أقلام الثبات
تؤكد الشواهد سعي الرئيس التركي أردوغان للسيطرة على تونس عبر توقيع صفقات تسليح بين البلدين، تهدف في نهاية الأمر لتدمير ليبيا وليس حماية تونس ودعم مؤسساتها العسكرية، حيث يؤكد المراقبون رغبة الرئيس التركي في تحويل البر التونسي لنقطة ترانزيت لدعم المرتزقة في غرب ليبيا من جانب، وفرصة لدعم اقتصاد بلاده المتردي من جانب أخر، على حساب توقيع مثل تلك النوعية من صفقات التسليح.
وقد أفادت وكالة الانباء الرسمية التركية منتصف الشهر الماضي عن إبرام صفقة أسلحة بين تركيا وتونس تبلغ قيمتها 80مليون دولار، بعد أن وقعت وزارة الدفاع التونسية عقدا مع شركة الصناعات الجوية والفضائية التركية الشهيرة توساش، لشراء طائرات درونز دون طيار بقيمة 80 مليون دولار.
وأوضحت المصادر الأمنية التركية أن الاتفاق الموقع بين الجانبين يشمل تسليم 3 طائرات دون طيار تركية الصنع من طراز ANKA-S، و3 محطات تحكم أرضية، إلى جانب تدريب 52 عنصراً بين ضابط وموظف صيانة تابعين للقوات الجوية التونسية في مرافق شركة الطيران التركية توساش بالعاصمة أنقرة.
ويذكر أن النظام التركي منح تونس منذ عامين قرضاً قيمته 200 مليون دولار لشراء معدات عسكرية من تركيا، كي تدخل بعدها تونس في مباحثات مع الجانب التركي لإقتناء الطائرات الدرونز دون طيار، الى أن دخلت تونس في مرحلة المفاوضات الجادة في العام الماضي.
وفي هذا السياق تؤكد الخبيرة التونسية بدرة قعلول على توجه النظام التركي لدخول تونس من جديد في عهد الرئيس قيس سعيد عبر المساعدات الانسانية والمستلزمات الطبية لمواجهة جائحة كورونا في مايو/أيار الماضي، الى أن بدأت الاعراض السياسية لتلك المساعدات تظهر على تحركات وتصريحات حركة النهضة الإسلامية في يوليو/تموز الماضي."
وتضيف قعلول إن هذه التحركات جائت داعمة للإرهابيين في غرب ليبيا، الأمر الذي يؤكد أن جميع ما يقدمه النظام التركي لتونس أو غيرها من دول شمال أفريقيا من مساعدات ما هي إلا مساعدات مسيسية لفرض إملاءات تركية فيما بعد."
كما أوضحت قعلول أن كل ما يعقد من صفقات سلاح بين دول المغرب العربي عامة وتونس خاصة مع تركيا الهدف منه استمرار مد الفوضى ودعم الإرهاب في ليبيا.
وتابعت أن أهتمام الرئيس التركي بعقد علاقات عسكرية قوية مع دول المغرب العربي خصوصاً الجوار الغربي لليبيا كتونس والجزائر، يهدف منه أردوغان إغراق شمال أفريقيا في الفوضى، وتصدير الفوضى الليبية لتلك الدول أيضا وليس الإكتفاء بتدمير ليبيا فقط."
وتقول قعلول الغاز والنفط الجزائري في دائرة أطماع أردوغان كحال الغاز والنفط الليبي، وكلاهما دولتان متجاورتان، وكلاهما يمر بتحديات مختلفة يسعى من خلالها اردوغان إلى فرض سيطرته على ليبيا وإختراق الجزائر."
واستطردت: "ما يقوم به الرئيس التركي حاليا يتخطى كل مراحل الخطوات الاستفزازية، بعد أستمرار تركيا في تصدير السلاح والمليشيات الى غرب ليبيا، برغم الإتفاقات الدولية التي تنص على منع تصدير السلاح الى ليبيا، بعد أن تم توقيع اتفاق وقف إطلاق النار الدائم بين الجيش الوطني الليبي وبين حكومة الوفاق برعاية البعثة الأممية، وهو ما يمثل طعنة للسيادة الليبية وصفعة لكل قرارات الامم المتحدة والجهود الدولية في أن واحد."
ويشير أستاذ العلوم السياسية مسعود الفرجاني إلى أن الدرونز التركية طراز ANKA-S أي العنقاء-أس تمتلك قدرات عالية في تنفيذ مهام الاستطلاع والمراقبة، بجانب تحديد ورصد الأهداف البعيدة، والقدرة على العمل في ظروف الجوية مختلفة."، وبالتالي فإن طائره أس من فئة الدرونز التي تعمل بمحركين، مما يمكنها من نقل حمولة بوزن تتخطى الـ700 كجم، والبقاء في الجو لمدة 24 ساعة متواصلة على ارتفاع 30 ألف قدم."
وهنا يرى الباحث السياسي محمد غزوان أن كل صفقة عسكرية موقعة بين تونس وتركيا من جانب، أو أي إتفاق اقتصادي بين تونس وقطر من جانب أخر هي لخدمة هدف سياسي بحت وليس خدمة تونس أو غيرها من دول شمال أفريقيا الشقيقة.
ويضيف غزوان هناك ربط واضح بين الدعم المالي الاخير المقدم مؤخرا من قطر لتونس، وتوقيع عقود صفقات تسليح بين تونس وتركيا، فكل تحركات تركيا وقطر في شمال افريقيا تأتي بالتوازي لهدف واحد وهو السيطرة على كامل التراب الليبي وليس الغرب فقط، ومد حالة الفوضى الليبية لباقي دول شمال افريقيا."
وتابع: "فالظروف الحالية مؤهلة لإتمام ذلك المخطط الشيطاني بشكل كبير، بعد وصول مئات العناصر من تنظيم بوكو حرام الإرهابي المتمركز في نيجيريا وأقصى الغرب افريقيا، الى دول النيجر وتشاد، أي بالبوابات الخلفية لليبيا وعلى حدود ليبيا نفسها."