أقلام الثبات
إذا صدقت النوايا في استكمال ما بدأته الفصائل في القاهرة من حوارات في شباط الماضي ، سنكون أمام اجتماع أخر خلال الأيام القادمة . إلاّ إذا تحقق ما صرّح به عضو تنفيذية المنظمة أحمد مجدلاني ل" عربي 21 " ، وهو تأجيل الاجتماع ، نتيجة المشاورات التي تجريها فصائل المنظمة ، التي بادرت بدورها إلى نفي مزاعم مجدلاني ، مؤكدة على أنّ الاجتماع قائم ولا تغيير لجهة التأجيل ، (تصريح مجدلاني كان بمنزلة بالون اختبار ، فكثيراً ما تمّ اللجوء لهكذا أساليب) . والاجتماع القادم سيكون مخصصاً لانتخابات المجلس الوطني ، أو الأدق استكمال تشكيله ، على اعتبار أنّ أعضاء المجلس التشريعي الجدد هم أعضاء في المجلس الوطني .
مهمة الفصائل في هذا الاجتماع ليست سهلة ، والطريق إلى إنجاز التفاهم والاتفاق حول المجلس الوطني ، ليس معبداً بما تتمناه مختلف الفصائل ، لأن وفد حركة فتح سيحضر وفي سلم أولوياته استكمال النقاش حول انتخابات المجلس التشريعي . وتصريحات جبريل الرجوب المتلاحقة ، وأخرها على قناة فلسطين ، تشير بوضوح لذلك من خلال قوله : " إذا لم يحصل اتفاق مع حماس على كل المحاور ، فسينهار الاتفاق بيننا ، يجب أن يكون هناك اتفاق وضبط على كل المواضيع ، هناك الكثير من المواضيع التي يجب أن نتفق عليها معهم " . وهذا يدل على أنّ جهود "فتح" ستكون منصبة على تذليل تلك العقبات التي ما زالت تعترض طريق الاتفاق بين الحركتين ، الأمر الذي يُناقض ما حاول البيان الختامي لحوارات شباط الماضي ، القول أنّ الفصائل خرجت متفقة ، خصوصاً أنّ البيان المذكور بنقاطه أل 15 ما يزيد عن 90 بالمائة منه كانت مخصصة لانتخابات التشريعي .
الفصائل مطالبة ، أولاً أن تبقى متمسكة بجدول أعمال الاجتماع المقبل والمخصص لمناقشة ما يتعلق بالمجلس الوطني والاتفاق حوله ، على اعتبار أنه يشكل المدخل الصحيح لتفعيل وتطوير منظمة التحرير الفلسطينية ، على أسس سياسية ووطنية من خارج سقوف اتفاقات " أوسلو " ومخرجاته . وطالما أنّ تصريح الرجوب يتحدث عن ضرورة الاتفاق مع حماس على كل المحاور بما يخص التشريعي تحديداً . إذاً على الفصائل أن تنأى بنفسها بعيداً عن كلا الطرفين اللذين تحاورا بعيداً عنها من دون استثناء ، في تجاهل متعمد لتاريخها وتضحياتها وحضورها ودورها النضالي والكفاحي على مدار أكثر من نصف قرن من الزمان . وثانياً ، التمسك بمخرجات اجتماعات اللجنة التحضيرية للمجلس الوطني في بيروت في العام 2017 ، برئاسة رئيس المجلس السيد سليم الزعنون ، وبحضور الفصائل أل 14 . وثالثاً ، عدم الموافقة على أي بيان سيكون نسخة مكررة لبيان شباط 2021 ، الذي كُرِس بمجمله لانتخابات التشريعي .
بتقديري أنّ الفصائل وجديتها في هذا الاجتماع على المحك ، خصوصاً أنّ طيفاً واسعاً من النخب الفلسطينية على مختلف مسمياتها وأدوارها ، تنظر إلى دور الفصائل في لقاءات الحوار ، وتحديداً منذ اجتماع الآمناء العامين في 3 أيلول الماضي وحتى حوارات القاهرة الأخيرة ، أنّه دورٌ لا يتعدى المباركة على ما اتفقت عليه حركتي فتح وحماس ، على الرغم ومن خلال المتابعات ، أنّ لتلك الفصائل مواقف وأراء واضحة من جملة العناوين المطروحة . ولكن المواقف شيء ، والنتائج شيء أخر مختلف تماماً للأسف عن تلك المواقف .