيث يصل أي صاروخ من أية مقاومة.
ونذهب مع المشنوق شرقاً الى البقاع، حيث تُرسى تفاهمات بين سعد الحريري والنائب عبد الرحيم مراد، ولن نصِل الى البقاع الشمالي كي لا نُثير عاطفة المشنوق على "مُجاهدي عرسال" الذين داس الجيش اللبناني والمقاومة أعناقهم، ولن نحاول أن ننظر الى الحدود مع سورية والمشنوق برفقتنا، كي لا يرى المشنوق وفداً سعودياً أرسله محمد بن سلمان للوقوف على بوابة دمشق بانتظار ان يُفتح له عرين الأسد، ونعود الى بيروت تاركين المشنوق في أوهامه لتأسيس حركة بلا بركة أقصى ما قد تصل إليه، تعليق ما بقي من إرث الحريرية على إحدى المشانق في ساحة الشهداء بمحاذاة الضريح...