في الذكرى العاشرة لـ "الربيع العبري" - فادي عيد وهيب

الخميس 28 كانون الثاني , 2021 08:12 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

هل لنا بعد مرور عشرة أعوام على ما سمي بثورات "الربيع العربي" أو "الربيع العبري" أن نتساءل عن نتائج تلك الثورات، ولماذا كانت من الأساس ومن هو المحرك الحقيقي لها؟.
قد يتبادر الى الذهن الكلام عن مؤامرة خارجية، وحقيقة الأمر لم يعد أحد منا لا يعرف الدور القذر الذي لعبته دول كبرى ضد منطقتنا من خلال ثورات 2011 م، ولكن السؤال الأن  ماذا يريدون منا حاليا بعد ما وصلنا اليه؟
هل التخلص من الحكام فقط؟! فلو كان ذلك صحيحاً لكان انتهى أغلب الأمر في العام نفسه التي انطلقت فيه تلك الثورات، بينما نحن نرى الأن امواجاً جديدة من تلك الثورات تطل على المنطقة، فمن الواضح أن الصور والخرائط التي توصلت اليها الأقمار الصناعية الغربية لتربة صحرائنا منذ عقدين، رصدت ما في باطن أراضينا وصحرائنا ومياهنا وهو ما تشتهيه بطون الالات والماكينات الصناعية والمعدات العسكرية الثقيلة من نفط وغاز ويورانيوم، إذ ليس صدفة أن تكون سورية التي يتركز احتياطيها من الغاز والبترول في البادية السورية والساحل بواقع 81%، وبهذا ليس عجباً أن تكون البادية هي أخر نقطة يتحصن بها "داعش" ويتمسك بها ويرفض حتى تركها مقابل الانتقال إلى أرض أخرى، وهو لن يخرج منها الا بالنار والدم.
وليس صدفة أن تكون صحراء الجنوب الليبية الممتلئة باليورانيوم  أولى النقاط التي تتمركز فيها القوات الفرنسية2011م، فقبل ان يدخل الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي (أحد الأبناء البارين للحكومة العالمية شأنه شأن توني بلير) الى قصر الاليزيه كي يبحث مع ضيوفه بحلف الناتو ما سيقومون به في ليبيا، كانت مقاتلات الرافال الفرنسية دخلت أجواء ليبيا بالفعل ودمرت كامل بنيتها التحتية.
لذلك كان دور ساركوزي في ليبيا نسخة طبق الأصل عن دور توني بلير في العراق، فتوني بلير تحدى حزبه وبرلمانه بل وشعبه، بعدما انطلقت مليونيات في شوارع لندن ترفض توجيه ضربة عسكرية ضد بغداد، ومع ذلك لم يستمع توني بلير لأحد سوى لكولن باول وزير خارجية اميركا آنئذ، وبعد أن انهى توني بلير المطلوب منه تجاه بغداد على أكمل وجه، انطلق صديقه كولن باول بدوره إلى دمشق، حينما عرض على الرئيس بشار الأسد مذكرة «شروط الابقاء» بهدف تحييد سوريا تماما عن حلفائها وعزلها عن المواجهة مع إسرائيل، الى أن جاءت حرب تموز 2006 م، كي تستبدل كونداليزا رايز وزيرة خارجية اميركا بعد كولن باول مذكرة «شروط الابقاء» بـ «شروط الرحيل» وهي التي ظهرت للعلن مع بداية الحرب على سورية.
وليس صدفة أن يأتي دور الأكراد في العراق وسورية بهذا الشكل، وهنا أعود بالذاكرة لعام 2009 أي قبل اندلاع الثورة السورية بعامين، عندما توجه وزير الدفاع الايطالي حينها ماريو مورو الى كردستان العراق، وخلال زيارته تفقد مساحات شاسعة انشىء عليها مبان كثيرة ، إضافة إلى ورش ضخمة للبناء وسط الصحراء بعيدا عن المناطق السكانية، فسأل ماريو مورو بتعجب الوفد المرافق له من الاكراد عن الهدف من انشاء تلك الابنية الكثيرة في مكان بعيد عن التجمعات السكانية، فجاءه الجواب بأنها "للاجئي الحرب في سورية".
لماذا لم تعصف ثورات الربيع العربي إلا في دول تونس وسورية ومصر وليبيا والسودان واليمن دون غيرها، مع العلم أنها دول جمهورية وليست ملكية ؟!
لماذا تونس التي كانت من أفضل الدول العربية على المستوى العالمي في التعليم واحدى ارقى دول المنطقة، ولم تجعل منها الثورة سوى مركز تخصيب التكفيريين حتى صارت المورد الاول على مستوى العالم لتنظيم "داعش" متقدمة على افغانســتان وباكستان، فمن كان يتصور ذلك؟!، حتى صارت تونس "كترمومتر" بيد أجهزة إستخبارات عالمية لقياس درجة الحرارة والتوتر في شمال أفريقيا، ومختبر لامكانية تطبيق الثورات الملونة في المنطقة.
لماذا ليبيا التي تملك من النفط والغاز، أكثر مما تملكه دول افريقيا جمعاء، إضافة إلى كونها صاحبة الحضور العربي الوحيد في افريقيا، وتجلى ذلك بعد مقتل القذافي وما تركه من فراغ استغلته دول خارجية في مقدمتها "إسرائيل"؟
لماذا مصر أكبر دولة في الشرق، والأقوى عسكريا بالمنطقة، والتي حرمت من اكتشاف ما في مياهها الاقليمية بالبحرين الاحمر والمتوسط، وكبلت حركتها في سيناء حتى باتت مرتعاً للارهابين، وبرغم انها كانت اقل المتضررين من "الربيع العبري"، وتسابق الزمن كي تعوض ما فاتها، الا انه كان كل يوم يتم وضع عراقيل في طريقها كي لا تكمل مشوارها، فانظروا الى ما يدور في اثيوبيا وليبيا والبحر الأحمر وشرق المتوسط كي تعلموا.
لماذا سورية آخر دول المواجهة، التي كسرت طموح الغاز والنفط لممالك الخليج بعد أن اتجهت دمشق نحو استراتيجية تشبيك البحار الخمسة عام 2004 م.
لماذا اليمن الذي حرم من إستخراج نفطه، والأن يمزق لصالح القوى الإستعمارية، ولتغيير الخريطة في البحر الأحمر والقرن الافريقي لصالح إسرائيل.
فلماذا حلت "الثورات" في تلك الدول من دون غيرها؟!
خلاصة القول : من يتأمل حقيقة ما يحدث في الشرق الاوسط منذ غزو العراق 2003، مرورا بالثورات الملونة عام 2011 م، وصولا إلى كيفية سماح الأميركي بإشعال الازمة الخليجية من خلال أزمة قطر ثم التصالح معها بنفس سرعة الخصام، سيدرك جيدا مغزى ما قاله هنري كسينجر ذات يوم، عندما قال: «على الولايات المتحدة الاميركية أن تصحح العدالة الالهية التى وضعت النفط والغاز بعيدا عن مناطق الصناعة والتكنولوجيا».


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل