اليمن يكتب نهاية السعودية كما فعل بالعثمانيين والإنكليز ـ أحمد شحادة

الجمعة 12 آذار , 2021 11:29 توقيت بيروت أقلام الثبات

كيف توقع هيكل نهاية الحرب السعودية على اليمن؟

أقلام الثبات

تبدأ السنة السابعة من الحرب الهمجية الدموية التي تشنها السعودية وتحالفها المدعوم أميركياً على اليمن، والتي ارتكبت خلالها فظائع يندى لها جبين الانسانية، حيث استهدف العدوان المستشفيات والمدارس والأسواق الشعبية، وحفلات الزفاف، والمآتم، والأماكن التاريخية، وغيرها، لكن الشعب اليمني واجه هذا العدوان بكل بسالة، وانتقل من الدفاع إلى الهجوم، فيما تتأكل بقايا سلطة "الألعوبة" عبد ربه منصور هادي، المستقيل والمنتهية ولايته، لكن تحالف العدوان بقي متمسكاً بهذه الألعوبة لتغطية أعماله الإجرامية.
كأن السعودية وحاكمها الفعلي ولي العهد محمد بن سلمان، يريد أن يغير وقائع التاريخ والجغرافيا، ليؤكد أن التاريخ يبدأ به، ذلك لأن اليمن لم يأتها مستعمر أو غازي إلا وكتبت فيها نهايته، وهكذا أطلق على اليمن "مقبرة الغزاة"، وعليه كتبت نهاية إمبراطوريات كبرى، فالنهاية الحقيقية للسلطنة العثمانية، كانت بدايتها من اليمن وتمكن الشعب اليمني في آخر مواجهاته مع الأتراك عام 1911، من محاصرة العثمانيين وأبيد منهم سبعين ألف جندي من أصل 75 ألفاً، واضطر الأتراك لمغادرة اليمن مقهورين مذعورين، وقد اشتهرت في حينه أغنية تركية تعبر عن هذا الواقع المرير تقول:
" الجو ليس فيه سحب فما هذا الدخان!
الحي ليس فيه ميت فما هذا الصراخ المتألم
مناطق اليمن تلك ما أقسى شدتها آهٍ
من هذه اليمن وردها عشب أخضر
الذاهب لا يأتي يا ترى ما السبب؟
ها هنا أغصان الخيزران، طريقها منحدر صعب
الذاهب لا يأتي يا ترى ما العمل؟
أمام الثكنة هناك صوت صراخ جندي
انظروا في شنطته يا ترى ماذا لديه
زوج أحذية وأيضاً هناك طربوش
آهٍ من هذه اليمن وردها عشب أخضر
الذاهب لا يأتي، يا ترى ما السبب؟"
وعلى نفس طريق زوال السلطنة العثمانية، كان أفول الأمبراطورية التي كانت يوماً لا تغيب عنها الشمس (أي بريطانيا) الحقيقي، حينما تمكن جنوب اليمن في نهاية ستينيات القرن الماضي، من طرد الإنكليز، فكان لهذا الانتصار اليمني، بأن تحولت بريطانيا إلى مجرد دولة، كأي دولة أوربية، وصارت مهمتها أن تكون جرماً صغيراً في الفضاء الأميركي، يقدم الليانكي خبراته الاستعمارية والاستخبارية كاستعمار قديم.
وتحضر هنا نبوءة الكاتب العربي الراحل محمد حسنين هيكل للسعودية قبيل وفاته بقوله: "ستحارب السعودية اليمن، وستغرق السعودية في اليمن، وتنتصر اليمن، وإن لم يحصل هذا اخرجوا جثتي من القبر واحرقوا مؤلفاتي".
فهل بدأ "الشر" اليمني يكتب نهاية أسرة مالكة في شبه الجزيرة العربية، إذ يروى أن الملك عبد العزيز آل سعود جمع أبناءه وهو على فراش الموت، وتلا عليهم وصاياه، ومنها قوله: "خيركم في ذل اليمن، وشركم في عز اليمن .. فلا تجعلوا هذا البلد يرتاح".
وهكذا، منذ نشوء المملكة الوهابية في العام 1928، وهي تضع في أولويات اهتماماتها استهداف منبت العروبة، ففي ثلاثينيات القرن الماضي احتلت السعودية محافظات: جيزان، نجران، وعسير، بعد حرب مع اليمن استمرت أكثر من سنتين انتهت باتفاق، مكنت فيه السعودية من السيطرة على المناطق الثلاث لمدة عشرين عاماً مقابل سلام وأمن واستقرار بين البلدين ومعاملة اليمنيين في السعودية تماماً كالسعوديين، ومضت مدة العشرين عاماً وظلت المملكة السعودية محتلة لجيزان وعسير ونجران.
الرئيس الشهيد ابراهيم الحمدي (1974 - 1977 ) وضع خطة نصب عينيه للنهوض ببلاده على شتى المستويات، ومنها إعادة تحريك قضية الحدود اليمنية مع السعودية واستعادة الاراضي اليمنية التي تحتلها السعودية، ووفقاً للمعلومات أنه بينما كان الحمدي في زيارة للسعودية في منتصف سبعينيات القرن الماضي، وأثناء زيارته منطقة الطائف، طرح معه المسؤولون السعوديون قضية الملف الحدودي، فكان جوابه: "أنا ما زلت في الأراضي اليمنية، وإذا أردتم التباحث حول الموضوع، نبدأ من هذه النقطة".
لقد وضع الحمدي في سنوات حكمه القليلة التي استمرت ثلاث سنوات خطة للنهوض ببلاده انمائياً واقتصادياً واجتماعياً وعسكرياً، فكانت خطته الخمسية للنهوض باليمن وربط شماله بجنوبه، كما أرسى تفاهمات مع رئيس اليمن الجنوبي سالم ربيع علي، فسارعت الرياض عبر ملحقها العسكري في صنعاء، بالتعاون مع أدوات داخلية في اليمن إلى اغتيال الحمدي عشية زيارته إلى عدن في العاشر من شهر تشرين الأول/اكتوبر عام 1977، ونصبت رئيس الأركان انئذ المقدم أحمد الغشمي رئيساً للجمهورية، الذي تميز بأنه مطواع للسعودية، مع كامل الاستعداد للتنازل النهائي عن المناطق اليمنية المحتلة من السعودية، وقد لقي الغشمي مصرعه في 24 حزيران/يونيو عام 1978 في عملية انتحارية نفذها احمد صالح حمدي، وترددت معلومات أن الرئيس سالم ربيع علي هو من خطط لهذه العملية ثأراً للرئيس اليمني الراحل الشهيد ابراهيم الحمدي، والنهاية الحقيقية لعلي عبد اهدو صالح كما يؤكد المتابعون لليمن كتبت حين وافق عام 2002 على ترسيم الحدود مع السعودية والتخلي عن المناطق اليمنية التي تحتلها المملكة الوهابية.
وبأي حال، سبع سنوات من الحرب القذرة على اليمن، ها هي السعودية تستنجد عند أي صاروخ يمني، يسقط في بلاد الحجاز، من كل دول الأرض موقفاً مستنكراً، كأن دماء أطفال وشيوخ اليمن لا قيمة لها أمام هوس محمد بن سلمان لتأكيد مقولة جده، بأن على أولاده وأحفاده أن لا يتركوا "اليمن يرتاح"، لكن يبدو أن البأس اليمني سيكون له مفاعيله لترتاح كل منطقة الخليج من الأطماع السعودية الوهابية.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل