الحرب "الاسرائيلية" الفلسطينية .. نتائج وتداعيات‎ ـ يونس عودة

الثلاثاء 25 أيار , 2021 08:02 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

بموازاة الهدؤ على جبهة الحرب العسكرية بين الكيان الصهيوني من جهة، والشعب الفلسطيني وطلائعه المقاتلة من جهة اخرى، تستمر الحرب باشكالها الاخرى، مع التحضير، ومن دون ادنى شك - لمعركة اكثر شراسة، بانتظار ظهور نتائج حرب الايام ال11 والتداعيات الأساسية على الكيان في بنيانه الاساسي ما يعني ان إعلان وقف إطلاق النار لا يمكنه ان يلغي أبدا أي سبب من أسباب الصراع المتواصل منذ 73 عاما.وعادة تظهر النتائج الفعلية لأي معركة من هذا النوع  بعد شهور من التقييم، وهذا التقييم يجري الآن على كل المستوبات لدى الاحتلال، وان عكس بعض القادة الأمنيين والسياسيين والمحللين جزءاً بسيطا منه، مباشرة بعد صمت الصواريخ.
لقد فرضت الحرب الأخيرة على الكيان الصهيوني وقائع جديدة ليس بامكانه تجاهلها، أو ادارة الظهر لها، او التعاطي معها كعادته بالترهيب والقتل والاقتلاع والتطهير العرقي. ومن ابرز الوقائع الآتي:
- لم تتمكن اسرائيل المدعومة من الدول الاستعمارية، من اسرلة الشعب الفلسطيني في الاراضي المحتلة منذ العام 1948، وقد ظهر ذلك باروع صوره في انتفاضة أبناء الأرض الأصليين في حيفا ويافا وعكا والرملة، والجليل، رغم القمع الشديد وتسليط المستوطنين، وإعلان الفشل في السيطرة من جانب القوات الاسرائيلية على الجماهير الفلسطينية رغم اعتقال اكثر من 1700 شاب، والتوعد بترويعهم عبر القمع، وهذا الامر في عمقه يشكل القلق الأكبر للكيان لانه قضى على المقولة السائدة التي أطلقتها غولدا مائير، بان جيل النكبة سيموت، والصغار سينسون، اي انهم سيخضعون للامر الواقع الناتج عن الاحتلال .
- وصول صواريخ المقاومة الى تل ابيب للمرة الاولى والحاق اذى حقيقي، وتعطيل الحياة بشكل كامل، بما في ذلك مطار بن غوريون والمؤسسات الانتاجية، ما الحق خسائر كبيرة على المستوى الاقتصادي، الى جانب الإصابات الكثيرة، مع انتشار حالة هلع امتدت في بعض جوانبها الى قطاعات عسكرية .
- فشل المنظومات المضادة للصواريخ، ولا سيما القبة الحديدية في حماية المنشأت العسكرية والمدنية على السواء، رغم إعلان المقاومة مسبقا عن النقاط التي سوف تستهدفها مع تحديد ساعة القصف بالصواريخ .
- فشل الاستخبارات الاسرائيلية رغم الميزانيات الهائلة، والموظفة قبل الحرب وخلالها في الوصول الى القادة البارزين، في المقاومة، وهو الامر الذي ادى الى مشادات واسعة داخل الحكومة المصغرة "الكابينت"، والقاء اللوم على الاستخبارات وبالاخص العسكرية، ما استدعى ردا قاسيا على نتنياهو وجماعته، بأنهم هم من ورط الجيش في معركة من هذا النوع .كما الفشل في تقدير القوة الصاروخية والمدفعية لفصائل المقاومة 
- اغلال يد الجيش الاسرائيلي ولا سيما قوات النخبة، رغم التهديدات شبه اليومية بعملية غزو لقطاع غزة لاقتلاع قوى المقاومة وابادتها، مقابل إعلان قدة المقاومة الميدانيين، اننا جاهزون لاستقبالكم حيث ستكون مقبرتكم .
- فشل الإعلام الاسرائيلي ومعه الاعلام الغربي - وايضا بعض العربي والخليجي، في تضليل الراي العام بان المعركة مع حماس، وان حماس وحدها تطلق صواريخ لارهاب المستوطنين، مقابل نجاح الفلسطينيين والاعلام المؤيد في محور المقاومة في تقديم صورة حقيقية صادقة صدمت الرأي العام الغربي الذي كان ضحية التضليل المتواصل، وقد جرى التعبير عن ذلك في العواصم الغربية من بريطانيا الى الولايات المتحدة، اكبر رعاة دولة الاحتلال .
 يجري في إسرائيل مخاض عسير لتشكيل الحكومة، وبنيامين نتنياهو لم يجن بعد أي فائدة لنفسه من هذا الصراع من أجل تعزيز مواقعه. على العكس من ذلك، فهو يتصرف كشخص ليس لديه ما يخسره. ولعله يخشى تكرار ما حدث في العام 2010 مع سلفه إيهود باراك الذي شن عملية الرصاص المصبوب في قطاع غزة وتعرض لانتقادات لقيامه بهذه العملية، التي لم تحقق أهدافها: لم يتم ضمان أمن إسرائيل على المدى الطويل.

 - لقد تجلت الوحدة الوطنية الفلسطينية في الميدان من خلال غرفة العمليات المشتركة لتنسيق الرد على العدوان، وهذا الامر أدهش، وروّع المحتل الذي طالما راهن على الانقسام الفلسطيني، كورقة رابحة من أدوات الفتنة .
اما على مستوى النتائج السريعة، فان أولها تكون قناعة فلسطينية راسخة، وعلى كل المستويات الا من بعض البؤساء على مستوى الفهم الواضح للعدو، بان البندقية والصاروخ وحدها الطريق المؤدي الى التحرير والحرية، سيما ان طريق المفاوضات على المنهج الاسرائيلي - الاميركي، لن يؤدي الا الى تنازلات تتراكم في طريق ضياع القضية، وتجربة اوسلو على مدى 28 عاما لم تؤد الا الى مزيد من المآسي والتنازلات، ووحدها الصواريخ على تل ابيب اوقفت هذا النهج، كما اوقفت صفقة القرن وأعلنت وفاتها .وبرامج الاستيطان واظهرت صدقية غير مسبوقة للمقاومة الفلسطينية، مقابل حبل الاكاذيب الاسرائيلية .
لقد ظنت إسرائيل ومن ورائها الولايات المتحدة الأمريكية أن التطبيع مع بعض البلدان العربية، ومحاولات طمس ودفن القضية الفلسطينية، وتشويه مضمونها وجوهرها، وتحويل الأنظار عن النضال الشرعي للشعب الفلسطيني لتحرير الأراضي المحتلة، إلى قضايا "التطرف" و"الإرهاب" و"الإسلام السياسي"، سوف يضمن لإسرائيل غض نظر المجتمع الدولي عن توسعة المستوطنات، واغتصاب مزيد من الأراضي، وتهجير المزيد من السكان. إلا أن المقاومة الفلسطينية أثبتت اتساع دائرتها لتشمل الجميع، ولتشيع أجواء الوحدة بين أبناء الشعب الفلسطيني في الداخل كما في الشتات، ومن كل الطوائف ومشارب الحياة. فالقضية واحدة، والهدف واحد.
باتت اي مفاوضات برعاية اميركية في حالة موت معلن، وما قول الرئيس الاميركي انه يصلي لاستمرار وقف اطلاق النار، الا انعكاس لحقيقة لا يريد الاعتراف بها  بان وقف النار من دون عودة الحق لاصحابه لن يكون طويلا . 

لذلك بات من الراسخ ان الفصائل المقاومة تشكلت اصلا للقيام بمهمة وطنية اخذتها على عاتقها، وهي مهمة تحرير فلسطين، ودونها لا قيمة لشيئ، وهذه قناعة باتت في ضمير كل فلسطيني وعربي ومسلم وحر في هذا العالم .ولذلك فان طريقا وحيدا واقعيا، ينتج حصاد زرع المقاومة من طراز جديد، وهي الاستعداد للحرب القادمة .


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل