ثورة تبحث عن ثوَّار! ـ أمين أبوراشد

الأربعاء 10 آذار , 2021 09:10 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

غضب أبناء الشوارع الذين اخترقوا الحراكات المطلبية، تحوَّل من سُباب وشتائم للسياسيين، الى كل لبناني قابع في منزله، مع "مِنَة وتربيح جميلة" أن كل مُتظاهر وقاطع طريق، إنما هو يُناضل من أجل جميع اللبنانيين، وكل راغب بالصِّياح عبر الشاشات الرخيصة، بات يُعطي لنفسه الحق باستدعاء الناس للنزول الى الشارع، بالتكافل والتضامن مع هذه الشاشات التي تعتبر أن تجمُّعاً من عشرة أشخاص يقطعون أوتوستراد أو طريق فرعية هم ثوار يُمثِّلون شرعية شعبية، مع لفت النظر أن البطر في دفع أموال العمالة للمُشرفين على قطع الطرقات، جعلهم يحرقون إطارات تحمل ملصقات تؤكد أنها جديدة من الوكالة مباشرة الى المُستهلكين الذين وكَّلوا أنفسهم عن الناس في تحصيل حقوقهم!
هذه العدوانية في التصرُّف سواء عبر الشاشات، أو مع المواطنين الراغبين في عبور طريق مقطوعة، خصوصاً في منطقتيّ الذوق وجل الديب، هي ردَّة فعلٍ قواتية على خيبة هزالة الحشد في بكركي لسماع خطاب البطريرك الراعي عن الحياد المزعوم، والقواتيون يُدركون ومعهم "بطريرك سيدة الجبل" فارس سعيد، أن المسيحيين يُقاطعون أي حشد يدعو اليه جماعة الكانتونات، حتى ولو كان الداعي البطريرك نفسه، والذين أرادوا إعطاء صفة وطنية على الخطاب وعلى طرح الحياد، تبيَّن لهم بالعدد حجمهم على مستوى الوطن، ويكادون يرفعون يافطات: "مطلوب ثوار للثورة". 
ومن وكالة الدواليب الجديدة لقطع الطرقات، الى الوكيل الحصري للسعودية في لبنان حالياً السيد سمير جعجع، الذي حسده النائب السابق وليد جنبلاط على هذا "العز"، خصوصاً أن السفير البُخاري صعد الى معراب  منذ يومين لجلسةٍ خاصة، ولا حاجة لتحليل سبب وتفاصيل الزيارة، طالما أن عرقلة الموضوع الحكومي بيد السعودية بالدرجة الأولى، وطروحات جعجع للعرقلة مقبولة سعودياً أكثر من سواها، ما دام يصدح ضد المقاومة ويُقاتل حزب الله من معقله في معراب، ومن خلال إنزال أزلامه لقطع الطرقات ومُحاربة الشعب اللبناني بما بقي من رزقه، وزوجته تسأل في تغريداتها عن توقيت استقالة الرئيس ميشال عون.
الأزمة التي نُعانيها حالياً من هكذا "ثورة"، أن المتظاهرين انكفأوا عنها بعدما تبيَّن أن العملاء قد اعتلوا ظهور الأبرياء، وعنونة هذه التصرفات الشوارعية تحت ذريعة مطالب معيشية وسياسية اعتادت الناس عليها، لكن المشكلة أن هؤلاء الزعران وقطَّاع الطرق مقتنعون، أن استقالة الرئيس عون تحصل بضغط الشارع، وحتى ولو صَمَد حتى انتهاء ولايته، فإن مَن سوف يخلفه على كرسي بعبدا هو سمير جعجع أو زوجته ستريدا، وهنا تكمُن أزمة العقل في الحوار مع جماعة "القوات"، الذين يعتقدون أن مفتاح بعبدا في جيب دشداشة البُخاري !
وإذا كان انتخاب الرئيس ميشال عون قد استهلك عامين ونصف في مقاومة كل الضغوط الإقليمية والدولية الرافضة لإنتخابه، كونه حليف حزب الله وشريحة واسعة من اللبنانيين، فإننا نقول لكل مَن لا يرى أبعد من أنفه في لبنان، أن انتخاب خليفة للرئيس عون بعد انتهاء ولايته، سوف يستغرق من سنتين ونصف الى خمسٍ وعشرين سنة، ما دام الرئيس المُرشَّح لا يشبه بحكمته ونظرته الوطنية شخص ميشال عون ... .


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل