أدوات أردوغان التي يبتز بها بوتين في أوكرانيا ـ فادي عيد وهيب

الخميس 20 أيار , 2021 08:25 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

لتركيا أدوات عديدة لتنفيذ سياسات "العثمانيون الجدد" التوسعية بالجوار التركي وبإقليم الشرق الأوسط، وكثيرا ما لعبت تلك الأدوات دور السهم القاتل عند الحاجة، وبعد أن طاف الصراع الروسي - التركي على أرض الدونباس أوكرانيا الى السطح، يفترض تسليط الضوء على تلك الأدوات التي يبتز بها أردوغان نظيره الروسي في الملف الاوكراني، وأبرزها.
1-  الذئاب الرمادية – اولكو OCAKLARI: هو تنظيم أسسه العقيد ألب أرسلان توركيش وحزب الحركة القومية في العاصمة التركية أنقرة في ستنيات القرن الماضي وبالتحديد فى عام 1960، مستلهما أسم المنظمة من أسطورة قديمة بطلها ذئب، والذئب هو رمز للشرف لدى الأصول العرقية التركية المتواجدة في سهول اسيا الوسطى.
وفكريا تمثل منظمة "الذئاب الرمادية" أقصى اليمين المتطرف الفاشي، وعسكريا هى الجناح المسلح والذراع العسكري لحزب الحركة القومية والتى تعبر عن أفكاره المتطرفة بقوة السلاح، وكعادة أغلب الأفكار الفاشية يرى منظرو منظمة "الذئاب الرمادية" أن التفوق العرقي للشعب التركي يمنحه قوة إضافية على كل الأمم التى حوله، وانعكس ذلك عداء واضحا لدى المنتمين لمنظمة الذئاب الرمادية تجاه اليونانيين والأرمن والمسيحيين وكل القوميات والأعراق الأخرى، إضافة إلى معاداة الأكراد في تركيا والتصدي لهم بكل الوسائل، مع السعي لتوحيد كل الشعوب التركية فى دولة واحدة تمتد من البلقان الى أسيا الوسطى مستلهمين ذلك من تاريخ الدولة العثمانية التي جمعت تحت رايتها العديد من دول أسيا الوسطى وأوربا.
عام 1980 كان للمنظمة مائة معسكر تدريب للمنتمين لها، يخضع عناصرها لتدريب فكري وعسكري، إضافة إلى 1700 فرع يعمل تحت لواء المنظمة الأم التي تضم ما يقارب من 200الف عضو ومليون متعاطف مع أفكار ونهج المنظمة، أغلبهم من الشباب الجامعي المغترب الذي ترك الريف وتوجه نحو أكبر مدينتين تركيتين وهما أسطنبول وأنقرة.
كما أسس العقيد ألب أرسلان توركيش العديد من الحركات على مستوي العالم ليكونوا صوتاً سياسياً وإعلامياً له، و من أبرزهم مؤسسة الأتحاد التركي في ألمانيا التي صنفت المنظمة كمتطرفة يمينية تركية وهي متهمة بالعديد من جرائم القتل، وهي واحدة من أكثر التنظيمات المتطرفة التي تلاحقها عيون رجال الإستخبارات الألمانية، حيث أرتكب تنظيم "الذئاب الرمادية" مذبحة في عام 1978 بجامعة اسطنبول بتركيا وأعدم 14 طالبا يساريا داخل الجامعة، ونفذ عمليات عنيفة ودموية في السبعينيات من القرن الماضي، إضافة إلى مشاركته في العمليات القتالية في جمهورية الشيشان جنوب روسيا وفى تنظيم نقل الأسلحة إلى المنطقة.
وكانت قناة "سي إن إن" الناطقة باللغة التركية بثت شريطا لقائد المجموعة المسلحة التي أطلقت النار على طياري القاذفة الروسية سو24 التي سقطت فوق الأجواء السورية أثناء هبوطهما بالمظلة وهو التركي ألب أرسلان جيليك أحد أعضاء منظمة "الذئاب الرمادية" المتطرفة ونجل عمدة سابق لإحدى المدن التركية.
كما أشارت صحيفة كوميرسانت الروسية نقلا عن دائرة الأمن الفيدرالى الروسى أن منظمة "الذئاب الرمادية" المرتبطة بتنظيم داعش الأرهابى قد تكون شاركت في إسقاط الطائرة الروسية فوق سيناء مما أسفر عن مقتل جميع ركابها البالغ عددهم 224 راكبا في 31 أكتوبر/تشرين الأول عام 2015.
جدير بالذكر أنه في شهر سبتمبر/أيلول 2015م قام رئيس الوزراء التركي أحمد داوود أوغلو بزيارة قبر ألب أرسلان توركيش مؤسس منظمة "الذئاب الرمادية" وحزب الحركة القومية في العاصمة أنقرة في إشارة واضحة لدعم النظام التركي لهذه المنظمة الإرهابية. 
2- إشعال الدونباس مجددا: مع كل يوم يزداد فيه تعداد الجيش الروسي بمختلف أسلحته فى سورية، كانت أنقرة تأمل أن تغرق موسكو فى مستنقع لا نهاية له، على غرار الوحل الأفغاني، وهنا عملت أنقرة ومن خلفها واشنطن لخلق توترات مستمرة بالملف الأوكراني فى ظل فرض أوروبا وأميركا وكندا عقوبات اقتصادية على روسيا، وإشعال الدونباس مجددا كي تكون يد روسيا منهمكة فى حروب غير معلوم متى ستنتهي.
3- مجلس تتار القرم: بعد أن عزم مجلس تتار القرم خوض حرب ضد موسكو على كل الجبهات واعلان رفعت تشوباروف رئيس مجلس تتار القرم وعضو البرلمان الأوكراني بإنه لا يستبعد أستخدام قوة عسكرية لإعادة القرم إلى سيادة أوكرانيا مرة أخرى، وجدت موسكو نفسها أمام جولة جديدة ضد تركيا، إلى أن أعلنت المحكمة العليا لجمهورية القرم الروسية "مجلس تتار القرم" منظمة متطرفة تحظر أنشطتها في أراضي الدولة الروسية، وأستجابت المحكمة بإحالة تلك الدعوى إلى النيابة العامة لجمهورية القرم مرفقة بنص الدعوى ملفا من 600 صفحة تدل مواده على أن أنشطة "مجلس تتار القرم" يحمل نهجاً متطرفا يحرض على الكراهية العرقية في القرم، وصرحت النائب العام للقرم ناتاليا بوكلونسكايا أن سريان الحظر يشمل جميع أراضي الاتحاد الروسي، وسينظر إلى أي نشاطات يقوم بها أعضاء مجلس تتار القرم أو ممثلين عنه على أنها مخالفة للقانون وسيعاقب عليها.
إلى ذلك، أعلنت السلطات في جمهورية القرم الروسية فى 22/11/2015 حالة الطوارئ في سيفاستوبول وغيرها من المدن الكبرى في شبه الجزيرة في أعقاب حادث أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي عن 1.8 مليون نسمة، وبعد عمل متواصل من أجهزة الأمن والمعلومات الروسية ورجالها بالقرم وجهت النائب العام في القرم ناتاليا بوكلونسكايا فى 21 ديسمبر 2015 تهمة التخريب بقطع التيار الكهربائي عن شبه جزيرة القرم إلى رجل الأعمال المقيم بأوكرانيا ومالك قناة "ايه تي أر" لتتار القرم وشركة النقل "سيم سيتي ترانس" ومصرف "جاست بنك" وشبكة الوكيل لبيع منتجات شركة "آبل" في القرم نور إسلاموف، وذلك بعد يوم من أعلانه تشكيل كتيبة تتارية في الجيش الأوكراني بتمويل تركي، بعد أن صرحت ناتاليا بوكلونسكايا بمؤتمر صحفي أن رجل الأعمال نور إسلاموف كان من مدبري تفجير أعمدة نقل الكهرباء إلى القرم مما أدى إلى قطع التيار عن شبه الجزيرة بالكامل.
4- إسلاميو كييف والأيغور سلاح أردوغان ضد موسكو وبكين: كان الرئيس التركي أردوغان قد بدأ فى فتح حرب تصريحات جديدة ضد الصين بسبب سياسات بكين ضد مسلمي الأيغور بأقليم شينغيانغ "تركستان الشرقية"، وتلك المواجهة المباشرة لم يقدم عليها أردوغان الا بعد أن وجهت بكين تهماً صريحة الى النظام التركي ورئيس وزراء أردوغان بدعم مسلمي الأيغور وأرسالهم للقتال مع تنظيمات أصولية متشددة كتنظيم داعش.
وقد عرضت وكالة الانباء الصينية تحركات مسلمي الأيغور نحو تركيا لحصولهم على وثائق هوية تركية من دبلوماسيين أتراك مقيمين في دول جنوب شرق آسيا، لينتقلوا بعدها إلى معسكرات شرق تركيا المعدة من قبل، لتدريب الجهاديين القادمين إلى تركيا من مختلف أنحاء العالم لأرسالهم بعد ذلك الى سورية وليبيا.
وبعد أن جلبت أنقرة مؤخرا العديد من الأيغور للدفع بهم فى كتائب داعش في سورية باتت توجه الايغور ضد بكين نفسها (كما صرحت وكالة الانباء الصينية بمنتصف يوليو/تموز 2015م)، جاءت بتتار القرم وأسلاميي أوكرانيا ضد موسكو.
حقيقة الأمر، فإن أخر أوقات أستقرار كييف كانت في يناير/كانون الثاني 2014، ومن الأن فصاعدا لن ترى كييف لحظة هدوء واحدة، فهي باتت ملعباً يتصارع عليه المتفرجون أنفسهم، بعد أن جعل الحلف الأطلسي، كييف ساحة لإستنزاف موسكو من دون الاهتمام بنزيف أوكرانيا نفسها، وبالطبع لن يجد الأطلسي أفضل من تركيا لمحاربة روسيا بالنيابة عنها. 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل