أقلام الثبات
أصغر قرية أميركية على الحدود مع كندا، عدد سكانها 12 نسمة وعدد ناخبيها خمسة، هي أول قلم إقتراع أعلن نتيجة الإنتخابات الرئاسية، ومثل هذه القرية، أهم عند دونالد ترامب وجو بايدن من كل لبنان، وولاية بنسلفانيا المُتنازع على نتائجها، تساوي في الحسابات الأميركية كل الشرق الأوسط بما فيه العالم العربي، وفي لبنان، نجحنا في تأجيل التشكيل الحكومي لما بعد الإنتخابات الأميركية، ونحن لسنا أكثر من رقم على هامش قرار الغرف السوداء في البيت الأبيض، بصرف النظر عن شخص ترامب أو بايدن!!
نقول هذا، لأن الشعب اللبناني يتحمَّس كما كل الدول النامية النائمة عن مصائبها، ونُتابع بحماقة نتائج الإنتخابات الأميركية، تماماً كما تفعل جماهير كرة القدم في كل مونديال، بحيث "يتخابط" جمهور البرازيل مع الجمهور الألماني في الشوارع اللبنانية، و"مونديال البيت الأبيض" يتميَّز في لبنان عن سائر البلدان، لأن الشعب بات ينتظر بارقة أمل حتى من دولة اقترن إسمها بكل الويلات التي تتساقط علينا، سواء كان الرئيس من الحزب الجمهوري أو من الديمقراطي.
نعم، نحن في لبنان نعيش العيب دون عيب، عندما يتباهى أهل السياسة والإعلام أن حكومتنا لن تتشكل قبل الإنتخابات الأميركية، وأن التكليف تمّ لإرضاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لكن التأليف يجب أن ينتظر الرئيس القادم الى عرش أميركا، لدرجة، أننا بتنا جمهورية موز أدنى من هندوراس في مطلع القرن العشرين، لأن هندوراس كان يأمرها "كاوبوي" أميركي واحد لتزرع له الموز، بينما نحن يأمرنا كل غريب سواء في الإقليم أو العالم، ولا حياء عند معظم طبقتنا السياسية ولا دماء وطنية في عروق شعبنا.
لم يعُد مجدياً التنويه بحلفاء المقاومة ومؤيديّ العهد، طالما أنهم دخلوا المعركة السياسية بأسلحة دفاعية، وباتت الوجوه الفاسدة هي التي تُهاجم، وهي التي تنتقد، وهي التي تهتمّ بتدوير الزوايا لإستيلاد جنين الرئيس سعد الحريري قيصرياً، هذا الجنين الهجين الذي يتقاسمون أجزاءه بطريقة تُقارب الإجرام، على قاعدة إذا كانت وزارة الأشغال من حصَّة فُلان، فيجب أن تكون وزارة الصحة من حصَّة علتان !
وزارة الصحة..دخلت أيضاً في المزاد رغم أنها الأشغال الشاقة بحدِّ ذاتها، ولم يعُد الشعب اللبناني خائفاً من الكورونا التي لن يجد مستشفى تستقبله في حال الإصابة بها، بل أن الحالات الإستشفائية العادية باتت تخضع لنظام إنضباط الكورونا وحياة المرضى باتت رهينة تدوير الزوايا حتى القبر.
تنتهي جولة الرئاسة الأميركية التي نعيش أسرى لها، والباقي من عهد الرئاسة اللبنانية الحالية سنتان، ونحن ندور في دوامة البحث عن الجهة التي تتبنَّانا ولكن، لا الطائف سيعود بنا الى الوراء ولا الدوحة، ولا باريس التي حشرت أنفها في تفاهاتنا هي الحلّ، بل الحلّ في لبنان شرط أن يتخلى العهد وحلفاؤه عن سياسة الدفاع ويُقدمون على التطهير السياسي والإداري، ولو أنه فات الأوان على وطنٍ قاصر ينتظر المَنَّ والسلوى من نحت أقدام الآخرين، وآخرهم ترامب وبايدن !!!