إيران المفترى عليها ـ عدنان الساحلي

الجمعة 19 شباط , 2021 11:01 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

أشعلت الولايات المتحدة الأميركية لبنان عام 1975، بأدوات داخلية، لأنها أرادت دخاناً تغطي به على خيانة أنور السادات؛ وخضوعه أمام قادة كيان الإحتلال في الكنيست الصهيوني وفي كمب ديفيد، من جهة. ولإشغال المقاومة الفلسطينية التي كانت تتواجد في لبنان في تلك المرحلة وإضعافها، من جهة ثانية. ولإيصال أحد أتباعها إلى قصر بعبدا، على ظهر الدبابات "الإسرائيلية"، في تحقيق لغاية ثالثة.
وتقوم منذ سنوات بالمناورة ذاتها، تضغط على لبنان وتخلق له شتى أنواع المشاكل. من جهة أولى لتكبيل دور المقاومة وتعطيل حركتها. ولمحاولة ترويض الحكم لجعله أكثر مطواعية، أو تغييره، إذا أمكن ذلك، من جهة ثانية؛ ولإجباره على الإنضمام إلى حكام بعض الدول العربية التابعة لها في زحفهم الذليل للإعتراف بالعدو الذي يحتل فلسطين. وللتغطية بأحداث لبنان على حرائق المنطقة المشتعلة منذ قرابة العشر سنوات. وهذا الإشغال مطلوب لمنع إعلاء الصوت في وجه تلك الدول وأولئك الحكام عبيد أميركا، حتى يتسنى لهم تقديم الولاء والطاعة لسيدهم بالوكالة، الكيان الصهيوني، بما يلغي القضية الفلسطينية من حسابهم؛ ويطمئن الأميركي إلى حال أتباعه، فيما هو يستعد لإخلاء المنطقة والتفرغ لصراعه المتصاعد مع القوة المتعاظمة للصين الشعبية، حسب ما صرح الأميركيون أكثر من مرة.
ولذلك، تشن حملات إعلامية على المقاومة وإيران، للتغطية على كل ذلك، خصوصاً التآمر الذي إستهدف معظم الدول العربية؛ وفي مقدمها سورية والعراق ولبنان واليمن ومصر وتونس وليبيا، الذي بدأ منذ حوالى عشر سنوات تحت شعار "الربيع العربي"، الذي تبين أنه ربيع عبري قاده ونسق نشاطاته الصهيوني برنار  هنري ليفي. لكن محور المقاومة تصدى وأفشل الهجمة في أكثر مكان، فكان رافعة لتقوم مختلف القوى في تلك البلدان، بمقاومة قوى التبعية ومنعها من تحقيق إنتهازيتها ووصوليتها للتحكم والتسلط.  
وفي هذا الخضم ترفع جماعات أميركا والسعودية في لبنان صوتها بشتى الإفتراءات بحق إيران. ويصل بهم تزوير الحقائق وتركيب روايات الكذب والتضليل، إلى حد تصوير إيران باعتبارها تحتل لبنان وتتدخل في شؤونه، في حين يتعامون عن الوجود العسكري الأميركي في أكثر من مكان في لبنان مثل القاعدة الأميركية في مطار حامات في البترون. وفي السفارة الأميركية في عوكر التي تشبه ثكنة عسكرية أكثر مما هي سفارة.  
إن جريمة إيران أنها دولة ذات سيادة بالفعل وليس بالقول فقط. لا تتبع أي دولة من دول الهيمنة. وتبذل جهدها وتضحيات شعبها لحماية قرارها الحر والمستقل وخيارها الوطني، الذي يراكم إنجازاته لتحقيق مصالح الشعب الإيراني، بعيداً عن تدخلات ومطامع دول الهيمنة، التي لا يهون عليها أنها عاجزة عن نهب ثروات الشعب الإيراني والتسلط على قراره ومقدراته، مثلما تفعل مع كثير من الدول الأخرى، خصوصاً دول جوار إيران الخليجية، كالمملكة السعودية وباقي دويلات وإمارات الخليج، التي ينهب الغرب وأميركا ثرواتها المالية والنفطية، مقابل حمايتهم العائلات الحاكمة فيها من شعوبها التي تحلم بالحرية وبتملك ثروات بلادها، بدلا من أن ينهبها الغرب، على طريقة دونالد ترامب الذي إستولى على أكثر من خمسمائة مليار دولار في زيارة واحدة للمملكة السعودية.
وإيران جريمتها في لبنان أنها مدت أيدي المساعدة للبنانيين كانوا يقاتلون قوات الإحتلال "الإسرائيلي" التي إجتاحت لبنان عام 1982. وكانوا بحاجة للدعم العربي الذي لم نره وحل مكانه تواطؤ ضد المقاومة الفلسطينية، أدى إلى تهجيرها إلى مجاهل بعض الدول العربية، باستثناء الجيش العربي السوري الذي قاتل في خلدة وبيروت وعين دارة والسلطان يعقوب، في معارك سجلت له. كما تصدى الشرفاء في لبنان لقوات الإجتياح؛ وكان منهم مجموعات إسلامية قاتلت في أكثر من موقع؛ وقدمت شهداء في الجامعة اللبنانية في الحدث وغيرها من مواقع، يذكرهم من عايش تلك المرحلة. كما كانت مجموعات أخرى منهم منخرطة ضمن صفوف فصائل المقاومة الفلسطينية. هذه المجموعات جال بعض أفرادها على أحزاب وتنظيمات يطلبون السلاح والذخائر ليواصلوا قتالهم، فلم يحصلوا على مرادهم. ويسجل لإيران االثورة الفتية في ذلك الوقت، أنها أرسلت قوة من حرس الثورة لمساعدة سورية ولبنان في مقاومة الإجتياح الصهيوني، إنطلاقا من عقيدتها الإسلامية. كان لبنان بحاجة لأي يد تمتد لتساعده في وجه العدوان "الإسرائيلي" وبرزت المساعدة الإيرانية، فيما غابت الأنظمة العربية وكأن ما يحصل لا يعنيها. وهذا دفع الشباب الإسلامي لطلب المساعدة من الأشقاء الإيرانيين، الذين لم يبخلوا منذ ذلك الوقت في دعمهم بالمال والسلاح والخبرات والتدريب، فهل تكون إيران صاحبة فضل على لبنان واللبنانيين، أم أن قليلي الوفاء وعملاء العدو الحريصون على تنفيذ أجندته في لبنان، مزعوجين من هذا الدعم الإيراني الذي يحتاجه لبنان، لأنه يفشل المخططات والمشاريع "الإسرائيلية". 
المقاومة التي ساعدتها إيران على النهوض، لم تقاتل لتحرير طهران ولا كرمان، بل حررت الأرض التي كان "الإسرائيلي" يحتلها. وأجبرته بواسطة الدعم الإيراني على الإنسحاب المذل عام 2000 من معظم الأراضي اللبنانية. وهي بالسلاح والدعم الإيراني مرغت أنف الصهيوني وخيبت عملائه في عدوان تموز 2006. وهي حققت توازن ردع مع العدو. فهل علينا أن نشكر إيران لأننا نخوض حروبنا بدعمها. ولا نخوض حروبها كما يحاول الكاذبون والعملاء قلب الصورة وتزوير الحقيقة. والكيان الصهيوني عدونا قبل أن يكون عدو غيرنا.
وفي حرب سورية، تدخلت المقاومة دفاعا عن لبنان بالدرجة الأولى، لأن المخطط التكفيري إندفع نحو لبنان. وكان يلحظ إقامة إمارات "داعشية" و"جبهة نصرية" في أكثر من منطقة لبنانية، فهل يقول الذين ينتقدون إيران ماذا فعلوا لحماية لبنان واللبنانيين امام ذلك الخطر؟ علماً أن سيطرة التكفيريين على سورية، كان حكماً يعني سيطرتهم على كل لبنان. وكان الدعم الإيراني للبنان وسورية لكسر تلك الهجمة وإفشال ذلك المخطط. فهل يخجل المتهجمون على إيران لأن إستهدافهم لها يعني أنهم مع المشروعين الصهيوني والتكفيري. في حين تصدى المقاومون الأبطال بالدعم الإيراني وحققوا إنتصاراتهم.
ليس دفاعاً عن إيران هي لا تحتاجه، لكن لا بد من قول الحقيقة التي تكشف خبث الحاقدين على إيران، منذ أن أطاح شعبها بشرطي الخليج، الشاه الصهيوني. ومنذ أن طردت سفارة الكيان الصهيوني وأقامت مكانها سفارة فلسطين. هم أبواق صهيونية واميركية حتى لو تمولوا من أنظمة عربية هي مجرد ذيل للصهيوني والأميركي.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل