أقلام الثبات
بعد اغتصاب فلسطين وتأسيس الكيان الصهيوني المعروف بدولة "إسرائيل:" ترسخت في عقول العرب والمسلمين فكرة التفوق "الإسرائيلي" وحتمية الإنتصار "الإسرائيلي" في كل حرب تخوضها الدولة العبرية وتم تثبيت الوجود الإسرائيلي في الجغرافيا السياسية وفي منظومة الوعي وبداية التمهيد لقبول نشوء "إسرائيل الكبرى" من النيل الى الفرات ..وجاءت حروب حزيران 1967 وتشرين 1973 والاجتياحات الإسرائيلية للبنان عامي 1978 و 1982 .لتجعل من هذه الفكرة ثابتة لا تقبل النقاش وطبعت في صفحة الوعي العربي والإسلامي معادلة "الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر" وبالتالي لا وسيلة للأمن واسترجاع بعض الأرض الا بالمفاوضات ومعاهدات السلام كعنوان واتفاقيات استسلام وتنازلات بالمضمون فكانت اتفاقيات كامب ديفيد" مع مصر و "وادي عربا" مع الأردن و"اوسلو" مع الفلسطينيين ثم اتفاقيات التطبيع مع الدول العربية والإسلامية وصولا لما تبناه الرئيس الأميركي المهزوم "ترامب" عبر "صفقة القرن" التي تلغي القضية الفلسطينية وتحولها من قضية وطن الى قضية "لاجئين"!
بعد اتفاقية "كامب ديفيد" مع مصر صارت وجهة الصراع العربي – الإسرائيلي نحو السلام والتطبيع وإلغاء منظومة الصراع العسكري المسلح وإلغاء المقاومة المسلحة بالتعاون مع الدول العربية والعدو الصهيوني باشراف أميركي ..لكن هذا التوجه قاومته دول وحركات مقاومة عكس السير الاستسلامي وفي مقدمتها ايران وسوريا وحركة المقاومة في لبنان وفلسطين مدعومة بفتاوى حوزات النجف الاشرف وقم المقدسة ..وبدأت المقاومة اللبنانية المسلحة عام 1982 التي توجت صمودها وصبرها بالإنتصار التاريخي على العدو في أيار عام 2000 ورسّخت فكرة إمكانية استرجاع الأرض وتحريرها بالسلاح والمقاومة بديلا عن المفاوضات ومعاهدات السلام وتم تحرير اول ارض عربية دون مفاوضات ودو قيد او شرط ورسمت اتجاها معاكسا لمرحلة الاستسلام العربي والفلسطيني.
ان انتصار المقاومة في أيار عام 2000 أسس لمرحلة جديدة في تاريخ الصراع العربي – "الإسرائيلي" وعكس الصورة من ثقافة الخوف والهزيمة الى ثقافة القوة والنصر ثم الى مرحلة الردع ثم توازن القوة ..ثم من مرحلة الدفاع الى مرحلة التهديد والهجوم ..ومن مرحلة التلقي وقبول الشروط الى مرحلة الإملاء وفرض الشروط مما استولد جيلا من أجيال العنفوان والنصر بعد أجيال من من الانهزام واليأس والخنوع ..
ان انتصار أيار عام 2000 يشكل نقطة تحول على مستوى الثقافة والوعي والهوية ..والميدان والثقة بالله سبحانه والثقة بالنفس والقدرة على تغيير الواقع وان مقاومة الاحتلال او الاستعمار امر ممكن وليس مستحيلا ..وانه ليس شعارا بل نتائج ملموسة وواقعية ..واثبت هذا الخيار صوابيته وصدقيته خلال عشرين عاما وهاهو يثمر في فلسطين على جبهة غزة وبلسان صواريخها الناطقة باسم الشعب الفلسطيني الذي لم يغادر ارضه ..ويثمر في العراق بالحشد الشعبي المبارك ويزهر في اليمن مع انصار الله ليثبت ان زوال الكيان الصهيوني نتيجة ثابتة غير قابلة للنقاش سوى على مستوى تاريخها وتحديد مواقيتها ...وعلى الأخوة الفلسطينيين ان يهيئوا انفسهم لادارة نظام الحكم في فلسطين المحرّرة ومناقشة كيفية التعامل مع اليهود الذين سيبقون في فلسطين بعد فرار ومغادرة المستوطنين الغرباء ..!
ان مسؤولية اهل الثقافة والاعلام السياسية ترسيخ ونشر ثقافة الإنتصار على العدو وحماية وحفظ الهوية والتاريخ القيم الأخلاقية الدينية لمحو ما تسلل من أفكار مهزومة الى عقول اجيالنا .ولإعادة تنظيم حياتنا على أساس التحرر والاستقلال ومغادرة دائرة التبعية والتقليد للغرب وغيره .
ان زوال الكيان الإسرائيلي قاب قوسين من عقود الزمن او اقرب ..وهذا ليس حلما او امنية فقط بل هو مشروع بدأ عام 1982 ميدانيا في الجنوب وبدأ بالتوسع وصار المشروع الأقوى في المنطقة الذي يفرض خياراته ويستطيع تنفيذها وحمايتها ...
التحية للمقاومين في عيد المقاومة والتحرير ..
التحية للمقاومين في انتصار غزة واخواتها من المدن الفلسطينية ونجمتهم القدس الشريفة ... .