حكومة الحريري، على مَتن طائرة من وَرَق ! ـ أمين أبوراشد

الأربعاء 30 كانون الأول , 2020 07:58 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

سافر الرئيس سعد الحريري لقضاء أمرٍ في الإمارات، ويُعرِّج على السعودية في طريقه الى فرنسا لقضاء أعياد رأس السنة مع عائلته، حتى ولو عيَّد اللبنانيون على فُتات ما كانوا يملكون، ولا عَجَب من أداء الحريري في الأزمنة الصعبة، هو الذي قال عنه الرئيس العماد ميشال عون من الرابية يوماً: يُمضي معظم أوقاته في الطائرة، فكيف يكون لديه وقت للعمل على الأرض؟.
لا ضير من تعريجة الحريري على السعودية، هو الذي اعتاد الحجَّ العائلي والسياسي إليها كلما "دقَّ الكوز بالجرَّة"، لكن زيارته للإمارات و"الدنيا أعياد"، فهي تحمل ربما رمزية المُعايدة المُتبادلة مع دولة عربية طبَّعت مع "إسرائيل"، وأنجزت معها إتفاقات إستراتيجية في جميع المجالات خلال شهرين، وهو ما عجزت عنه دولة كبيرة مثل مصر خلال عقود من التطبيع مع هذا الكيان، لأن السخاء الخليجي في ضخ أموال الإستثمار هو أضعاف مضاعفة بالمقارنة مع الإقتصاد التعيس لدى المطبِّعين الأوَّلَين مصر والأردن، والمُطبِّعين الأخيرين السودان والمغرب.
أما لماذا نعتبر أن الرئيس الحريري و"حكومته الجنين" موجودان على متن طائرة من ورق، فلأن العارفين بشخصية وفكر الحريري، يكررون دائماً أنه رجل أحلام يهوى الأسفار الى حدود الهوس، وهو يُفضِّل ألف مرَّة زيارات الخارج، وإستقبال السفراء والبعثات الأجنبية والمنظمات الدولية، على لقاء لجان عمل وزارية أو نيابية أو نقابية، وهو تماماً نقيض الرئيس حسان دياب الذي يُوصِل ليله بنهاره في أعمال اللجان التنفيذية، سيما وأن سيوف المقاطعة الدولية والعربية والخليجية والداخلية اللبنانية  قد أشهِرت بوجهه كرمى لعيون مَن يعتبر السراي من إرث والده، حتى ولو كان مِن أفشل الذين مرُّوا على السراي، وأحلامه دائماً فوق الغيوم.
للتذكير فقط بحلقة من مسلسل أحلام سعد الحريري، أنه في العام 2007 وكان ما زال يافعاً في السياسة، زار باكستان للدخول في معمعة الخلاف الذي كان حاصلاً يومذاك بين برويز مشرَّف ونواز شريف الذي كان منفياً في السعودية، وصرَّح الحريري من هناك بالقول: جئت الى هنا لدعم رئيس الوزراء برويز مشرِّف لأنه كان صديق الوالد، وصدَّق نفسه وصدَّقه المُطبِّلون من جماعة تيار المستقبل أنه يمتلك وزناً دولياً، لدرجة أنه يستطيع قلب المعادلات في دولةٍ نووية مثل باكستان تعداد سكانها يفوق 200 مليون نسمة!
للأسف يهوى سعد الحريري الساحات الدولية، وهذا هو دوره الحالي، اختاره عن لبنان، أولئك الذين يسكنون الكواليس الدولية، ليس فقط في زمن التطبيع، ولا فقط لإستكمال صفقة القرن، بل لأن خارطة الشرق الأوسط الجديد ليست في الواقع من ترسيم ترامب الذي يستعد للرحيل، بل بشَّرت بها وزيرة الخارجية الأميركية السابقة كونداليزا رايس في عهد باراك أوباما، وجو بايدن الذي يستعد لدخول البيت الأبيض بعد نحو عشرين يوماً، كان لثماني سنوات نائباً لأوباما، مما يعني أن الشرق الأوسط الجديد الذي نفَّذ ترامب جزءاً من سيناريوهاته يتمّ استكمال ترسيمه الآن مع قدوم "خليفة أوباما"، ودولة الإمارات هي مركز الثقل التنفيذي لأعمال "الضمّ والفرز" في التحالف الإقليمي الجديد.
كل عامٍ واللبنانيون بخير، على أمل التوقُّف عن انتظار الدِّبس من سعد الحريري، ولا "التمر العرقوبي" من جنى يديه، لأنه يُحلِّق في فضاءات بعيدة عن واقع الأرض ومعاناة الشعب اللبناني الذي أوصلته الحكومات الحريرية الى ما دون مستوى الأرض، وكان الله في عون الرئيس ميشال عون في السنتين الأخيرتين من عهده، لأن مواصفات الحريري ليست تشبه تلك التي وجدها عون بشخص حسان دياب، لكن الزمن هو زمن المتغيرات الكبرى وسياسات قلب الطاولات، وسعد الحريري حساباته الشخصية كما المرحوم والده هي في الإستثمار على طاولات اللاعبين الدوليين بصفته "جوكر لبناني"، والأمل الباقي لنا أن يقلب ميشال عون الطاولة اللبنانية ... .


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل