أقلام الثبات
مناورة "سيف العرب" التي تجري في مصر، بمشاركة ست دول عربية هي: السعودية والإمارات والبحرين والسودان والأردن، إضافة الى مصر، خلال الفترة من 17 وحتى 26 من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، هذه المناورة لصليل السيوف العربية، هي لخمس دول على علاقة تطبيع مع "إسرائيل"، فيما الدولة السادسة التي هي مملكة آل سعود تستقبل بالتزامن معها رئيس وزراء العدو يرافقه رئيس الموساد، بحضور عرَّاب التطبيعات الأخيرة مايك بومبيو، دون عراضة لرقصة السيف السعودي التي اعتادت المملكة استقبال أسيادها الأميركيين بها، لأن هذا السيف يشتغل للتطبيع تحت الطاولة وساعة الصفر لإعلانه يُفترض أن تكون بعد أن يموت ملِك ويعيش ملِك، ولأن سلمان من جيل القمم العربية الكلامية ومتمسِّك -على الورق- بالمبادرة العربية لعام 2002، بينما ولي عهده محمد من جماعة التطبيع الوقِح، في زمن تمزُّق الجسم العربي الذي بات كما أشلاء اليمن على وقع إجرام سيف العرب والأيادي العميلة.
وهذا التزامن لمناورة سيف ورقصة آخر، يأتي تحديداً على وقع الصفعة الكبرى التي تلقاها دونالد ترامب في الإنتخابات الرئاسية الأميركية، والمصيبة جمعت ثلاثة في مدينة "نيوم" السعودية، يشكِّلون واجهة مُثلَّث إدارة الإرهاب في الشرق الأوسط: مايك بومبيو ممثِّل اليمين المتطرِّف في الحزب الجمهوري الأميركي الرافض لواقع الهزيمة، وبنيامين نتانياهو الليكودي العدواني الذي يُقدِّم له "عرب الإعتدال" فلسطين على طبقٍ من ذهب، وفُتحت أمامه أسواق الإستثمار الخليجية، والثالث هو جناح محمد بن سلمان في القيادة السعودية التي تنتظر موت الملِك على أن يكون وليّ عهده الحالي هو ملِك التطبيع.
وإذا كانت مناورة سيف العرب هدفها الوحيد الأوحد هي إيران، فإن نتانياهو استطاع تسويق "الخطر الإيراني" على كيانه وعلى كيانات نواطير النفط الخليجي لدى بن سلمان، بحضور العراب الأميركي بصفته الوكيل لتحصيل ما تيسَّر من تفليسة ترامب قبل الرحيل، في استباقٍ لدخول جو بايدن البيت الأبيض، خصوصاً أن الأسماء المطروحة لفريق عمله الحكومي يبدو أنها وسطيّة التوجُّه في السياسات الخارجية، من وزير خارجية يؤمن بحلّ الدولتين، الى شخصيّ وزير الدفاع ومسشار الأمن القومي اللذين يبدو أنهما بعيدان عن التهوُّر والمغامرة، خصوصاً أن الوضع الأميركي المحكوم بجائحة كورونا وكارثة الإقتصاد، يفرض على بايدن الإنكباب على الشأن الداخلي لترميم ما دمَّرته رعونة ترامب.
وحيث أن حملة ترامب قد ترنَّحت أمام المحاكم الفيدرالية، نتيجة رفض معظم الدعاوى التي تقدَّمت بها، وأعلنت كبرى وسائل الإعلام أن الرئيس الأميركي قد استسلم لواقع الخسارة، وأعطى منذ نحو 24 ساعة تعليمات الى دائرة الخدمات العامة لبدء عملية انتقال السلطة الى جو بايدن وفريق عمله، ولأن بايدن سيكون مجبراً على الإنكفاء عن الملفات السياسة الخارجية المكلِفة للولايات المتحدة، لا بل أعلن العودة الى المعاهدات والإتفاقيات التي نقضها ترامب خلال ولايته، فإن المؤشرات الإقليمية تبدو، أن إيران التي ضاعفت مخزونها النووي من اليورانيوم المُخصَّب نحو عشرين ضعفاً، تبدو أنها الأقوى على أية طاولة تفاوض، وأن الحديث عن أي عدوان عليها من نسج الوهَم، لأنه سوف يُدمِّر آبار النفط الخليجية والمنشآت الحيوية الإسرائيلية، وتبقى مناورات سيف العرب لعربان العمالة حرب طبولٍ فارغة على إيران، ويبقى السيف السعودي ينتظر أربع سنوات لعودة "طويل العمر دونالد ترامب"، او أي شبيه له من عالم مجانين الكاوبوي ...