رحلوا.. وبقي السيد وبقيت المقاومة

الإثنين 08 آذار , 2021 03:13 توقيت بيروت مقالات مختارة

مقالات مختارة

"أصبح فضل الله مزعجًا للسياسة الأمريكية وعليه أن يرحل"

بهذه الكلمات حُددت الرؤية والهدف لترتكب الإدارة الأمريكية وداعموها وأدواتها مجزرة بحق المدنيين العزل في شارعٍ عام في منطقة مكتظة، لاغتيال شخص مزعج.

لم يكن إزعاجه أنه إمام مسجد، وخطيب منبر!
إزعاجه أنه إمام المسجد الأكثر نشاطًا في المنطقة آنذاك، كان فيه إمام الثقافة والوعي للعقل، والروح للقلب والإيمان، والتراص والمجتمع الإيماني الصاعد..

الثقافة الحركية فهمًا عميقًا للقرآن وكل تاريخ السلف.. ليختصر (السيد) ذلك في كلّ جمعة، موقفًا يحرك التاريخ والروح في قلب صراع الواقع.
تحت المنبر كلُّ عقود الأعمار؛ ابنُ العشر سنوات إلى جوار الستّيني والسبعيني وما بين ذلك.. بذلك كان على السياسة الاستكباريّة أمام ثقافة تمتد في أجيال لأكثر من نصف قرن آت!

المسجد لم يكن للرجال فقط، بل كان النساءُ ـ أجيالًا أيضًا ـ.

هذه الثقافة لم تزعجهم لو أنّها بقيت نظريّة.. هذه الثقافة الواعية والحركية كانت تشحذ بندقيّة الجهاد ضدّ الاحتلال، وكان المقاومون يتزوّدون فكرًا وروحًا، تعرفهم جدران المسجد كلّ يومٍ ليراهم المؤمنون صور شهادةٍ في صحافة ذات صباح...

هذه الثقافة التي حملت البندقية كانت تحول الجهاد والتحرير إلى مدرسة تنتقل عبر الأجيال..

ذلك المسجد كان عنوان حالة ينسج فيه (السيد) خيوط الإسلام الحضاري، الحركي في قلب العصر، الأخلاقي في لب الصراع، والقانوني في فوضى الحرب، الروحي في صحراء المادة، العونُ لكل فقير، السند لكل ضعيف، والقوي في وجه المؤامرات، الواعي أمام الفتن، والحاضن لكل قضية..والمواجه لكل احتلال.

 

السيد جعفر فضل الله


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل