أقلام الثبات
وقع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، تشريعا خاصا بحزمة مالية حجمها 2.3 تريليون دولار للإغاثة من جائحة فيروس كورونا، ليصبح الإنفاق الحكومي بذلك قانوناً, مؤكداً أنه يبعث مع التوقيع "رسالة قوية للكونغرس توضح ضرورة إزالة بنود الهدر (في الإنفاق)"وان"المزيد من الأموال في الطريق"، من دون أن يقدم ما يدعم وعده هذا.وسبق أن قال ترامب إن مشروع القانون يخصص مبالغ مالية ضخمة لمصالح خاصة ومشاريع ثقافية ومساعدات أجنبية.
من الممكن ان لا يتوقف المرء كثيرا أمام أرقام الميزانية الأميركية في ظل اجتياح كورونا للعالم، وللولايات المتحدة خصوصا، من حيث حجم الإصابات، وهي الأعلى نسبة في العالم, لكن ان يصدر عن الرئيس المنتهية ولايته ان المشروع- (الموازنة قبل توقيعها)-, خصص مبالغ مالية ضخمة لمصالح خاصة ومشاريع ثقافية ومساعدات أجنبية. يستدعي التوقف, سيما وان هناك موازنة من ضمن الموازنة لتمويل عمل الحكومة الاميركية في السنة المالية "لمواجهة النفوذ الروسي وقيمتها"290 مليون دولار .ومحاولات زرع عدم الثقة في المؤسسات الديمقراطية في جميع أنحاء العالم"، ويدور الحديث على وجه الخصوص عن تخصيص أموال لتشغيل المحطتين الإذاعيتين "صوت أميركا" و"ليبرتي/أوروبا الحرة"، الممولتين من قبل ميزانية الدولة الأميركية. وأخرى مخصصة "لمواجهة نفوذ الصين"، وقيمتها 300 مليون دولار كما تتحدث الوثائق أيضا عن الأموال التي ستذهب إلى "برامج تعزيز قدرة إنفاذ القانون وقوات الأمن في أوروبا وأورآسيا وآسيا الوسطى، وتعزيز التعاون في مجال الأمن".
كما جري تخصيص أموال من ميزانية الولايات المتحدة "لدعم برامج تطوير الديمقراطية في الاتحاد الروسي، ودول أخرى في أوروبا وأورآسيا وآسيا الوسطى، بما في ذلك تعزيز الحرية على الإنترنت". وليس ضمنها عمليات "تمويل وسائل اعلام"، التي خصصت لها موازنات حصرية أخرى بملايين الدولارات، لـ "تعزيز الديمقراطية والمجتمع المدني ".
اذن، العالم ولاسيما اوروبا الشرقية وآسيا الوسطى، ينتظرها برامج من التحريض، وعلى وجه الخصوص روسيا والصين، وبالطبع فان البرامج التحريضية التي تستهدف الساحات العربية الرافضة للتطبيع ستلحظ لها زيادة في عملية شيطنة قادة وقوى، ضمن الحرب السياسية والأمنية والاقتصادية، والثقافية في الجوهر, وتشمل عملية التمويل وسائل إعلام عربية ومعاهد فكرية ومواقع إسلامية بهدف دعم الاسلام "المعتدل"المصنع في الغرف الغربية السوداء، في مواجهة الإسلام "الراديكالي"- اي الرافض والمواجه لسياسة التغريب والتشويه. ولكل بلد أهداف واساليب، ولبنان من بين تلك الدول، لا بل في رأس سلم الاولويات في المنطقة .ولكن ليس معلنا حتى الساعة, اذا كانت موازنة الحكومة الاميركية تتضمن رسميا تمويل حملات تشويه وتضليل وشيطنة لكل من يرفض "الاقدار" الاميركية، او تعلن لاحقا، كما كشف سابقا جيفري فيلتمان انه تم تخصيص 500 مليون دولار لتشويه صورة السيد حسن نصرالله، او كما كشف ديفيد هيل امام الكونغرس بأن الولايات المتحدة صرفت عشرة مليارات دولار على "ثوار" 17 تشرين اول 2019 في اقل من سنة.
حسب مطلعين على حقائق ترتبط بادارة الحملات الاميركية، فان مبالغ "فريش ماني"توزع على جهات حزبية، وشخصيات دينية وجمعيات أهلية انشئت بعد 17 تشرين فضلا عن مؤسسات، او بالاحرى شركات إعلامية من محطات تلفزة، وإذاعات وصحف الى جانب مواقع الكترونية، من غير جيوش الذباب -وطبعا الاخيرة لها موازنات مختلفة وفق المهام، والارتباط الخيطي والعنقودي ويكشف هؤلاء,ان واشنطن تنوي زيادة المبلغ لاستهداف الاعلام الاخباري العربي عموما، واللبناني خصوصا ،الى جانب تفريخ منظمات مجتمع مدني بوجوه جديدة, بعد ان احترقت وجوه لم يكن في الحسبان انها ستكون سريعة العطب، او انها تسعى للاثراء سريعا .
لقد توقفت جهات مختصة مليا أمام زيارة 4 سفراء غربيين لشخصية دينية يفترض انها مؤقتة، سيما ان الزيارات المتتابعة ركزت على استعداد للتمويل المباشر شريطة ان تعمل تلك الشخصية على استقطاب مجموعات شبابية يكون لها منبر إعلامي, تروج من خلاله على الزمن المتغير، وأن الوقت حان للتطبيع مع الكيان الصهيوني، مستدلة ان هناك محطات تعمل حاليا في هذا السياق، وكذلك هناك إعلاميون وسياسيون "مرموقون" باتوا من ضمن المنظومة التي يجري إعدادها للمستقبل، اي بمعنى اخر لاستلام السلطة في المرحلة المقبلة, سواء بانتخابات نيابية، او بغيرها .
من الواضح ان تمادي بعض وسائل الاعلام التي تروج للمشروع الاميركي المستجد, عنوانه المال, ومثاله الأعلى "من تزوج امي اناديه عمي "، وليس مهما مصير البلد الذي يكتبون ويبثون باسمه كل يوم ملاحم عن الفساد، فيما تحرك الاحقاد، وقلة المناعة الوطنية عند جهات وشخصيات وجمعيات، يرتضون أن يكونوا بيادق على رقعة المفسدين في الأرض .