الأوكسجين السوري وأوكسيد دي كاربون أميركا والسعودية ـ أحمد شحادة

الخميس 25 آذار , 2021 12:34 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

كما هي العادة تماماً في لبنان، هب جماعة أميركا و"واحة الديمقراطية الكونية السعودية"، لرفض الأوكسجين من سورية، والتعبير عن رفضهم لخطوة وزير الصحة الدكتور حمد حسن بالاستنجاد بدمشق، بعد أن أبلغ على حد قول نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة سليمان هارون: "أن إحدى الشركات المصنعة والموزعة للأوكسجين تواجه مصاعب في إحضار هذه المادة من مصادرها، طالبة منه التدخل سريعاً لحل المشكلة".
وقد جاء هذا الموقف لهارون بعد أن كان قد أعلن أن الهبة السورية غير ذات منفعة، معتبراً أن لبنان مكتف بالأوكسجين، وأن هناك مصنعين للأوكسجين في لبنان يلبيان الطلب، ولا نقص في هذه المادة ... 
وقد أوضح الوزير حسن أنه أبلغ بأن "أزمة نقص الأوكسجين في لبنان بدأت البارحة (الاربعاء 24/3) بعد الظهر عندما أبلغنا من مدير إحدى شركتي الأوكسجين في لبنان، وللمعلومات ليس لدينا في لبنان سوى معملٍ واحد شركة ثانية لديها معمل في سورية بشراكة مع أشقاء سوريين وتبلغنا أيضا أن المصدر الثالث هي بواخر عبر البحر والتي كان من المفترض ان تصل باخرة من تركيا، لكن نتيجة الأمواج البحرية وتغير الطقس فإن الباخرة تأجل وصولها الى يوم السبت وكنا قد تبلغنا أيضا من مديري الشركتين أن مخزون الأوكسجين لديهما ينضب اليوم وهم بحاجة ماسة الى تأمين البديل.من هنا قمت بإتصالات مع المرجعيات والفعاليات ومع القيادة السورية ومع وزير الصحة السوري حتى ساعات متقدمة من ليل الأربعاء و كان الجواب إيجابيا ليلا وتم تأمين الأوكسجين صباحا بقرار من الرئيس الدكتور بشار الأسد هبة وهي عبارة عن 75 طنا من الأوكسجين يصل منها كل يوم الى لبنان 25 طنا لمدة ثلاثة أيام لتأمين حاجة المستشفيات اللبنانية الى يوم السبت موعد وصول الباخرة التركية".
واضح تماماً أن جماعة أميركا و"الواحة الديمقراطية السعودية"، كم هم حريصون على صحة اللبنانيين وعلى سيادة واستقلال لبنان، بحيث أنهم لم يتركوا وسيلة منذا انسحاب القوات السورية من لبنان في عام 2005، إلا واستعملوها في إظهار عدائهم لدمشق، بما يخالف روح الميثاق الوطني، ووثيقة اتفاق الطائف التي يتلونها صبحاً وعشية ويجعلونها قدس اقداسهم، لا تمس ولا تخدش، مع العلم أن وثيقة الطائف قد نصت بالحرف: "إن لبنان، الذي هو عربي الانتماء والهوية، تربطه علاقات أخوية صادقة بجميع الدول العربية، وتقوم بينه وبين سوريا علاقات مميزة تستمد قوتها من جذور القربى والتاريخ والمصالح الأخوية المشتركة، وهو مفهوم يرتكز عليه التنسيق والتعاون بين البلدين وسوف تجسده اتفاقات بينهما، في شتى المجالات، بما يحقق مصلحة البلدين الشقيقين في إطار سيادة واستقلال كل منهما. استناداً إلى ذلك، ولأن تثبيت قواعد الامن يوفر المناخ المطلوب لتنمية هذه الروابط المتميزة، فإنه يقتضي عدم جعل لبنان مصدر تهديد لأمن سوريا وسوريا لأمن لبنان في حال من الأحوال. وعليه فإن لبنان لا يسمح بأن يكون ممراً أو مستقراً لأي قوة أو دولة أو تنظيم يستهدف المساس بأمنه أو أمن سورية. وإن سورية الحريصة على أمن لبنان واستقلاله ووحدته ووفاق أبنائه لا تسمح بأي عمل يهدد أمنه واستقلاله وسيادته".
فهل الانخراط بالعداء للدولة الوطنية السورية يتوافق مع ما جاء في وثيقة الطائف، علماً أن جماعة أميركا و"واحة الديمقراطية السعودية" يتعمدون على سابق تصور وتصميم إلى المساهمة في حصار سورية قبل صدور "قانون قيصر الأميركي" الذي استغلوه وجعلوه ذريعة لتصير السلطة اللبنانية منفذه لتعميمات السفارة الأميركية، ويصير حاكم مصرف لبنان رياض سلامة مشرفاً على تنفيذ أوامر اليانكي، وها هي وثيقة سرية صادرة عنه في 25 شباط الماضي ومرسلة إلى وزارة الخارجية، وكما أشارت جريدة الأخبار، فإن "سلامة ذكّر السلطات اللبنانية بوجوب الالتزام بقانون العقوبات على سوريا (قيصر)، بعدَ أن أرسلت الوزارة في 15 كانون الثاني 2021 كتاباً إلى هيئة التحقيق التي يرأسها سلامة، تقول فيه إن وزارة الخارجية الأميركية أرسلت كتاباً إلى الوزارة تقول فيه إنها تدرس كيفية معالجة العمليات المرتبطة بتطبيق 3 مواضيع في ظل القانون. وهذه المواضيع هي: شراء الطاقة الكهربائية من سورية، ربط لبنان بالأسواق العربية عبرَ الأراضي السورية، وتجارة المنتجات الزراعية. وبحسب الخارجية اللبنانية، فإن الجانب الأميركي وافق على طلب لبنان في ما خصّ استثناء التجارة بالمنتجات الزراعية من موجبات القانون. رغم ذلك، ردّ سلامة بالتذكير بالإجراءات التي يجِب على المصارف أن تأخذها التزاماً بما يُسمى (استدراك المخاطر المُحتملة في تعاملها مع المصارف المُراسلة، لا سيما مخاطِر السمعة). كما ذكّر سلامة أيضاً، بأنه سبَق أن أرسلَ في 17 حزيران 2019 كتاباً إلى رئاسة مجلس الوزراء يُذكّرها بضرورة "اتخاذ الإجراءات السريعة والمناسبة مع السلطات المعنية بخصوص ما وردَ في كتاب السفارة الأميركية عن قيام الحكومة وعدد من شركات النفط الخاصة بتسهيل تزويد النظام السوري بشحنات النفط بما يتعارض مع العقوبات المفروضة على الدولة السورية".
بأي حال، مرة جديدة تثبت سوية أنها متنفس لبنان فهي بوابته الوحيدة على العالم تفتح وقت الضيق، رغم كل المعاناة السورية من جراء مواجهتها المفتوحة مع الإرهاب التكفيري المدعوم أميركياً وسعودياً وخليجياً.
فهل أن جماعة أميركا و"واحة الديمقراطية الخليجية" يفضلون سحق الناس وقتلهم مرضاً وجوعاً وعتمة على الانفتاح على دمشق، التي قدمت رسالة هامة على ما يمكن القيام به من أجل تخفيف حدة الأزمات في لبنان.
ربما جماعة أميركا والسعودية أفهم من الانتداب الفرنسي الذي جعل خلال فترة استعماره مندوباً سامياً واحداً على لبنان وسورية.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل