مقر الرئاسة التركية يدير الذباب الإلكتروني ـ فادي عيد وهيب

الخميس 29 نيسان , 2021 07:58 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

تؤكد الشواهد في أنقرة على عودة ظهور لجان الذباب الالكتروني التابعة لحزب "العدالة والتنمية" من جديد، بعد أن أغلقت إدارة مواقع التواصل الإجتماعي "تويتر" و "فيس بوك" تلك الحسابات المزيفة في يوليو/تموز  الماضي.
وهذه  الحسابات  تهدف للتغطية على إخفاقات النظام التركي في الداخل عبر نشر الأخبار المفبركة، مما أعاد فتح ملف اللجان الالكترونية لحزب "العدالة والتنمية" مجددا على الساحة التركية.
وجاء ذلك بعد أن تعرض  المعارضون للنظام التركي مؤخرا  لهجمات وعمليات قرصنة الكترونية متتالية، مما جعل المراقبون بأنقرة يشيرون الى عودة من أطلق عليهم الشعب التركي لقب "عصابة البجع".
وهو اللقب الذي الصق باللجان الإلكترونية التابعة للحزب الحاكم منذ ثورات الفوضى بالمنطقة وحتى يوليو/تموز  الماضي قبل أن تقوم إدارة تويتر باغلاق حساباتهم في  منتصف العام الماضي؛ كما لاحظ  مستخدمو مواقع التواصل الإجتماعي بتركيا مؤخرا انتشار تغريدات تطالب باستمرار العسكري  العسكري التركي في ليبيا،  وضعت بصيغة تشبه الى حد كبير تغريدات "عصابة البجع" خلال عملية ترويجهم لبقاء الجيش التركي في سوريا في السنوات الماضية ،الأمر الذي يؤكد ظهور أسراب جديدة من لجان عصابات البجع الإلكترونية على مواقع التواصل الاجتماعي بتركيا للهجوم على حسابات المعارضة من جانب، وتلميع صورة أردوغان من جانب أخر، بعد الإخفاقات الاقتصادية المتتالية.
فقد سجل عام 2020م الليرة التركية كثاني أكثر العملات انخفاضا ، على مستوى العالم بعد الريال البرازيلي، بعد أن فقدت الليرة ربع قيمتها أمام الدولار، قبل أن تبدأ الساعات الأولى من العام الحالي بتسجيل هبوط قياسي لليرة التركية أمام اليورو.الأمر الذي القى بظلاله على شعبية أردوغان المتردية في الداخل، في ظل صعود أسهم عمدة بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، وعمدة بلدية أنقرة منصور يافاش في جميع إستطلاعات الرأي الخاصة بأبرز منافسي أردوغان على الساحة السياسية.
وهو ما أجبر أردوغان حسب تعبير الخبراء في أنقرة على التضحية بصديقه مراد أويسال من منصبه كمحافظ للبنك المركزي التركي، ثم صهره بيرأت البيرق من منصب وزير المالية كي يبقى على حظوظه في فترة رئاسية جديدة سواء عبر إنتخابات مبكرة أو عبر الإنتخابات المفترضة عام 2023م.فبعد الإخفاقات المتتالية للنظام التركي في الملف الاقتصادي، وإستمرار تردي الأوضاع الأقتصادية في البلاد في ظل إرتفاع مستوى البطالة، كان على الرئيس التركي البحث عن أي عدو جديد لإعلان الحرب عليه، كي يتمكن  من إلهاء الشعب التركي، وكذلك العمل على صنع وسائل إعلامية جديدة تضمن توجيه المواطنين الأتراك كما يرى الحزب الحاكم فقط.
بأي حال،انتخابات 2023م وبقاء الجيش التركي في ليبيا هدف المستجدين  من عصابة البجع.وبهذا يرى الخبير التركي علاء يلدز أن تلك اللجان الالكترونية أخذت على عاتقها تهيئة الرأي العام التركي لتنفيذ أهم خطوتين للرئاسة التركية حاليا ،ويقول  يلدز أن أسراب "عصابة البجع" المستجدة في سماء مواقع التواصل الاجتماعي ترمي الأن للترويج الواسع لبقاء الرئيس التركي أردوغان في الحكم، في ظل طلب بعض أصوات المعارضة بإجراء إنتخابات مبكرة، قبل انتخابات الرئاسة المقرر  في 2023م."
ويضيف يلدز: الى جانب تهيئة الرأي العام التركي لبقاء الجيش التركي في غرب ليبيا، على غرار ما قامت به تلك اللجان منذ خمسة أعوام بالملف السوري، حتى تم إقتطاع أجزاء من شمال سوريا لصالح تركيا، وصارت الأن تحت سيطرة الجيش التركي، في ظل أطماع أردوغان في منطقة الهلال النفطي الليبي."
وفي  السياق أشار الباحث السياسي الجزائري موسى إبراهيم أن  لإتباع الرئيس التركي أردوغان إستراتيجية الإلهاء، سواء عبر الدخول في حروب موسعة بالخارج كما هو في حال تدخله بنزاع ناغورني كاراباخ أو ليبيا، أو عبر إفتعال أزمات كفقاعات الهواء مثل أيا صوفيا وغيرها لصرف النظر عن الفشل الاقتصادي.
ويقول إبراهيم :اليوم صارت كل منصات إعلام النظام التركي تعمل لهدف واحد وهو إلهاء الشعب التركي عن النكسة الاقتصادية التي تشهدها تركيا، عبر تأجيج مشاعر القومية الطورانية، والضرب على وتر الدين بعصا الإسلام السياسي، كما  حدث في الساعات الاولى من الحرب بين أذربيجان وأرمينيا."
ويضيف، لذلك تناول إعلام حزب العدالة والتنمية الحرب في إقليم ناغورنو كاراباخ من منطلق أصولي بحت، مصورا للرأي العام التركي على أنها حرب دينية، بين الإسلام والمسيحية، وعلى كافة أبناء العرق التركي خصوصا، وجميع المسلمين  عموما ، الوقوف الى جانب أذربيجان المسلمة في حربها ضد أرمينيا الصليبية (حسب وصف الإعلام التركي)."
وتابع إبراهيم: لقد ذهب الإعلام الرسمي للدولة التركية في مختلف الصحف والجرائد وعلى كل  الشاشات، الى الحديث بنفس المصطلحات التي يستخدمها أردوغان للتلاعب بعقول الأغبياء، كالحرب على الإسلام وحلم الخلافة العثمانية، ونصرة الشعوب التركية... وما الى أخره من شعارات رنانة ، والتي  يتلذذ أردوغان بترديدها في كل المناسبات الدينية والأيام الوطنية للدولة التركية."
واستطرد: "فكلما ضاق الطريق أمام أردوغان في أي ملف داخلي، يتبع فورا في ردوده النغمة الإخوانية، ثم ترديد الأيات القرأنية في سياق الإسلام العثماني وليس إسلام الدين الحنيف."
وأوضح إبراهيم ،وفي هذا الصدد لم تتردد اللجان الالكترونية لحزب "العدالة والتنمية" من نشر كل سموم أردوغان المغلفة بأيات قرأنية وأحاديث نبوية شريفة في ساحات مواقع التواصل الاجتماعي، كي تقوم الأجهزة الأمنية التي تدير تلك اللجان الألكترونية بتشكيل الوعي الجمعي للشعب التركي."


أردوغان يرتدي ثوب هتلر

وهنا يؤكد الخبير السياسي الليبي سعيد عبيدة بأن تصرفات أردوغان في الداخل التركي صارت على غرار هتلر، بعد أن أدخل أردوغان تركيا في عهود المانيا النازية.فيقول عبيدة :بعد إنشاء أردوغان قسم الإتصال الإستراتيجي وإدارة الأزمات، نستطيع أن نؤكد أن تصريح أردوغان بإعجابه بـ هتلر لم يكن زلة لسان، فهي نفس الخطوة التي فعلها هتلر عندما أراد السيطرة على عقول المواطنين الالمان عبر تأسيسه وزارة الرايخ العام للتنوير والدعاية، برئاسة جوزيف غوبلز عام 1933م."
ويضيف عبيدة :فالوظائف والمهام المنوطة لوحدة الدعاية التي أنشأها أردوغان في قسم الإتصال الإستراتيجي وإدارة الأزمات، نسخة مطابقة لـ وزارة الرايخ العام للتنوير والدعاية التي أنشأها هتلر، بعد أن وضع هدف تلك الوحدة الرئيسي هو إلهاء الشعب التركي عن الفشل الاقتصادي."
وتابع عبيدة :بذلك صار أردوغان وحده يتحكم من قصر يلدز (مقر الرئاسة التركية) في شكل ونوعية جميع الأخبار المتداولة في  مختلف أشكال الإعلام ومواقع التواصل الإجتماعي بتركيا."
واستطرد: "وما لا يعلمه الكثيرين إن مبنى قسم الإتصال الإستراتيجي وإدارة الأزمات المكون من 30 طابقاً في قلب العاصمة الإقتصادية أنقرة، كان في الأصل سكناً للطلاب المغتربين، وتم إنشاؤها من قبل رجل أعمال، الى أن جاءت  الحكومة التركية وصادرت كل ممتلكات الرجل كما هو معتاد بعد مسرحية إنقلاب منتصف يوليو/تموز 2016م، ثم حوّلته إلى مؤسسة للدعاية، قبل أن يكون أحد مقرات بث سموم النظام التركي."


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل