العرب.. بين أحلام الربيع وأوهام التطبيع ـ أمين أبوراشد

الأربعاء 24 شباط , 2021 09:31 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

القراءة تطول بين الذكرى العاشرة لإنطلاق ثورات ما يُسمى "الربيع العربي"، ومهرجان التطبيع الرباعي مع الكيان الصهيوني منذ أشهر قليلة، والناتج المشترك لكل الأحداث والوقائع حتى الآن، أن الشعب العربي لم يقطف أزهار الياسمين من زوايا الأرصفة الربيعية، رغم أنها ارتوت بأنهار من الدماء والدموع، والنظام العربي بات تائهاً فاقداً لوجهة البوصلة، مع فارقٍ بسيط بين القدس وتل أبيب!
وبالمحصِّلة الأولية، لا الشعب أزهرت صرخاته، ولا الأنظمة العربية التي انتشَت بجنون دونالد ترامب ربِحت رهان بقائه على كرسي البيت الأبيض، وبالتالي، ليس مُفاجئاً أي قرار يصدر عن إدارة جو بايدن يرتبط بالشرق الأوسط، لأن وجود بايدن بحدِّ ذاته هو المُفاجأة التي لم يستيقظ عرب التطبيع بَعدُ من هولِ حصولها، ويتقاسمون هموم الآتي الأعظم في موضوع الملف النووي الإيراني مع بنيامين نتانياهو، وفي مُقدِّمة المُعزِّين محمد بن سلمان، المعني الأول بحلقة الصدمة ضمن المسلسل الأميركي الطويل.
ومع تبدُّل دور البطولة في المسلسل من ترامب الى بايدن توالت الأحداث الأخيرة الآتية:
قبول واشنطن بدور وساطة أوروبية مع إيران، ودخول الصين وروسيا للوساطة عبر قناةٍ أخرى، وزيارة وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن الى طهران حاملاً رسالة من الأمير تميم بن حمد الى الرئيس الإيراني حسن روحاني، بشأن استعداد الدوحة لتقريب وجهات النظر بين طهران وواشنطن، فيما الموقف الإيراني هو هو لا يتغيَّر، بل الى مزيد من الصلابة.
أعلنت إيران منذ ساعات، وقف العمل بآخر بنود الإتفاق النووي، وهو البروتوكول الإضافي الطوعي الذي كان يسمح بحرِّية التنقُّل لِمُفَتشيّ الوكالة الدولية للطاقة الذرِّية على مواقع التخصيب والإنتاج النووي، وترافق ذلك مع إعلان المرشد الأعلى للثورة الإيرانية أن لا شيء يمنع إيران من إنتاج السلاح النووي، مع إفصاح مصادر رسمية إيرانية عن زيادة  نسبة تخصيب اليورانيوم الى 60% بدلاً من 20.
نعم، رفعت إيران من مستوى التحدي، وأعلنت أن لا بحث في موضوع العودة الى الإتفاق النووي قبل رفع العقوبات الأميركية التي فرضها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، وأن رفع هذه العقوبات لن يُغيِّر في المبادىء الإيرانية ولا في الموقف من فلسطين، ووصل التحدِّي الإيراني حتى الى سوريا، حيث أُعلِن عن افتتاح الخط البحري بين مرفأي بندر عباس واللاذقية في العاشر من الشهر المقبل، لمواجهة العقوبات الأميركية على البلدين، إضافة الى تفعيل خط سكك الحديد العابر للأراضي العراقية لشحن المُنتجات الزراعية السورية الى الداخل الإيراني.
وفي المقابل، تستمر الإدارة الأميركية الجديدة في مُهادنة إيران، وكانت آخر مؤشراتها رفع القيود عن تحركات البعثة الديبلوماسية الإيرانية في الأمم المتحدة، وإعلان كوريا الجنوبية إفراجها بالتنسيق مع واشنطن عن مليار دولار من الأموال الإيرانية، وتبقى المُبادرة الأوروبية للعودة الى الإتفاق النووي وإعادة واشنطن إليه، هي العنوان الأبرز للتحولات القادمة، لأن الشركات الأوروبية العملاقة التي ارتبطت عقودها مع طهران بالإتفاق النووي، أرهقتها العقوبات التي فرضها ترامب، وباتت بعض القطاعات الأوروبية الإنتاجية تُعاني جراء قرارات منع الإستثمار في الداخل الإيراني نتيجة تلك العقوبات.
ومع رفع إيران السقف الأعلى لحقوقها السيادية، يجِد "عرب الإعتدال" أنفسهم بلا شرطي أميركي يحمي عروشهم وأنظمتهم على طريقة "البلاك ووتر" (إدفع وخُذّ حماية)، ووضعُ الشرطي الأميركي الآن ليس على ما يرام في البيت الداخلي، والأعباء الإقتصادية والصحية والإجتماعية التي ورِثها بايدن عن ترامب، لن تسمَح له بالنظر من نافذة البيت الأبيض الى حيث الخارج، لأن الخارج - خصوصاً البعيد - ليس من أولويات واشنطن مهما تعالت صرخات اليتامى بعد رحيل ترامب، وبشكلٍ خاص نتانياهو ومحمد بن سلمان، وكل مَن يُشاركهما أوهام قطاف ثمار التطبيع ...


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل