خطاب نصرالله جرعة أدبيات في زمن القحط ـ أمين أبوراشد

الأربعاء 17 شباط , 2021 09:44 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

نكاد نقول، تأخَّر السيد حسن نصرالله في إطلالته التي ينتظرها الخصم قبل الحليف، وكلمته ليلة الثلاثاء في ذكرى القادة الشهداء، ليست سوى تأكيد على الثوابت كما سابقاتها، لكن الكلّ ينتظرها، في الداخل اللبناني كما في الخارج الإقليمي والدولي، رغم أن السيد لا يُعطي معلومات من نوع تلك التي ينتظرها البعض، تُبشِّر بإجراءات فورية، لأن إطلالته هي عادة جزء من تكتيك يخدم استراتيجية الموقف، ومع ذلك هو دائماً مُطالب بإطلالة، يُمطرنا خلالها بأدبيات الخطابة الوطنية، خصوصاً أننا على مستوى الداخل، بلغنا منذ  إنطلاق "الثورة" في 17 تشرين الأول 2019 حضيض الأدب، سواء من خلال بعض الوسائل الإعلامية أم عبر مواقع التواصل الإجتماعي، في غياب كل الوسائل القانونية الردعية لحماية ما يُسمَّى العيش المشترك الذي أودعناه زُمرة سياسيين، يشتغلون علينا سياسة على الطريقة اللبنانية، ولا يفقهون حرفاً من تعريف السياسة، بأنها مهنة إدارة المجتمعات بكقاءة ونزاهة وأخلاق.
مشكلة السيد نصرالله مع مَن ينتظرون إطلالته في الداخل اللبناني، أنهم يحمِّلونه مسؤولية انتشال الوطن من الهاوية السياسية، وهُم يُدركون أن حزب الله جسمه "لبِّيس" لدى خصوم الداخل والخارج، ورمي الحرام عليه تحت مُسمَّى الإتهام السياسي جعله كما قال السيد: "مُتَّهم لدى البعض حتى تثبت براءته"، وهذا حال العهد على ما يبدو، حين قال السيد "إن هناك اتجاهاً لتحميل كل المسؤولية لرئيس الجمهورية وهذا الأمر غير مُنصِف".
ما من عهدٍ شهِدَ هذا البخّ من السموم عليه أكثر من عهد ميشال عون لسببين رئيسيين:
أولاً: لأن ميشال عون حليف حزب الله في وثيقة التفاهم وممنوعٌ عليه أن يحكُم، وثانياً: لأن ما تُسمى "ثورة 17 تشرين" هي نسخة عن ثورات "الربيع العربي"، ونموذج عن التطبيقات الأميركية في نشر الفوضى لترسيم الشرق الأوسط الجديد، وهُم أنفسهم الذين أجلستهم كونداليزا رايس على مأدبة سندويشات عوكر مستمرون في تنفيذ ما هو مطلوب، وأموال العمالة موجودة، ولولا حزب الله ووثيقة التفاهم مع التيار، لكانت "داعش" قد بدأت الربيع العربي من لبنان منذ العام 2007 وتحديداً من نهر البارد، مروراً بما يعتبرونها "عروس الثورة" ووصولاً إلى عرسال، ولا شيء أنقذ لبنان من هكذا ربيع سوى التنوُّع المذهبي الذي حال دون تغلغل الإرهاب التكفيري في البيئة اللبنانية.
في هذا الجو الإقليمي الذي بدأ منذ عشر سنوات بربيع وانتهى اليوم بعمليات تطبيع مع الكيان الصهيوني، تحت عنوان "صفقة القرن" استكمالاً لشرق أوسط جديد على هيئة القبيحة كونداليزا رايس، صادف عهد ميشال عون، والفرصة سنحت لمن كان إسمُهم عرب الإعتدال للإنتقام من وطن حزب الله والمقاومة، خصوصاً بعد نصر تموز 2006، ويُخشى أن يكون سعد الحريري من رموز تطبيق الجزئية اللبنانية على خارطة التطويع نتيجة رفض لبنان البحث بكل أشكال التطبيع.
وعليه، ليست أزمة الحكومة في لبنان مرتبطة بوزارة عدل من هنا ووزارة داخلية من هناك، ولا بثلث مُعطَّل مُتَّهم به رئيس الجمهورية من طَرف "العاطلين عن الحق"، والحلقة المُفرغة التي ندور بها بإدارة سعد الحريري، ما هي سوى جزئية من تعطيل كل خطوة لبناء الدولة في عهد حليف المقاومة ميشال عون، ومن سوء حظ الشعب اللبناني، أن ميشال عون عندما احتاج الشارع لتأييد خطواته الإصلاحية، نزِل إلى هذا الشارع كثيرون من أبناء الشوارع، وأسعارهم تتراوح بين المنقوشة وحفنة الدولارات... .


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل