أقلام الثبات
في حديثه لصحيفة le point الفرنسية أجرى وزير داخلية حكومة الصخيرات فتحي باشاغا حواراً نهاية الاسبوع الماضي، كشف فيه عن خططه الشخصية في المستقبل القريب، وعن ملامح ليبيا في عهد السلطة الحالية، وأسرار ما بين المليشيات المسلحة وداخليته.
ومن جانبها وصفت الصحيفة الفرنسية ان عملية انتقال السلطة الجاري في ليبيا بالهش، قبل أن تتطرق إلى أبرز ما قدمه وزير الداخلية بحكومة الوفاق، مستعرضا جهوده في التصدي للهجرة غير الشرعية ومكافحة الاتجار بالبشر والمخدرات.
الاعتراف بالحفاظ على المليشيات
وبعد ان جاءت بداية الحوار عن صحة باشاغا بعد الحادث الاخير (محاولة الإغتيال) وما وصلت له الامور، ورفضه اتهام اي طرف وترك الاجابة للمدعي العام والنيابة، تطرقت الصحيفة، لما بين بأشاغا والمليشيات بطرابلس، وكيف تعامل معها ؟
وهنا أجاب بأشاغا، قائلا: "عملية تفكيك المليشيات كانت ستتطلب أموالاً ضخمة من الدولة، ولذلك حرصت على عدم تفكيكها، مفضلا إعادة توجيه تلك الميشيات، كي تتلاقى مصالحهم معنا، وقمنا بتأهيل بعضها مع مرور الوقت عبر برامج تدريب كي تخضع لوصايا الدولة"، كما أكد بأشاغا صراحة للمرة الاولى عزمه على خوض الانتخابات الرئاسية.
وحينها سألته الصحيفة عن ابرز ملامح برنامجه الإنتخابي، أوضح بأشاغا أنه يضع فرض الامن والمصالحة الوطنية كأولى اولويات برنامجه الانتخابي على الصعيد السياسي.
واضاف، وعلى الصعيد الاقتصادي سأعمل على ان يحل القطاع الخاص مكان القطاع العام، والعمل على عودة جميع المستثمرين والشركات العالمية التي عملت سابقًا في ليبيا."
وعندما سألته الصحيفة عن كيفية تعامله في حال فوزة برئاسة ليبيا مع التدخلات الاجنبية، أجاب بانه سيتعاون مع الجميع تجنبا للصراعات مع اطراف داخلية او خارجية"، وجاء ذلك بعد أن وصف بأشاغا التدخل الاجنبي في ليبيا بالامر الايجابي والسلبي في نفس الوقت!
وبعد ذلك الرد المتناقض، سألت الصحيفة عن قدرة بأشاغا في توحيد تلك المصالح المتضاربة؟
فأجاب بأنه يتمتع بعلاقات جيدة مع الاطراف في ليبيا بما فيها بنغازي.
وسألت الصحيفة عن امكانية استخدام جرعة من الفيدرالية كحلٍ للتنوع في حال فوز بأشاغا بالرئاسة؟، فأجاب، قائلا: لا ارفض الفيدرالية أن كان هذا النظام سيحمي الليبيين، وطالما أنه يوحد البلاد ويمنح الليبيين حقوقهم الكاملة والفرصة لممارسة مواطنتهم الكاملة"، مشيرا الى بعض الأمثلة الناجحة للغاية للفيدرالية في البلدان المتقدمة مثل الولايات المتحدة أو ألمانيا.
ويقول الخبراء اختار باشاغا صحيفة "لوبوان" كمنصة خارجية يمكن من خلالها أن يخاطب الليبيين، الذين يعتقدون بأن كل ما يأتي من الخارج "ذي مصداقية"، لذا عمد على إعلان نيته الترشح لانتخابات الرئاسة المقررة في 24 ديسمبر/كانون الأول المقبل، من باريس، بحسب مراقبين، وربطوا أيضاً توقيت حوار باشاغا مع الصحيفة الفرنسية، بتقرير ديوان المحاسبة الليبي، الذي كشف عن فساد بمليارات الدنانير، التهمتها المليشيات التي يسيطر على معظمها وزير داخلية الوفاق.
ورغم جرائم وزير داخلية حكومة المليشيات السابقة، التي عانى منها الشعب الليبي، لم يجد غضاضة في إعادة طرح نفسه للداخل الليبي، فضلا عن طرح نفسه كشخصية "ليبرالية"، بعيدة عن الجماعات الإرهابية المسلحة، ورغم محاولته للتبرؤ من الإرهاب في ليبيا، لكنه اعترف للصحيفة الفرنسية بأنه "حرص على عدم تفكيك المليشيات"، متحججا بأن العملية "تتطلب أموالا ضخمة"، وهذا الاعتراف يدعمه تقرير ديوان المحاسبة الليبي، حيث كشف عن أن أكثر من 5 مليارات و288 مليون دينار تم صرفها على المجموعات المسلحة التابع لـ"الوفاق" في الترتيبات المالية لعام 2019.
وفي السياق، يشير الخبير السياسي الليبي سعيد عبيدة الى حرص فتحي بأشاغا على أجراء أول حوار صحافي له بعد تولي عبد الحميد الدبيبة سلطته الجديدة، مع صحيفة فرنسية دون غيرها، فيقول عبيدة لموقع "الثبات"، لم يأت اختيار باشاغا للتحدث لصحيفة فرنسية واعلانه للترشح للرئاسة من خلالها صدفة، ففتحي بأشاغا تعمد ان يضع باريس كمحطة أولى لظهوره، وقبل الصحف والمنصات الاعلامية الليبية والعربية نفسها."
ويضيف: وزير داخلية حكومة الوفاق يدرك جيدا انه لم يعد له حلفاء في الشرق الاوسط، وان تركيا لن تعول عليه من الان بشكل أساسي كما كان من قبل، ولذلك يبحث فتحي بأشاغا عن حلفاء جدد، وعدم التعويل على اطراف بعينها دون غيرها كتركيا وقطر."
وأوضح عبيدة، أنه منذ تنصيب السلطة الجديدة في جنيف، وفتحي بأشاغا يبحث عن حلفاء جدد له داخل ليبيا وخارجها ايضا، وجاء حديثه للصحيفة الفرنسية ليؤكد ذلك، بعد أن عدل باشاغا من بوصلته الشخصية بما يتناسب مع متطلبات المرحلة القادمة."
بأشاغا يرتدي ثوب الليبرالي
وفي السياق يقول أستاذ العلاقات الدولية محمد الزايدي لموقع "الثبات"، سعى فتحي بأشاغا أكثر رجال حكومة الوفاق أثارة للجدل، خلال حديثه الصحافي لغسل يديه مما حدث لطرابلس وأهلها بسبب المليشيات والمرتزقة."
ويضيف الزايدي، وبنفس الوقت عمل على تصوير نفسه للمجتمع الغربي عامة والولايات المتحدة الأميركية وفرنسا والمانيا خاصة على أنه الرجل الليبرالي المنفتح، الذي لا علاقة له بجماعات الإسلام السياسي في ليبيا، وانه على اتم استعداد للتعاون مع الجميع سواء من في الداخل او الخارج."
ويكمل الزايدي، وكذلك رغب باشاغا في الظهور على أنه يقف على مسافة واحدة من كل الاطراف الدولية، وليس منحازاً لدول بعينها تتدخل في الملف الليبي بشكل مباشر كقطر وتركيا تحديدا."
واستطرد: "ولا ارى في ذلك الحديث الصحافي إلا خطو أولى من قبل باشاغا للترويج لنفسه خارجيا، في ظل خطة موضوعة من فريق عمله، لتنشيط ظهوره إعلاميا من الان وحتى نهاية العام الجاري موعد الانتخابات المقررة."