أقلام الثبات
بعد مباركة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للمصالحة الخليجية التي جاءت برعاية وادارة جاريد كوشنر، بدأت السعودية في انتاج الطائرات التركية المسيرة “هابوب” على أراضيها بالتعاون مع شركتي "فيستيل" و "روكيستان" التركية، وهو ما يؤكد أن المصالحة السعودية - القطرية تشمل تركيا أيضا.
وبالتزامن جاء قرار البنتاجون بضم إسرائيل إلى منطقة عمليات القيادة المركزية للقوات المسلحة الأميركية (سينتكوم) المسؤولة عن الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، وهنا نستطيع القول ان إسرائيل أصبحت ركناً أساسياً في مجلس التعاون الخليجي، وصاحبة البوصلة العسكرية بمنطقة الخليج.
وهي القيادة التي تمثل قاعدة العديد بمشيخة قطر أهم مقراتها القيادية، مما يعني أن للجيش الإسرائيلي مطلق الحرية في استخدام تلك القواعد القطرية، والتعاون العسكري والتدريب مع الدول الخليجية، كي تضمن بذلك إسرائيل قيادة جبهة عسكرية خليجية ضد إيران، والمشاركة في أي عمل عسكري داخل الخليج نفسه، ولا سيما أن إسرائيل كانت حاضرة في الحرب على اليمن منذ أيامها الأولى وحتى الأن، وربما تكون حاضرة رياضياً أيضا في كأس العالم لكرة القدم الذي تستعد قطر لاستضافته بعد عامين.
فبعد المصالحة الخليجية التي منح فيها جاريد كوشنر الخلافة والقيادة على ممالك ودول المنطقة لـ إسرائيل، تم رص طابور التطبيع الطويل حسب أولويات إسرائيل في مرحلة ما بعد دونالد ترامب، وكذلك حشد الجميع ضد إيران وحلفائها، وهذا كان مرئياً وواضحاً للجميع، أما غير المرئي وهو ما تم من تعديل كامل للبوصلة الخليجية، ووضع الجزائر في خانة الإستهداف بدلا من تركيا.
ولا سيما أن الجزائر هي الدولة الوحيدة بالمنطقة التي تدور خارج الفلك الأميركي، خصوصاً بعد ان صادق برلمانها على قانون تجريم التطبيع مع العدو الصهيوني، بعقوبة 15سنة سجن لمن يروج للتطبيع مع كيان الإحتلال، كما أن الجزائر تعي جيدا حجم الضغوط الخارجية التي تصل إلى حد التصفية، وما جرى مع الفريق قايد صالح، وما يحدث مثله الأن مع عبد المجيد تبون خير دليل، كما أنها الدولة الوحيدة بالمنطقة التي يمكنها منافسة ممالك الخليج على مكانتها الطاقوية، وهي من تتمتع بعلاقة عسكرية خاصة مع روسيا دون غيرها من دول المنطقة.
ومن الجزائر المستهدف الأول في المستقبل القريب، الى مصر أكثر المتضررين من تصالح ممالك الخليج مع داعمي الإرهاب تركيا وقطر، تتجلى الخلافات بين مصر والخليج في ملفات عديدة كلها تمس الأمن القومي المصري بشكل مباشر، وفي مقدمتها إثيوبيا.
فكلما تأزم رئيس وزراء إثيوبيا أبي أحمد في ملف بالداخل الإثيوبي لجأ فورا إلى إسرائيل أولا ولمن في الخليج ليتكفل بمصاريف مشاريعه ثانيا، وبنهاية الأسبوع الماضي بعد أن أحتدم الموقف بين إثيوبيا والسودان حضر محمد دحلان بنفسه إلى أديس أبابا وكذلك نظرائه بالموساد الإسرائيلي، بينما حضر وفد عسكري سياسي من السودان إلى لقاهرة، وهو مشهد يعكس حقيقة الأطراف المتصارعة على أراضي الحبشة، بداية من سد النهضة مرورا بـ تيجراي وصولا لولاية القضارف، ويؤكد ان مصر هي المستهدف الأول والأخير، بعد أن أنتصرت مصر للسودان على مخطط تمزيقه القذر واسترداد كامل أراضي السودان بالقضارف.
خلاصة القول أن المصالحة الكوشنرية بين مشيخات الخليج، سيكون المتضرر الأول منها مصر، التي مازالت على موقفها من داعمي وممولي الإرهاب (تركيا وقطر)، كما أن مصر تعرضت للطعن في الظهر من الأشقاء قبل الأعداء في ملفات عديدة، بداية بملف المصالحة الفلسطينية مرورا بالبحر الأحمر، والدفع بالمشير حفتر لخوض حرب ضد طرابلس، وصولا لسد النهضة وحرب التيجراي بإثيوبيا، كما سيكون المستهدف الأول في المرحلة المقبلة هي أخر جمهوريات المنطقة التي نجت من نيران ثورات الربيع العبري إلا وهي الجزائر.