أقلام
الثباتمنذ هزيمته في 3 تشرين الثاني المنصرم ولغاية اليوم، لا يتراجع الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن التخطيط لقلب النتائج الانتخابية والحديث عن تزوير الانتخابات الرئاسية، الى أن بدأت التقارير الصحافية تذكر أن الرئيس يخطط لإنقلاب عسكري، مستخدماً سلطته كقائد أعلى للقوات المسلحة للاحتفاظ بالسلطة ولو بالقوة.
وكان الجنرال مايكل فلين، الذي حصل على عفو رئاسي مؤخراً، وأول مستشار للأمن القومي في عهد ترامب، قبل أن تتم إقالته بعد اتهامه بالكذب على اف بي اي في موضوع التخابر مع روسيا، قد اقترح على الرئيس أن يعلن "حالة الطوارئ" في البلاد، ويمنع بايدن من أداء اليمين الدستورية، ويعيد الانتخابات في الولايات المتأرجحة.
وبحسب اقتراح مايكل فلين؛ بصفته قائدًا أعلى للقوات المسلحة، يصدر ترامب أمراً للجيش بمنع نقل السلطة، فيطلب من وزير الدفاع المعيّن حديثاً والموالي له أن ينفذ وينقل الأمر الى قائد القيادة الشمالية، الذي يقوم بحجز ماكينات الفرز، ويعلن إعادة الانتخابات في الولايات الحاسمة التي خسرها ترامب.
وما زالت حملتي ترامب وبايدن تتحدثان عن أن الجيش الأميركي يمكن أن يلعب دوراً في الانتخابات سواء في إجبار ترامب على التخلي عن السلطة (كما لمّح بايدن) أو بتعطيل نتائج الانتخابات والسطو على ماكينات الفرز وإعادة الانتخابات (كما تعتقد حملة ترامب). ونتيجة لهذا الجدل ومخاطره، كتب عشرة وزراء دفاع سابقين رسالة تحذّر من مغبة التفكير بذلك، وأكد كبار قادة الجيش ووزارة الدفاع عن عدم وجود أي دور للجيش الأميركي في النزاعات السياسية الداخلية أو في تحديد نتيجة الانتخابات الأميركية، وخرج رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارك ميلي ليعلن "نحن لا نؤدي اليمين لملك أو ملكة، أو طاغية أو ديكتاتور... نحن نقسم على الدستور".
وهكذا، يبدو أن زجّ الجيش الأميركي في السياسة الداخلية الأميركية سيكون كارثياً، وقد يؤدي الى تراجع القيادة الأميركية للعالم، وذلك عبر ما يلي:
- انهيار صورة الديمقراطية الأميركية عالمياً وانهيار إدعاء تفوقّها في مجالي الديمقراطية والانتقال السلمي للسلطة والقيم الليبرالية. وبهذا سيؤدي بدوره الى سقوط القوة الناعمة الأميركية بعدم القدرة على الاقناع، ما قد يؤدي الى تراجع القيادة الأميركية للعالم، وخصوصاً العالم الغربي.
- الإنشغال الداخلي ما يؤدي الى ترك فراغ استراتيجي في المناطق الحيوية في العالم:
قد يؤدي تدخل الجيش الأميركي في السياسة الداخلية الى حرب داخلية، إذ أن الانقسام المجتمعي الذي شهدته السنوات الأربع من حكم ترامب، والذي برز جلياً في الانتخابات والسجال حولها وما بعدها، لن يكون بدون تأثيرات كارثية على الداخل الأميركي.
ويعيدنا هذا المشهد الى مشهد آخر في التاريخ الأميركي، حيث أدّت الانقسامات المجتمعية والخلاف حول الرقّ والعبودية وحقوق الولايات والتعرفات الجمركيةوغيرها الى حرب أهلية في الولايات المتحدة امتدت من عام 1861 إلى 1865، وكان فوز الرئيس الجمهوري "مناصر حرية العبيد" آبراهام لينكولن بمثابة الشرارة التي أشعلت الحرب بعدما أعلن الجنوبيون - على أثر فوزه بالانتخابات- رغبتهم في الانفصال.
بالنتيجة، يبدو أن الجميع يتخوّف من محاولات ترامب زجّ الجيش في السياسة الداخلية، ويتخوفون من أن يكون ذلك الشرارة التي ستقضي على اتحاد الولايات في أميركا وعلى صورة أميركا في العالم وتفوقها وقدرتها على إعادة هيمنتها على العالم... وكما يبدو، إن الجيش الأميركي وقادة البنتاغون يعرفون خطورة هذا الأمر ويتحسسون بأهميته، لذا لا يبدو أنهم سينجرّون وراء ترامب وأهوائه خصوصاً أن الدستور الأميركي لا يعطيه هذه الصلاحيات.
ولكن، ونظراً لشخصية ترامب النرجسية، وحيث انه يتصرف كنمر جريح وغاضب، يبقى الخوف من أن يحاول ترامب التعويض عن عجزه الدستوري بإعطاء أوامر داخلية للجيش، بالقيام بإصدار أوامر - يتيحها له الدستور- لشنّ ضربات خارجية، فيقوم بقصف المواقع النووية في إيران وإشعال حرب في منطقة الشرق الأوسط، لتسليم كرة لهب الى سلفه جو بايدن، وإنقاذ كبريائه المجروح.