أقلام الثبات
في ظل خوف النظام التركي من أن تعم شرارة الاحتجاجات جميع الجامعات التركية، أعلنت السلطات الأمنية في إسطنبول حظر جميع أنواع التجمعات في منطقتي بشيكتاش وساريير، إثر دعوات للتجمع أمام حرم جامعة البسفور- بوغازيتشي مجددا.
فقد أنطلقت شرارة إنتفاضة الطلاب الجامعيين الأتراك ضد مخطط حزب "العدالة والتنمية" الحاكم للسيطرة على الجامعات صباح الأثنين 4 يناير/كانون الثاني الجاري، وهي الشرارة التي لم تنطفئ بعد.
وجاءت الشرارة الأولى من جامعة البوسفور أو بوغازيتشي Boğaziçi üniversitesi وهي واحدة من أعرق الجامعات الحكومية التركية والواقعة في مدينة إسطنبول، بعد أن أنفجر غضب طلاب الجامعة بسبب قرار الرئيس التركي أردوغان بتعيين القيادي بحزب "العدالة والتنمية" مليح بولو كرئيس للجامعة العريقة الأسبوع الماضي، مما أجبر طلاب الجامعة على تنظيم مسيرات إحتجاجية على هذا القرار المسيس جملة وتفصيلا حسب وصفهم، أثناء بداية يومهم الدراسي صباح الأثنين، وهو ما قوبل بعنف شديد غير متوقع من قبل شرطة النظام التركي، التي استخدمت كل الأدوات المتاحة لديها لفض إحتجاجات الطلاب بالقوة، وفي مقدمتها الرصاص، عقب أغلاق أبواب الجامعة بالجنازير لضمان عدم وصول الطلاب الى الحرم الجامعي، إضافة إلى التنكيل التام بكل الطلاب المشاركين في الاحتجاجات التي كانت دموية وفي غاية العنف منذ اللحظة الأولى.
ÖĞRENCİLERE; PLASTİK MERMİ, COP, BİBER GAZI
????Boğaziçi Üniversitesi'nde öğrenciler Erdoğan tarafından dışarından rektör olarak atanan Melih Bulu'yu protesto etti. Öğrencilere, polis; plastik mermi, cop ve biber gazı ile müdahale etti.
İşte o görüntüler...⤵️ pic.twitter.com/G4t7RzNSve
— KRT TV (@krtkulturtv) January 4, 2021
وكي تسيطر الشرطة التركية على الحرم الجماعي تماما عبر حشد ضخم من عناصرها، قبل أن تفرض عناصر الأمن سيطرتها على كل مباني ومنشآت الجامعة، بعد اشتباكات عنيفة مع الطلاب عبر التراشق بالحجارة، واطلاق مدافع المياة والخرطوش والرصاص على الطلاب من قبل قوات الشرطة.
وهتف طلاب بوغازيتشي خلال الإحتجاجات، قائلين: "لا نريد عمداء أوصياء من النظام التركي"، "الجامعات لنا .. وليست لكم"، "نريد جامعة حرة لا مسيسة".
#BoğaziçiRektörSeçimiİstiyor #KabulEtmiyoruzVazgeçmiyoruz
Boğaziçi Üniversitesi öğrencilerine yönelik polis müdahalesinde bir kadın öğrenci fenalaştı... pic.twitter.com/KdYyJYAUUI
— Eylem Nazlıer (@eylemnazlier) January 4, 2021
وكانت السلطات الأمنية التركية شنت قبل أيام قليلة حملة إعتقالات واسعة في صفوف طلاب بوغازيتشي، وعلى أثر ذلك طلب طلاب الجامعة بإطلاق سراح جميع المعتقلين فورا، وإنتخاب جميع العمداء ورؤساء الجامعات والمعاهد التعليمية، بدلا من التعيينات المسيسة (حسب تعبيرهم).
ويرى طلاب جامعة بوغازيتشي قرار تعيين مليح بولو كرئيس لجامعة بوغازيتشي أنه بعيد كل البعد عن الشأن التعليمي والأكاديمي وبالتالي هو قرار مسيس بأمتياز، وجاء كتحدٍ من قبل النظام التركي ضد الطلاب الذين رفضوا كل أشكال سيطرة الحزب الحاكم على جامعاتهم في العام الماضي، وهو ما جعل الشرطة تعتقل أعداداً كبيرة منهم من دون الكشف عن عدد المعتقلين الحقيقي، الأمر الذي جعل الطلاب يكتبون على ساحات مواقع التواصل الاجتماعي بعد فض الإحتجاجات بالقوة قائلين: "عودة الجمهورية التركية مرة أخرى لن تأتي بسهولة."
وفي السياق يؤكد أساتذة الجامعات التركية على أن الرئيس التركي أردوغان يستخدم القانون في الجامعات بعد أن وظفه لصالح خدمة حزب "العدالة والتنمية"، بعد أن منح أردوغان نفسه الحق في إقالة وتعيين رؤساء الجامعات عبر تعديل القانون، فتقول أستاذة العلوم السياسية كانجول أورنيك: "أن ما يحدث في الجامعات التركية من إنتهاكات صارخة ضد شباب البلد علي يد الشرطة، يوضح لنا سر هروب العقول المبدعة المتميزة بمختلف المجالات من تركيا."
بينما غرد أحد طلاب الجامعة، بقوله: "يتم تقسيم الطلاب إلى قسمين، قسم اغلق عليه سور الحرم الجامعي، بينما يتعرض القسم الآخر لعنف مفرط من الشرطة، ذلك هو اليوم الأول لرئيس الجامعة، وأول عمل له كان إغلاق أبواب الجامعة بالاصفاد واطلاق النيران على الطلاب، نحن نرفض ذلك."
Boğaziçi Üniversitesi'nde polis kapıyı kelepçeledi. Tekrar ediyorum, Boğaziçi Üniversitesi'nde polis kapıyı kelepçeledi.#KabulEtmiyoruzVazgecmiyoruz pic.twitter.com/gwZmDsWF5U
— hayal ünalp (@hayalunalp) January 4, 2021
من جهتها أنتقدت دكتورة علم الاجتماع جولاي توركمان بشدة ما قامت به الشرطة من استخدام القوة المفرطة بوجه طلاب الجامعة، وما تمارسه حكومة حزب "العدالة والتنمية" للسيطرة على كل مفاصل الدولة التركية، وقبل أن تشير لما تم من جرائم في قلب الحرم الجامعي ضد طلاب الجامعة على يد قوات الشرطة، تقول : "أنها رمزية في أفضل حالاتها، أصدقائي الأكاديميين الأعزاء، إذا احتجت في أي وقت إلى مقطع فيديو قصير لعرضه في الفصل الدراسي حول تقييد الحريات الأكاديمية، يمكنك استخدام هذا الفيديو للشرطة في تركيا وهي تكبل أبواب جامعة بوغازيتشي، إحدى أفضل الجامعات في البلاد.
بشكل عام ترى المعارضة التركية وفي المقدمة حزب الشعب الجمهوري ان قرار تعيين شخص مثل مليح بولو المعروف بإنتمائه للحزب الحاكم على أعرق جامعة في إسطنبول، ما هو إلا تأكيد على عزم أردوغان السيطرة على المدينة التي خرجت من دائرة نفوذ حزب "العدالة والتنمية".
وتؤكد جميع استطلاعات الرأي في الداخل التركي بالأونة الأخيرة أن إسطنبول صارت تبتعد كل يوم أكثر وأكثر عن حزب "العدالة والتنمية" منذ سقوط مرشح الحزب الحاكم في الإنتخابات البلدية الأخيرة أمام مرشح حزب الشعب الجمهوري المعارض أكرم إمام أوغلو في 2019م.
ويذكر أن جامعة البوسفور أو بوغازيتشي تأسست على يد المخترعين كايروس هاملين وكريستوفو روبرت سنة 1863م، وهي أول مؤسسة تعليمية أميركية تم انشاؤها خارج الولايات المتحدة الأميركية , وفي بداية عام 1971م تم تأسيسها من جديد على يد الدكتور افيرتون الذي شغل وقتها منصب رئيس الجامعة، وأطلق عليها أسم جامعة البوسفور.
وتعد الأن بوغازيتشي واحدة من أهم الجامعات في تركيا في مجال أعداد وتقديم البحوث العلمية، وتعد مكتبة الجامعة من أكبر المكتبات في جامعات تركيا، وتضم مجموعة ضخمة من الأبحاث والدراسات تفوق 665 ألف بحث ودراسة، وكان أبرز الأسماء التركية التي تولت منصب رئيس الجامعة هو البروفسور الشهير جولاي بارباروس أوغلو.