أقلام الثبات
بينما كانت روسيا تسعى مع بقية اعضاء مجموعة مينسك الدولية لحل الازمة الاوكرانية المتصاعدة منذ انقلاب عام2014, تفجر الوضع العسكري على جبهات الدونباس , بعد اقدام القوات الاوكرانية على قصف اقليمي دانيتسك ولوغانسك, المتمردين على الانقلاب, وعلى حكم تحالف الاوليغارشيين والنازيين الجدد, مع تصعيد سياسي وامني، لم يكن بمعزل عن نشاط حلف الناتو في المنطقة, وإعلان أمينه العام ينس ستولتنبرغ، بعد اجتماع استمر يومين لمجلس وزراء خارجية حلف شمال الأطلسي في بروكسل. ان التهديد الرئيسي للحلف يكمن في سياسة روسيا. وليتهم موسكو بكل الموبقات التي ينفذها الحلف بزعامة الولايات المتحدة: من "التهديد الصاروخي والإرهاب السيبراني" إلى "الإجراءات القمعية على أراضيها".
هذه المرة لم يتخف امين عام الاطلسي وراء بروباغندا التضليل والتمويه وقد أعلن جهارا نية خوض معركة او حرب ضد روسيا وقال بكل وضوح: "لقد قمنا بتعزيزات هامة. نشرنا مجموعات قتالية في الجزء الشرقي من حلف شمال الأطلسي، ونجري المزيد من التدريبات. وسوف نكثف التعاون مع شركاء مثل جورجيا وأوكرانيا".
بموازاة هذا الكلام التصعيدي, بدأ دوي المدافع والصواريخ المتساقطة على منازل المدنيين في الجمهوريتين المنفصلتين عن اوكرانيا, والمؤيدتين لروسيا, في وقت صعد الرئيس الاوكراني فلاديمير زيلينسكي الاتي من مهنة المسرح الهزلي وطالب على لسان مستشاره بزيادة حضورالناتو العسكري في اوكرانيا, واجراء مناورات مشتركة لأسلحة الجو والبر والبحر ,في وقت أعلن البنتاغون تسليمه "350 طناً من الأسلحة للقوات العسكريّة الأوكرانيّة"، تتضمّن عربات مدرّعة على متنها أسلحة رشاشة ثقيلة وقذائف مضادة للدبابات ومدافع سريعة الطلقات، وكلّ ذلك بحجة تحركات وحشود عسكرية روسية وإجراء موسكو مناورات حربية بمحاذاة حدودها مع أوكرانيا.
تلك الاستفزازات دفعت روسيا الى التحذير من وجود قوات أميركية على الأراضي الأوكرانية، واعتبر المتحدث باسم الكرملين، ديميتري بيسكوف: أن التصريحات الأوكرانية الأخيرة حول ظهور عسكريين أميركيين على أراضيها سيزيد التوتر وسيدفع بلاده لاتخاذ إجراءات إضافية لضمان أمنها.
وشدد على، إن روسيا تحرك قواتها داخل أراضيها على الحدود مع أوكرانيا بالشكل الذي تعتبره ضروريا، مؤكدا أن هذه الإجراءات لا تشكل تهديدا لأي دولة أخرى.وقال بيسكوف إن "الجيش الروسي يتحرك على الأراضي الروسية في الاتجاهات، التي يعتبرها ضرورية، وبالشكل الذي يعتبره ضروريا لضمان الأمن لبلدنا"، مضيفا أن ذلك "لا ينبغي أن يسبب أدنى قلق لأي طرف".
لقد اتصل الرئيس الاميركي جو بايدن, بالرئيس الاوكراني, من ضمن حركة الولايات المتحدة في تسعير الوضع ليبلغه بان واشنطن لن تتركه, كما ان وزير الدفاع الأميركي شدد على أنه "في حالة تصعيد العدوان الروسي، فإن الولايات المتحدة لن تترك أوكرانيا وحدها".
في الوقع تكمن وقائع مخيفة من احتمال بدء تدحرح الأمور الى نشوب حرب اوكرانية روسية الشهر الجاري ، بعد العدوان الأوكراني على جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك، مع تصعيد محتمل في أيار إلى حرب يشنها الناتو وأوكرانيا ضد روسيا، قد يحاول الناتو خلالها احتلال شبه جزيرة القرم، واحتلال القاعدة البحرية الروسية في سيفاستوبول .
من الجلي ان الادوات المرحلية ستكون من الحافدين تاريخيا وهؤلاء لا ينحصرون بفصائل "اليمين المتطرف" فحسب، وإنما وبالاساس النازيين الحقيقيين، و مؤيدي التفوق العنصري للعرق الأبيض، الذين يتّخذون من مجرمي الحرب النازيين في الحرب العالمية الثانية المسؤولين عن الإبادة الجماعية، كقديسين يعبدونهم.وهذه الغرائز التي تحاكيها الولايات المتحدة.
من الواضح ان زيلينسكي الممثل المسرحي الهزلي السابق, وهو يهودي, وافق على المشاركة في سيناريو حرب كتبته الولايات المتحدة, يلعب فيه دور الكومبارس بينما الممثلون الاساسيون هم اعضاء حلف الناتو, وذلك لحاجة استراتيجية - جيوسياسية تخص الولايات المتحدة الأميركية, لا يمكن تحقيقها الا عن طريق الحرب, والهدف هو وقف "السيل الشمالي-2"، وإخضاع أوروبا المتمرّدة، وإحكام الحصار الاقتصادي حول روسيا، وقطع الروابط القديمة بين الشعبين الروسي والأوكراني إلى الأبد، وإجبار روسيا على إنفاق موارد مالية هائلة، واستدراجها إلى مذابح تؤدي حكما الى الفوضى، وبالتالي تحييد روسيا في الصراع الأميركي الصيني القادم.
إن نتائج وعواقب حرب وفق السيناريو المتخيل للتنفيذ لا يمكن التنبؤ بها، وحتى تدحرجها إلى درجة نشوب حرب نووية.