أقلام الثبات
في مقابلة أُجرتها إحدى الفضائيات مع الشهيد القائد قاسم سليماني أكد على أنّ " من يُقاتل في الحروب ، هي الروحية والعزم والإيمان وليس الإمكانات فقط " . هذه العبارة قليلة الكلمات ، عميقة المعاني في عبرها ودروسها ، كان لها فعل التأثير على مجمل ساحات المقاومة بدولها وقواها . لأنّ من راهن على غياب الشهيد الكبير بقتله الجبان له ولرفاقه عن ساحات المواجهة مع القوى الظلامية ومشغليهم وداعميهم ومموليهم ، من شأنه قصم ظهر المقاومة فهو واهم ، لأنّ الحقائق في الميدان الجغرافي المتعدد ، أسقط ذاك الرهان على تأثيرات وتداعيات الاغتيال الواهم :-
الهجوم التطبيعي المعاكس الذي قادته ولا زالت إدارة الرئيس الأمريكي ترامب في المنطقة ، تعويضاً عن فشل مؤامرتهم على سورية بعد عشر سنوات من حربٍ كونية عليها ، وفشل أهداف عدوان التحالف السعودي على اليمن منذ 5 سنوات . والقضاء على تنظيم داعش في العراق، والمساهمة كعامل محوري في تظهير وتسريع الخطى نحو عالم متعدد الأقطاب ، لقوى ناهضة في العالم ، بعد أن استحوذت الولايات المتحدة على موقع القطبية الأحادية منذ بدايات تسعينات القرن الماضي ، على وقع انهيار الاتحاد السوفيتي والمعسكر الشرقي الذي كانت تقوده آنذاك .
ما يعانيه الكيان الصهيوني من مأزق وجودي يحاول جاهداً نكرانه ، مصحوباً اليوم بأزمة سياسية حادة غير مسبوقة ، وتخبط وعجز المؤسسة العسكرية التي بدت مشلولة ومكبلة اليدين ، أمام قوى المقاومة في شمال فلسطين وجنوبها ، مع تنامي حضور المقاومة على جبهة الجولان .
السقوط المدوي للرئيس دونالد ترامب وإدارته وحزبه في الانتخابات الأميركية ، بسبب سياساتهم الحمقى على غير صعيد ومستوى .
بهذه الروحية والعزم والإيمان أمضى الشهيد الحاج قاسم حياته الجهادية ، متنقلاً بين ساحات المواجهة في العراق وسوريا ولبنان وغيرها من الساحات ، إلى أن قضى شهيداً على طريق عزة وكرامة وتحرير الأمة ، من قوى الطغيان والعدوان والاستكبار العالمي ، المتمثل في التحالف الصهيو - أمريكي والرجعي التكفيري .
لقد مثّل الشهيد علامة فارقة في بلد شكّل بانتصار ثورته حالة فريدة لا مثيل لها في منطقتنا على كل الصعد والمستويات ، لِمَ كرّسه الشهيد من تقديم نفسه قرباناً في حياته ، خدمةً لقيم الثورة الإسلامية الإيرانية بقيادة الإمام الخميني رحمه الله ، وواصل مسيرة تجذر مفاهيمها ومبادئها مرشد الثورة الإمام السيد علي الخامنئي . وقرباناً من دمائه لتُشكل مع سائر الشهداء سراجاً لا ينطفئ .
باستشهاد القائد قاسم سليماني ازددنا يقيننا وإيماننا ، أنّ دماءه وسائر الشهداء ، ستبقى حافزاً لكل قوى المقاومة والأحرار في العالم على مواصلة المسيرة التي انتهجها شهيد فلسطين والقدس طالما هناك ظالم ومستكبر ومحتل في هذا العالم ، الذي لابد أن تسوده العدالة والحرية والكرامة .