أقلام الثبات
مع إحياء يوم نصرة القدس ، يوم القدس العالمي ، استوقفني مشهدان لافتان على صلة مباشرة بما يجري على أرض القدس من مواجهات منذ ما يزيد عن الأسبوع ، بين أهلنا المقدسيين وقوات الاحتلال المدعومة من عصابات قطعان المستوطنين ، الذين اعتدوا على العديد من أحياء المدينة ، في رأس العامود والشيخ جراح ، وداخل باحات المسجد الأقصى . المشهد الأول ، ما بثته قناة المنار بشكل مباشر من داخل حي الشيخ جراح ، وتحديداً من منطقة المواجهات والتحشد المتقابل بين أهالي الحي ، وقوات الاحتلال المعززة بمجموعات قطعان االمتطرفين الصهاينة .
واللافت في هذا البث أولاً ، تلك الجرأة للمقدسي الذي ينقل الأحداث داخل الحي على مرأى وسمع المحتل بقواته العسكرية والبوليسية . ومن ثمّ تلك المقابلات لعدد من سكان حي الشيخ جراح ، الذين ومع حجم المعاناة وما يتعرضون له من محاولات الإقتلاع من منازلهم بوثائق مزورة لا أساس قانوني لها ، كان الأمل المعزز بقوة الحق وإرادة الصمود ، يطفو على سطح تلك المعاناة التي يصاحبها ذاك التخلي والخذلان المدان والمتعمد من قبل نظام رسمي عربي يهرول في معظمه سريعاً نحو علاقات تحالفية مشبوهة ومفضوحة مع كيان الاحتلال الصهيوني .
وبذلك تكون قناة المنار الملتزمة خيار المقاومة ، قد أدت جزءاً من رسالتها في نصرتها للقدس ومقاومة أبنائها الميامين في تصديهم الإسطوري والباسل لمحاولات اقتلاعهم من أرضهم وبيوتهم ومقدساتهم .
أما المشهد الثاني ، فهي المقابلة المتلفزة التي أجراها تلفزيون معاً مع الإعلامي الفلسطيني ناصر اللحام . حيث كان كلامه لافتاً وفي غاية الوضوح المصحوب بالاتهام المباشر لمسؤولي السلطة الفلسطينية ، الذين يتخلفون عن الذهاب إلى القدس والوقوف إلى جانب أبناء شعبهم . وكان يتقصد في كلامه من يحملون عشرات آلاف التصاريح من بطاقات أل VIP. حيث بدأ حديثه بسؤال مباشرة لهولاء المسؤولين ، لماذا لم تذهبوا لتصلوا في القدس ولديكم أل VIP ، وبالتالي لماذا وزير الأوقاف الشيخ يوسف إدعيس لم يصل بالقدس ؟ .
وهنا طالب رئيس السلطة أن يسأل المسؤولين لديه ، ومن دون أن يذهبوا إلى باب الأسباط ولا إلى باب السلسلة ، بل يقفون عند باب العامود . هذه التصاريح فقط لتذهبوا لتأكلوا السمك في يافا أو تتنزهوا في " تل أبيب "، ويسأل الإعلامي ناصر اللحام ، المسؤول الفلسطيني ، لماذا تحمل التصريح؟، وهو باسم الشعب الفلسطيني ، ومسؤوليتك أن تتابع قضايا شعبك ، الذي يريد أن يراك إلى جانبه في هذه اللحظة فمتى سيراك ؟ . ورئيس الوزراء يسأل المسؤولين لديه ، لديكم تصاريح ، إذا اليوم ما ذهبتم إلى القدس فمتى تذهبون ، فقط في الاحتفالات .
وختمّ مقدم البرنامج بالقول ، إذا كان رئيس الوزراء نفسه لم يذهب للقدس ، فكيف سيسأل وزراءه لماذا لم تذهبوا للقدس!.