حروب أردوغان المقبلة واحتمالات الصدام مع مصر ـ فادي عيد وهيب

السبت 19 كانون الأول , 2020 11:09 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

نوعان من الحروب يخوضها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الأولى للحفاظ على السلطة وإستعادة الخلافة العثمانية، والثانية حروب يخوضها لإنهاك الجيش بصفة مستمرة كي ينشغل عن ما يحدث في الداخل التركي تماما، وكي لا يتكرر ما حدث ليل منتصف تموز/يوليو2016م مجددا.
وهناك ثلاث حروب رئيسية صنعها أردوغان بصحبة مدير مخابراته هاكان فيدان ووزير داخليته الأسبق أفكان علاء، لضمان أستمرارية أردوغان وحزبه في التفرد بالسلطة، فجاءت حربه الأولى لتصفية ما أسماه الكيان الموازي، والثانية ضد العراق الكردي، والثالثة ضد حركة فتح الله جولن، وقد خرج أردوغان من جميع هذه الحروب منتصرًا، ليستعد اليوم لخوض حرب موسعة في ليبيا، وحينها ستكون الأمور مختلفة عن أي معركة سابقة، لأن الميدان الليبي يعني مواجهة مباشرة ضد مصر، وهو الاتجاه الذي يدفع فيه الانجلو - أميركي، والذي أعطى ضوءاً أخضر للتركي للتبجح في ليبيا، وفي نفس الوقت يرغب في إستنزاف مصر عسكريا عبر الصدام المباشر مع تركيا، في صنع حرب أشبه بالحرب الخليجية الأولى بين إيران والعراق، والتي أراد منها المعسكر الغربي، استنزاف الطرفين معاً.
ولأن القاهرة تدرك ذلك جيدا، أستعدت مصر بكل قوة كي تكون جاهزة للرد وليس للبدء، وأن يكون تحركها وسط تحالف دولي وإقليمي وليس بمفردها، فنجحت مصر في تشكيل تحالف جاد بعيدا عن الاميركي والروسي اللذين لم يعودا حلفاء لأحد في الإقليم، وتجلى هذا التحالف عبر مناورات "ميدوزا"10 التي جاءت للمرة الأولى بمشاركة فرنسا والإمارات، بعد أن كانت مقتصرة على مصر واليونان وقبرص فقط.
في الجهة المقابلة ذهبت تركيا تبحث عن حليف جديد، فأستغلت الضغوط الخليجية على رئيس وزراء باكستان عمران خان للتطبيع مع إسرائيل من جانب (برغم التواصل القوي السري بين عمران خان وتل أبيب عبر مستشاره سيد بخاري وليس عبر أمراء الخليج)، وتجدد صراعه مع الهند من جانب أخر، ومدت جيشه بطائرات البيراقدار وغيرها من المعلومات الهامة، كي تنجح تركيا في إستقدام باكستان في أخطر ملفين تتفاعل فيهما تركيا إلا وهما شرق المتوسط وليبيا، فعقدت مع باكستان مناورات في شرق المتوسط، ونسقت عبر سفيرها في طرابلس سيرحات أكسين ترتيب اجتماعات المعلن منها والسري بين الجيش الباكستاني وقادة مليشيات حكومة الصخيرات، الأمر الذي جعل اليونان تتجه للتحالف مع الهند نكاية في التحرك الباكستاني بالقرب من بحر إيجة.
 بينما لم تثمر إجتماعات الفرقاء الليبيين برعاية الأمم المتحدة طوال الفترة السابقة عن شئ، إلا تحضير الميدان الليبي للمعركة الكبرى، بعد أن أصبحت تركيا هي المستفيد الأكبر والمستغل الأفضل لما يحدث في ليبيا منذ توقيع إتفاق برلين وحتى الأن، فلم تأت الاجتماعات التي حصلت بين الفرقاء الليبيين هنا والإبتسامات الصفراء بينهم هناك أي جدوى، وهو ما يعزز فرص الصدام بين تركيا ومصر، وهو ما يمثل فرصة جديدة لأردوغان الذي يبحث عن معركة جديدة كي يتم إشغال الجيش التركي في الجبهات التي تفتح عليه كل يوم بكل بقعة مختلفة بمنطقة الشرق الأوسط والقوقاز.
كعادته يبحث الرئيس التركي أردوغان عن تفجير النزاعات والحروب في كل مكان، بعد أن أكد نظام "حزب العدالة والتنمية" الحاكم في تركيا أنه لا يستطيع العيش من دون الدخول في حرب جديدة كحال دولة الإحتلال "الإسرائيلي"، فالرئيس التركي يقوم بإلهاء جيش بلاده بحروب متنوعة خشية من أن ينقلب عليه مجددا، ونذكركم بكم العمليات التي شنها أردوغان ضد الاكراد في أخر ثلاث أعوام فقط.
لذلك باتت حاجة أردوغان للدخول في أي حرب أهم من تحقيق النصر نفسه، فالوضع السياسي في تركيا غير مستقر كحال الليرة التركية، والأمور تنقلب ضد أردوغان مع مرور الوقت، لذلك من الضروري إشغال الجيش طوال الوقت بحروب خارجية.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل