أزمة الكيان .. والقدس تعطي إشارة انطلاق استعادة الوطن السليب ـ يونس عودة

الثلاثاء 11 أيار , 2021 10:44 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

ازمات عدة تستوطن في الكيان الصهيوني، تعكس عمق التناقض الاجتماعي - السياسي في تكوين الكيان الذي يقوم على فكرتين مركزيتين - العنصرية تجاه الغير، مشتقة من العنصرية تجاه الاعراق داخليا، وهذه الاخيرة  تنعكس في الوظائف والمراكز داخل الكيان نفسه، والفكرة الأخرى، هي الاحتلال، القائم على التعصب الصهيوني الذي تجاوزت أفعاله في المضمون، ما نفذته النازية والفاشية معا.
لقد كشفت معركة حي الشيخ جراح المقدسي، ليس  فقط  العنصرية المعشعشة في المؤسسة السياسية والعسكرية والأمنية الصهيونية، بل في نفوس المستوطنين المستجلبين من اصقاع الارض، ومن أعراق مختلفة، والذين تؤمن لهم المؤسسات الآنفة الذكر الرعاية والحماية في استفزازاتهم ضد الشعب الفلسطيني، لا بل ترشدهم الى الأعمال الدنيئة، وعلى وجه الخصوص، والأكثر دموية في الفترة الحالية، ما يحصل مع أهل القدس الشريف، الذين تسعى سلطات الاحتلال لتهجيرهم من ديارهم، وإحلال مستوطنين في بيوتهم بعد استخراج قرارات احتلالية، رغم انها ملك للفلسطينيين منذ مئات السنين، أباً عن جد.
وإذا كان العالم وقف صامتا الا من بعض بيانات لا ترقى الى مستوى ما يجري فإن معظم الدول تحولت الى شهود زور كجزء من الحماية السياسية للكيان الغاصب، وحتى في الامم المتحدة، التي لم تعد تكترث حتى بتعداد الجرائم، فيما الإباء الفلسطيني من الاطفال الى الكهول، ما نكسوا العلم، ويقينهم لا يجارى بان الاحتلال الى زوال، مع تعمق ازمته التي اضحت ازمة كيان متكاملة.
ان الكيان الصهيوني الغارق في ازمته يتجه الى انتخابات خامسة للكنيست بعد الفشل المتراكم لليمين المتطرف وعلى رأسه "الليكود" برئاسة بنيامين نتنياهو في التوصل الى تشكيل حكومة ائتلافية نتيجة الكراهية المتبادلة مع الاحزاب الاخرى التي لا تقتصر على اليسار، بل من ضمنها ايضا احزاب يمينية التي لا تقل سؤا وغطرسة من الليكود المتفسخ.
لم يواجه الكيان منذ إنشائه على أرض فلسطين مثل هذه الازمة الكيانية لأسباب داخلية، والناشئة عن صراع محتدم على السلطة والفساد والافساد، وما يوجد من دعاوى فساد على نتنياهو، وهذا ليس الا الوجه الاكثر تسترا عما فعلته قيادات مختلفة، فقبله ارييل شارون ويهودا اولمرت كرمزين كبيرين للفساد، وكلاهما لجأ الى حرب للهروب من ازمتهما الداخلية من جهة، وعدم التقدم للمحاكم في عملية تأخير متعمدة للاستحقاق الذي لا يد منه، والأهم محاولة إطالة عمر الكيان المتفسخ اخلاقيا الى ابعد الحدود .
ان محاولة نتنياهو الهروب الى الامام عبر القمع والقتل والاصرار على الاستيطان والتهويد، هي نفسها العوامل التي تزيد في أزمة الكيان وتسرع ايضا في عملية تهتكه على طريق الانهيار، لا سيما مع العزلة من سيده الاميركي الذي بات مكبلا بدوره، ويبحث عن مخرج للعودة الى الاتفاق النووي دون الاستجابة لتحريض نتنياهو وقادة الاحتلال جميعا.
ان تعليق المناورات الأكبر منذ إنشاء الكيان في يومها الثاني، بعد الانذار من غرفة العمليات المشتركة لقوى المقاومة الفلسطينية، وتنفيذ الوعد من الفصائل والقوى الفلسطينية بمؤزارة المقدسيين بالصواريخ من غزة، لا تعتبر مجرد هزيمة للرؤوس العسكرية والأمنية الاسرائيلية، بل اهانة مدوية في الحساب المفتوح مع كل مكونات الاحتلال، وهنا ينبغي التأكيد أن وحدة القرار المقاوم، واختيار اللحظة المناسبة في تنفيذ الوعد من أهم عوامل القوة والردع .وهذاه القوة هي التي اضطرت الاحتلال الى الغاء جلسة الحكومة، وتهريب الوزراء الى ملاجئ في منطقة محمية بالقبة الصاروخية، ووضعت قادة الاحتلال في مأزق جديد، اين منه مأزق حي الشيخ جراح، وهذا ما اقر به المحلل الاسرائيلي "بن كاسيت" الذي قال بصريح العبارة، "ان الغاء جلسة الحكومة، ونقل الوزراء الى منطقة محمية بعد اطلاق الصواريخ، يمثل إهانة لنا، وانتصار لحماس .. نحن حائرون، ولا نعرف ماذا نفعل، وضعونا امام خيارات صعبة، فالتراجع عن اجراءات القدس هزيمة" .
لقد عمدت قوات الاحتلال الى استهداف المدنيين في غزة، واولى ضحايا الاجرام العنصري 3 أطفال ارتقوا الى باريهم، من بيت حانون وربما سيكون هؤلاء الاطفال أول الشهود في هذه المعركة على النازية الاسرائيلية، حيث اكد قادة الاحتلال أن فكرة النازية لا تزال في اوجها  داخل الكيان، في الذكرى ال76 للانتصار على الفاشية والنازية في الحرب العالمية الثانية.
لقد اثبت الشعب الفلسطيني في هباته وانتفاضاته وثوراته أنه قادر بالفعل على اجتراح اساليب للمقاومة، ولم يكن العيب مرة فيه، وانما في بعض قيادات كانت تعزز فكرة الانفسام، لغريزة السلطة، وهذه الخلافات الداخلية، والانقسامات اتخذها الغرب وإسرائيل وغالبية العرب، ذريعة حالت دون تحقيق آمال الشعب الفلسطيني بدولته المستقلة واستعادة وطنه السليب، ودفعه إلى دائرة المفاوضات المفرغة، وهذه الدائرة لا تكسر الا بوحدة الفلسطينيين عملا وقولا.
يقر الصهاينة ان هذه المعركة التي يمكن ان تتدحرج الى حرب، مختلفة عن غيرها بعد المشاهد الرائعة للمقاومة في حرم الاقصى والجوار، واندفاع الشعب الفلسطيني من كل حدب وصوب نصرة للقدس وأهلها، ومنع تهويد احيائها، وتحول مستوطني الكيان الى الملاجئ على امتداد المستوطنات والمدن، كلها مع ما سبق ذكره عوامل تؤذن بان فلسطين لن تكون الا لشعبها، ومن القدس شارة الانطلاق.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل