عسكرة الفضاء مع النووي .. اوروبا ضحية اميركا ـ يونس عودة

الثلاثاء 15 كانون الأول , 2020 07:56 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

بينما ينشغل الاميركيون على المستوى الداخلي في عملية تسليم البيت الابيض للادارة الجديدة برئاسة جو بايدن في ظل تشبث الرئيس دونالد ترامب باذيال السلطة حت اللحظة الاخيرة، مع محاولة تطويل الامر ما امكن ,والاصرار على انه الفائز بسبب "التزوير" والتلاعب في الاصوات، الا ان برامج الدولة الاميركية العميقة مستمرة على حالها في الايقاع الاستعماري, على الارض، وكذلك في الفضاء, ولذلك تستبعد روسيا "العدو" اللدود لاميركا، أن تشهد العلاقات الثنائية بين روسيا والولايات المتحدة تغييراً كبيرا مع قدوم رئيس جديد محتمل إلى البيت الأبيض. وهذا الامر عكسه تقييم المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، علاقات بلادها مع الولايات المتحدة في ضوء التغيير المحتمل في الرئاسة الأميركية, قائلة: إن "موسكو ليست مهمتة بالشخصيات، بل بالتعاون الثنائي في القضايا العالمية". و"للأسف، تغيير المشاركين في العمليات الانتخابية في الولايات المتحدة، وتغيير الأشخاص في البيت الأبيض، لا نرى فيه أي شيء جذري من حيث تحسين العلاقات الثنائية".
ان عسكرة الفضاء, لم تعد مسألة نظرية، وهي واقعيا حاصلة منذ وضع الاقمار الصناعية في خدمة الاغراض العسكرية ولا سيما الحروب، فالولايات المتحدة تريد الامر احتكارا خاصا لبقاء الهيمنة، والتحكم بمسارات الامور، ولذلك تملصت واشنطن اولا من اتفاقية الحد من الاسلحة الاستراتيجية, ويتنامى الموقف الرافض للاتفاق على منع الحروب النووية وهي الفكرة التي روج لها المبعوث الخاص للرئيس الأميركي لشؤون الحد من التسلح، مارشال بيلينغسلي، بأنه لا ينبغي لأي زعيم أميركي في المستقبل التوقيع على بيان مشترك مع روسيا بشأن عدم جواز شن حرب نووية. وذريعة المبعوث الخاص للبيت الأبيض، "إن الخطط العسكرية الروسية لـ "غزو أراضي الناتو" تنص على توجيه ضربة واستسلام الحلف دون رد".
لطالما كررت روسيا انها تعارض وضع أسلحة في الفضاء, وانها لن تكون ابدا البادئة بحرب نووية, وهذا الموقف عبر عنه اكثر من مرة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الا ان ذلك لا يعني ان روسيا لن تدافع عن نفسها -وهي قادرة طبعا- برد الصاع مضاعفا, في حال وصل الجنون الاميركي الى حد استخدام السلاح النووي، وهي بكل الاحوال تقوم بانشاء اجراءات رادعة,على مستويات مختلفة لا سيما في ضوء ما يصدر عن المسؤولين الاميركيين، وليس آخرها على المستوى الفضائي ما اعلنته وزارة الدفاع الاميركية العام الماضي عن تشكيل قوة فضائية، وقد صرح الرئيس دونالد ترامب وفي حفل تأسيسها بوضوح بأن "الولايات المتحدة تعتبر الفضاء منذ الآن مسرحا محتملا للعمليات الحربية"، وقال: "هيمنتنا في الفضاء، لن تكون أبدا موضع شك". وهذا يعني استعدادا لمرحلة مقبلة سيكون الفضاء مسرحا للعمليات العسكرية تبدأ بعدوان اميركي، ويمكن ان تتذرع واشنطن بانه حصل عن طريق الخطأ, سيما ان مفهوم الضربة الاستباقية، موجود بالفعل في العقيدة النووية الأمريكية. 
ليس هذا فحسب، فالولايات المتحدة نفذت تجارب في المسرح الفضائي، وسط حربها النفسية من خلال اطلاق المكوك الصغير السريBoeing X-37، اكثر من مرة ربما ليس اخرها في ايار الماضي- 2020-، من قاعدة كيب كانافيرال.X-37، وهذا المكوك ليس قادرا فقط على المناورة، إنما ومؤهل لاعتراض الأقمار الصناعية، وتوجيه ضربات من الفضاء.
لقد فتحت الولايات المتحدة سباق التسلح في الفضاء, وتأخذ على اي دولة ما تتخذه من اجراءات حماية من اي عدوان اميركي محتمل، ولذلك اتهم رئيس المخابرات القومية الأميركية، جون راتكليف، روسيا بـ "سلوك استفزازي" في الفضاء، يهدد مصالح أميركا. متذرعا بأن موسكو اطلقت جهازا بدأ بالمناورة بالقرب من قمر صناعي أميركي حكومي. مشيراً إلى أن روسيا سبق أن أطلقت مثل هذا الجهاز. وهذا الجهاز، ووفقا لتقديرات الولايات المتحدة، يتمتع بخصائص سلاح فضائي. ولذلك يتستر الأميركيون خلف تصريحاتهم، ويعمدون الى وضع أسلحة في الفضاء. ويرى الخبير العسكري الروسي وهو رئيس تحرير مجلة "ترسانة الوطن، أليكسي ليونكوف،إن الهدف من مثل هذه التصريحات هو الوصول إلى نشر أسلحة نووية، وإن يكن في القواعد الأميركية، إنما في أوروبا. "وقد جرى الحديث في تقرير "الناتو 2030" عن خطط الحلف لتجاوز الإجراءات في الفضاء الأوروبي. وأن العدو الرئيس هو روسيا". 
الولايات المتحدة سوف تواصل تخويف الاوروبيين، وابتزازهم، كلما تقدموا خطوة في الانفتاح نحو روسيا، او الصين، ولو على حساب اوروبا ومصالح شعوبها، وهي بالاندفاع نحو نشر اسلحة نووية في اوروبا - وبعضها اصلا موجود, تدفع الدول الاوروبية لتكون الكبش او المحرقة بحد ذاتها، على وهم ان اراضيها ستكون بعيدة عن مسرح العمليات.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل