أقلام الثبات
يعاني النظام السعودي أسوأ مراحل وجوده منذ نشأته في الجزيرة العربية، على دماء ضحاياه من أبناء نجد والحجاز ,فهو على المستوى الدولي ومنذ تسلم ولي العهد محمد بن سلمان زمام السلطة فعليا , معاد بقسوة لحقوق الانسان , لا بل يرتكب الجرائم المتعددة الأشكال , ولو اشترى باموال النفط ,"الرياء" المؤقت من بعض حماته, مثل الولايات المتحدة وبريطانيا , وبعض دول العرب خليجية او غير خليجية, في سبيل منع المحاكم الدولية من تقديمه الى المحاسبة على جردة طويلة من الجرائم.
هذا الامر في كفة وحربه على اليمن وشعبه في كفة اخرى , وهذه الكفة الأخيرة ربما وحدها ستقام في اجله, لأن اليمنيين قرروا الدخول في مرحلة كسر عظام النظام المتجبر .
ان عملية الثلاثين من شعبان وهي الأوسع والأدق تؤشر إلى أن الصبر الاستراتيجي قد نفذ , ولن يعد بامكان النظام السعودي ان ينفذ لاعتبارات عدة ,وهو لن يتمكن بعد الان من التستر , او اخفاء مفاعيل الضربات الموجعة التي يتلقاها في عمقه, وعلى منظومة قوته الاقتصادية والعسكرية .
ان اطلاق الجيش اليمني واللجان الشعبية 17 طائرة مسيرة إضافة الى صواريخ باليستية , توزعت مهامها في استهداف محطات ارامكو في العمق السعودي أكان في جدة أو الجبيل , وكذلك القاعدة الجوية الأعتى قاعدة عبد العزيز في جيزان , شكلت صدمة كبيرة لتحالف العدوان , من حيث التكتيك والتمويه والإغارة , إضافة الى مفاجأة ربما تكون الأقسى من حيث الجهد الاستخباراتي الدقيق .
لم تتمكن طائرات "اف 16" التي عملت على مطاردة المسيرات ليلا من منع تحقيق الأهداف وقصفها بدقة متناهية , كما أن منظومات الباتريوت فخر الصناعة الاميركية عجزت عن التصدي للاهداف الجوية ولم تثبت سوى الفشل بمواجهة المسيرات كما لم تتمكن الرادارات عالية التقنية , اذا لم نأخذ بعين الاعتبار أيضا الأقمار الصناعية, من رصد المسيرات التي وصلت الى أبعد مسافة والنقطة الاقصى في الحدودالسعودية - ارامكو الجبيل -
لقد أثبت اليمنيون قدرتهم على الوصول إلى أي نقطة يريدون سواء في السعودية او غيرها من دول العدوان , كما انهم قرنوا الوعد بالتنفيذ بان العمليات المقبلة ستكون أشد وطأة على السعودية وتحالفها العدواني , ما لم تنفذ شرطين بالتزامن , اعلان وقف الحرب وفك الحصار , وان مبادرات التعمية التي تتحدث عن وقف لاطلاق النار لا معنى لها .
ان عملية الثلاثين من شعبان ,وهي الثالثة والأوسع خلال أقل من شهر بعد عملية 26 اذار والتي سبقتها في استهداف العمق اكان في راس تنورة او ميناء ينبع , سوف تزيد من ازمة النظام السعودي , الذي بدأ ضباطه وجنوده يتمردون فعليا , ولم يعد بالامكان إخفاء ذلك عبر السجن او التصفية ,فقد كشف فيديو متسرب لجنود سعوديين يحرقون صورة بن سلمان ويدوسونها باقدامهم هلع النظام مما يجري , وقام باعدام 3 جنود هم: مصور الفيديو ومن احرق الصورة ومن داس على بن سلمان , ولم يتمكن النظام السعودي من تجاهل اعتقال ضباط كبار علت اصواتهم ضد عبثية الحرب , واكلافها الاقتصادية والسياسية .
في واقع الحال , بات الحكم في السعودي جراء الحرب على اليمن في حالة وهن وشيخوخة , فهو فقد سلطته الأبوية على الامارات ,التي اعدت نفسها جيدا لتكون الرقم واحد في الخليج , وهي فعليا تصارع السعودية ليس في اليمن وحسب , وانما في أماكن أخرى , وتتقدم عليها ,وقد ترجم ذلك مرارا في حلقات دموية بين مناصري المتصارعين أكان في اليمن أو ليبيا , وحتى في الصومال .
من الواضح ان الانهيارات السعودية جراء الحرب على اليمن لا تقف عند هذه الحدود , ففضلا عن حالات التمرد في الجيش ,وفقدان الثقة بصلاحية ولي العهد الذي تسبب بالحرب , فان الصراع بين مكونات الأسرة الحاكمة بدأ يطفو على السطح , ولم تعد تجربة "الريتز"حلا يركن إليه, كما ان العالم الذي غطى الحرب زورا وبهتانا على اعتقاد انها ستحسم خلال اسابيع قليلة كما اوهمه بن سلمان , لم يعد قادرا على تحمل التبعات , ولذلك بات النظام السعودي كأفعى جريحة تعض ذيلها من الالم , او تترك نفسها تنزف حتى يصل اليها النمل مبشرا بنفوقها , او ان يصل من يدوس راس الافعى وينهيها.