عدم استقرار البيت الأبيض، عامل استقرار العالم؟! ـ أمين أبوراشد

الأربعاء 03 شباط , 2021 08:10 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

حرب الجيل الرابع (ضرب الداخل إقتصادياً واجتماعياً) التي شنَّها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، عبر العقوبات والحصار على بعض دول العالم من فنزويلا الى لبنان، مروراً بكل دولة ترفض قول "النَعَم" لأميركا، هذه الحرب انتقلت دون أي مجهود خارجي الى قلب الداخل الأميركي، خلال الفترة ما قبل وخلال وبعد الإنتخابات الرئاسية، وربما كان مرور ترامب على البيت الأبيض واجب الوجوب، لتتظهر حقيقة أميركا كدولة عميقة تحكُم العالم بغطرسة المُكابِر، أمام من اعتبروها لعقود رمز الديموقراطية ورعاية حقوق الإنسان.
على أثر حادثة اقتحام مبنى الكونغرس في السادس من يناير/كانون الثاني الماضي، طَرَح مكتب التحقيق الفيدرالي فرضية تدخُّل إستخبارات دُوَل وحركات سياسية خارجية من خلف كواليس تلك الحادثة، وهي فرضية غير مستبعدة نهائياً، لأنه سبق لوكالة المخابرات المركزية الأميركية أن زلزلت أنظمة وأشعلت حروباً وأزهقت أرواح ملايين عبر العالم على مدى العقود الماضية، وليس غريباً في مجتمع أميركي مُتعدد الألوان والأعراق والأديان، ومُسلِّح من الدرجة الخطيرة، أن تحصل هكذا خروقات أمنية رغم الحُصن الرهيب الذي تحتضن فيه أميركا نفسها بكل جبروتها من القدرات العسكرية والإقتصادية والسياسية الهائلة.
إن استقرار البيت الأبيض، ينبثق بداية من الإستقرار الذهني لدى الرئيس، وجو بايدن يبدو أن لديه هذا الإستقرار، بخلاف السلف الذي كان يعيش على الدوام توتراً إنفعالياً كما "الزرّ النووي" المضغوط، سواء كان مُنتصراً أو منكسراً، ودولة عظمى بمستوى أميركا، أثبتت آخر معاركها الرئاسية، أنها رغم مؤسساتها السياسية والحزبية والقضائية، مُرتهنة في رسم سياستها المباشرة لمزاج شخصٍ بصرف النظر ما إذا كان عاقلاً مثل بايدن أو مجنوناً مثل ترامب.
الأزمة الأخيرة في أميركا لا توحِي بنظامٍ مُستقرّ، لا على المستوى الداخلي ولا الخارجي، وهي ليست حصراً بقانون تأمين صحي يضعه باراك أوباما ويُلغيه ترامب، ولا بحربٍ يُشعلها أوباما في اليمن ويُزكِّيها ترامب، ثم يأتي بايدن لمحاولة إطفائها عبر وقف تسليح الدولتين اللتين دمّرتا اليمن وأبادتا شعبه، ولا الأزمة في أميركا ومع أميركا، يُمكن ترتيبها داخلياً عبر قوانين وضعية مؤقتة تُعدَّل عند رحيل كل رئيس، ولا خارجياً، عبر توقيع إتفاقية مناخ ثم الإنسحاب منها ثم العودة إليها، والآخرون يدفعون أثمان خُبث الدولة العميقة.
تجربة العالم مع شخصية مثيرة للجدل مثل دونالد ترامب، علَّم هذا العالم دروساً كما النحت في الصخر، ولعل توصيف المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل لترامب، هو الدرس الأول والأبلغ والأقوى حين قالت: ترامب لا يُمكن الوثوق به ولا تُوضَع اليد في يده، ونطرح فرضية: ماذا لو أنجبت المدرسة السياسية الأميركية نماذجاً عن ترامب مستقبلاً، فكيف للحليف والخصم على السواء التعامل مع زئبقية هكذا سياسة؟ والجواب: كان يجب أن يتعرَّف العالم على رئيس أميركي من صنف ترامب، لِيُسقط من حساباته كل الأصول والأعراف والعلاقات المبنية على أكاذيب، وأن تسود مقولة "الصاع صاعين" كلما ابتلى العالم بطاغية يُعاني من عدم استقرار شخصي، وإشعال الفتنة عند أقدام عرشه كي لا يستقرّ له قرار في حُكمِ الآخرين...


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل