أقلام الثبات
خطوة إضافية تأتي في الإطار التصاعدي، للحصار السياسي والمالي والإقتصادي الغربي – الخليجي على الشعب اللبناني، إتخذتها المملكة السعودية أخيراً، من خلال إصدارها قراراً، بمنع دخول الفواكه والخضار اللبنانية الى أراضيها، على خلفية إخفاء مخدرات داخل شحنة فاكهة رمان آتية من لبنان، بحسب ما أعلنت الأجهزة السعودية المعنية. ولكن ما يؤكد أن خلفية إتخاذ القرار المذكور، هي ليست أمنية، كون السلطات السعودية، لم تكشف تفاصيل عملية التهريب المذكورة، بل أكثر من ذلك، فقد أخرجت "المملكة" هذه "التهريبة" من إطارها الأمني، قبل إجراء اي تنسيقٍ مع الأجهزة الأمنية اللبنانية، يرمي الى تعزيز الجهود الثنائية المشتركة، في مجال مكافحة المخدرات، ومختلف عمليات التهريب، كما يحدث عادةً بين الدول، التي تقيم علاقاتٍ تجاريةٍ متبادلةٍ. أو حتى مراجعة الدولة اللبنانية، قبل إتخاذ هذا القرار. ولم يحدث عادةً أن تبادر أي دولةٍ إلى وقف استيراد المنتجات الزراعية من إحدى الدول الصديقة، وحتى منع مرور هذه المنتجات من أراضي الأولى، أي (ترانزيت)، بمجرد حدوث عملية تهريب، ما يؤكد أن خلفية إتخاذ القرار السعودي في حق لبنان، ليست أمنية على الإطلاق.
وهنا يكشف مرجع سياسي متابع لحركة الإتصالات الداخلية والخارجية، المتعلقة بمختلف القضايا اللبنانية العالقة، خصوصاً مسألتي تأليف الحكومة المرتقبة، وترسيم الحدود البحرية، أن الأميركيين حملوا رسالة سعودية الى لبنان، تطلب فيها "المملكة" سحب التكليف بتشكيل الحكومة المنتظرة من الرئيس سعد الحريري، وإسناد هذه المهمة الى السفير السابق نواف سلام، كي يتم فتح أبواب الدول العربية، خصوصاً الخليجية في وجه لبنان، وأما بغير ذلك، فستبقى موصدةً، وسيشتد الحصار على هذا البلد. غير أن فريق المقاومة، لم يحمل هذا الطلب على محمل الجد، على ما ينقل المرجع. ويعتبر أن هذا القرار السعودي، هو أحد أجزاء خطة وزير الخارجية الأميركية السابق مايك بومبيو، لمحاصرة المقاومة، ومحاولة إخضاعها، وفرض أجندة "أميركية – إسرائيلية" على لبنان. وترمي هذه الخطة، الى إنهيار الأوضاع السياسية والإقتصادية والأمنية فيه. وأخذت هذه الخطة حيز التنفيذ الفعلي، غداة ما يعرف "بإحتجاجات 17 تشرين الأول 2019". وإثر ذلك، إستقال الحريري من مسؤولياته، على حد تعبير المرجع. ويلفت الى أن الحريري يحاول اليوم، العودة الى السرايا الكبيرة، عبر البوابة السعودية، ولكن من دون جدوى. ولم تفض جهود دولة الإمارات العربية، التي زارها الحريري في بداية نيسان الجاري، الى إقناع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، بلقاء الرئيس المكلف، ولو لمدة خمس دقائق، ولهذه الغاية مكث الحريري، أربعة أيام في الإمارات، على أمل اللقاء ببن سلمان، غير أن أبواب السعودية، بقيت موصدةً، في وجه زعيم "تيار المستقبل"، ودائماً بحسب المرجع.
وتعقيباً على ما ورد آنفاً، تؤكد مصادر سياسية وسطية، أن في حال كان الطرح السعودي، الذي يفضي الى تكليف نواف سلام، بتشكيل الحكومة اللبنانية جدياً، هذا يعني أن المملكة لا تريد حلاً في لبنان، على حد تعبير المصادر. وتعتبر أن هذا الطرح كان ممكناً، غداة إستقالة الحريري، إثر "إحتجاجات 17 تشرين الأول 2019". وتستبعد كلياً إقدام الحريري على الإعتذار عن التأليف في المدى المنظور، كونه لايزال يتزعم أكبر تيار سياسي سني في لبنان، كذلك يرأس أكبر كتلة نيابية سنية، أي لايزال يحظى بالمشروعية الشعبية. كذلك فإن إنكفائه عن السلطة، يمهد لإنهاء حالته السياسية، خصوصاً بعد بروز شقيقه بهاء على الساحة السياسية اللبنانية، وتختم المصادر بالقول: "من المؤكد أن الرئيس المكلف، لن ينتحر سياسياً".
بالعودة الى الإجراء السعودي المذكور آنفاً، يؤكد مرجع مسؤول في فريق المقاومة، أن هذا الإجراء، هو مجرد حلقةٍ، تأتي في سياق مسلسل عدواني كامل، يستهدف محور المقاومة ككل، من المحور الأميركي – الخليجي، خصوصاً بعد التطورات الميدانية الأخيرة في مدينة مأرب في اليمن، والإنجازات الميدانية التي حققها محور المقاومة في هذه المدينة. اضف الى ذلك، جاء أيضاً إستهداف منطقةٍ قريبةٍ من مفاعل ديمونا النووي "الإسرائيلي"، بصاروخ "فاتح 110 " الدقيق، في الأيام القليلة الفائتة، حيث أكد العدو أن هذا الصاروخ، إنطلق من الإراضي السورية. فقد إجتاز بنجاح كل الدفاعات الجوية الإسرائيلية، ووصل الى هدفه، وحقق الإصابة المطلوبة. هذا الأمر دفع المحور الإميركي الى الطلب من السعودية، بالرد على محور المقاومة، من خلال تشديد الحصار الإقتصادي على الدول الحليفة لهذا المحور، أو المرتطبة به في أي شكلٍ من الأشكال ميدانياً من خلال قطع أوصاله، كما فعلت القوات الأميركية، التي أغلقت الحدود بين سورية والعراق، كذلك يأتي في هذا السياق أيضاً الإجراء السعودي المذكور آنفاً. وإدارياً من خلال إستصدار واشنطن "لقانون قيصر"، لترهيب الحكومات، من أجل قطع مختلف علاقاتها مع دمشق، لتجويع الشعب السوري، ودائماً برأي المرجع. ويعتبر أن الهدف الأساس لهذا العدوان الإقتصادي، هو محاولةٍ لفرض أجنداتٍ سياسيةٍ على المقاومة وحلفائها في لبنان وسواها، كتعويض عن الخسائر السعودية في اليمن، أو لمحاولة طرح الملف اللبناني على طاولة المفاوضات المتعلقة بالحرب على اليمن، وفقاً لحسابات المملكة، ولكن لا طائل من كل هذه المحاولات، يجزم المرجع.