الافرازات الاميركية .. وصدمة الوعي العالمية ـ يونس عودة

الثلاثاء 19 كانون الثاني , 2021 08:14 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

أهم ما افرزته الانتخابات الاميركية , والصراع اللاديمقراطي خلالها وبعد فرز النتائج والعنف الذي رافقها , والاحداث الدموية في الكابيتول , ونشر العسكر بالالاف , هو صدمة الوعي بعد سبات عالمي ولا سيما لقطاع الشباب من التخدير الممنهج على مر السنين في تقديم المنتج الاميركي خصوصا , والغربي عموما في العلاقات الاجتماعية للمجتمعات كافة على انه المن والسلوى للبشرية وسعادتها , هذا من جهة , وكذلك انكشاف الاهداف الخطيرة ,للشركات المالكة لشبكات التواصل الحديثة التي منحت نفسها حق المحاكم في التقييم لحرية الرأي او المعتقد او عدالة القضية , دون الاخذ برأي من تصدر الاحكام ضده وتنزل العقوبات به مع تنفيذ فوري , دون القبول بحق الدفاع لا عن الحقوق, ولا عن ناتج الاضرار، من جهة ثانية.
لأول مرة في التاريخ الأميركي يجري تنصيب رئيس الولايات المتحدة الأميركية في ظل الحراب العسكرية , فالالاف من الجنود ينتشرون ليس فقط في المكان المحدد للتنصيب أو في دائرة أمنية معينة كضرورة من ضرورات الحماية الأمنية , بل أن السلطات الأميركية اتخذت إجراءات أمنية استثنائية في العاصمة واشنطن ، تحسبا لاضطرابات جديدة بعد حادثة اقتحام الكابيتول, وتم تعليق حركة النقل في معظم أنحاء ووسط المدينة فصارت مثل المنطقة الخضراء في بغداد، وقامت الخدمة السرية (وهي الجهة المعنية بضمان الأمن خلال حفل تنصيب بايدن)بإغلاق متنزه ناشونال مول (الذي يجتمع فيه عادة آلاف خلال حفلات التنصيب) بالكامل، ما يعد إجراء غير مسبوق.
واصدر مكتب التحقيقات الفدرالي مذكرة داخلية تحذر من أن مجموعة مسلحة تعتزم اقتحام المقار الحكومية في الولايات الـ50 احتجاجا على تنصيب بايدن، لافتة إلى أن عناصر مسلحين ينوون التوجه إلى واشنطن .وأعلن قائد شرطة واشنطن، روبرت كونتي عن وجود خطر أمني كبير من قبل المتطرفين.وحث المسؤولون في واشنطن المواطنين على البقاء في منازلهم بدلا عن الاحتفال بتنصيب بايدن في الخارج، فيما أغلقت فنادق وسط المدينة وشركة "إير بي إن بي" باب استئجار الغرف وأماكن السكن خلال الفعالية.وقد تم اعتقال اشخاص يحوزون على اسلحة وذخائر وبحوزتهم بطاقات امنية "تسهيل مرور"، ومن الولايات التي قامت بتعبئة حرسها الوطني لتعزيز الأمن، ميشيغان وفرجينيا وويسكونسن وبنسلفانيا وواشنطن، بينما قامت تكساس بإغلاق مبنى كونغرس الولاية حتى يوم التنصيب.
من كان يعتقد , او حتى يتبادر الى ذهنه ما يجري اليوم في الولايات المتحدة, بشأن أي حدث , فكيف بتنصيب رئيس الولايات المتحدة كرمز لوحدة البلاد ,ما يعكس الفكرة البسيطة أن الأجهزة الأمنية الاميركية بقدها وقديدها ,مع مؤازرة واسعة من الحرس الوطني - الجيش -يقومون جميعا بحماية تنصيب الرئيس خوفا من الشعب الذي أوصلته اكثرية منه إلى البيت الابيض , فلم يقبل " الرعاع "حسب وصف بايدن ل 75 مليون صوتوا لغريمه دونالد ترامب ,النتائج باعتبار انها مزورة والانتخابات مسروقة , وبالتالي فان شرف الفوز لا يستعاد حتى يراق على جوانبه الدم , اي بمعنى ان الديمقراطية شعار تجاري موسمي يسقط في اي امتحان جدي , وأن الشعب الذي يناهض الفائزيتحول الى رعاع , وبالتالي ممنوع عليهم التواجد في العاصمة , لكن شياطينهم موجودة ,والا لماذا كل تلك الحشود الامنية والعسكرية؟
لقد قدم ترامب خدمة هي الاكبر لشعوب العالم , من حيث كشف الوجه الحقيقي لاميركا امام من كان مسكونا بالوهم والديمقراطية وحرية التعبير على الطريقة الاميركية , وخصوصا شرائح الشباب , الذين بلا شك ان كثيرا منهم بدأوا يتلمسون اميركا من باطنها وما تحتوي من فجور في الاكاذيب والتضليل,فيما المشوشون ربما يحسمون أمورهم ويتمسكون بثقافاتهم الوطنية والقومية بعدما لعنة القيم الليبرالية الغربية التي سرت أمراضها في المجتمعات الرصينة بابعادها الانسانية , وهذا لا يعني الوقوف عائقا امام التطور الطبيعي والديمقراطي للدول والمجتمعات .
ربما يحتاج الأمر وقتا لفهم ما جرى وسيجري في الولايات الاميركية ,لكن ما بادرت اليه الشركات المتحكمة بمنصات التواصل الاجتماعي مفهوم الى اقصى الحدود , وهو امر غريب ان تلجأ الى وقف حسابات كل من لا يتوافق مع رأيها وترامب ضمنا , رغم انها في كل اعلاناتها السابقة كانت تروج انها مساحات الحرية الاوسع والديمقراطية التي لا يجاريها احد, سيما عند التحريض وتأليب شعب على بعضه وضد الدول التي لا تتماهى مع المناهج الغربية على كل المستويات , لا بل اغلاق حسابات افراد يعبرون بشهامة عن العداء للكيان الصهيوني وضرورة.
اخر عمليات التحكم بالخصوصية ما اسفرت "واتساب"عن نيتها في تنفيذه بمشاركة اكثر من ملياري مستخدم نشطت بياناتهم مع فايسبوك , والا يخسرون حساباتهم تلقائيا ,ما يجعلها إلزامية للمستخدمين في جميع البلدان خارج أوروبا وبريطانيا لمشاركة بياناتهم مع الشركة الأم "فيسبوك", وهذا يعني معطوفا على اجراءات تويتر ان وسائل التواصل الاجتماعي فقدت رسالتها الأساسية وأصبحت أداةً سياسية بامتياز, وذلك كان مصمما بانتظار التوقيت الملائم , وبالتالي فان العالم الذي فقد القوانين الناظمة ولا سيما شرعة حقوق الانسان , وميثاق الامم المتحدة وقوانينها وعادت شريعة الغاب عبر حلف الناتو والغزوات الاميركية لدول العالم لنهب ثرواتها , انه اليوم مضطر لمواجهة حكم الشياطين .
لقد حدثت الصدمة من تلقائها , من حيث دود الخل , وما على سكان الأرض إلا أن يحملوا راياتهم الوطنية والدفاع عنها بكل الحب الذي عملت أميركا وأعوانها على مسخه بحفنة من الدولارات.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل